** عندما كنت أعاتب مدير \"السوبر ماركت\" القريب من بيتنا، على الزيادات الغريبة في أسعار عدد من المواد التموينية والغذائية في محله ومنها السكر، والمنظفات مثل الشامبوهات والكلوركس وغيرها، وهي بالمناسبة مما لا يستغني عنه بيت الغني ومتوسط الحال والفقير جميعاً.. أقول عندما كنت أعاتب صاحبنا، رد عليّ بثقة واعتداد، بأن المسؤول عن هذه الزيادات هو السيد المورد واخوه المصنِّع.. وكأنه \"يزحلق\" المسائل الى أولئك الكبار، بعيداً عن متجره الصغير!! ** الناس - في معظمهم - مذهولون مرتين، مرة بالارتفاع الجنوني للأسعار، الذي صعقهم قبل عدة شهور، ومرة اخرى باستمرار الزيادات تارة في هذه البضاعة، واخرى في تلك، وبأسلوب احترافي ماكر، بواقع ريال او ريالين في كل مرة، حتى إذا ما مرت عدة أشهر وجدت أن السلعة الواحدة قد زادت قرابة ال 100% ولا حول ولا قوة إلا بالله. ** لن نطلب هنا من وزارة التجارة، ولا من ادارة حماية المستهلك التدخل، والسبب انه قد بحت أصوات الكثيرين ونحن منهم، عندما كنا ندعوهما الى التدخل، وفرض سلطتهما على التجار الكبار تحديداً، وعلى أصحاب المصانع الذين يبدو انهم يحركون الاسعار على مزاجهم، ويرفعون أثمان السلع وفق ما يروق لهم، بعد ان قرأوا فيما يبدو الجهات الرسمية المسؤولة قراءة جيدة، كما يفعل مدرب كرة القدم الذكي عندما يقرأ الفريق المنافس، فيحقق الفوز لفريقه من أقصر الطرق!! ** أصوات الناس \"الغلابة\" وأود هنا حقيقة أن أنقل طرفاً منها الى وزارة التجارة لعلها تسمع، يقولون عندما يأتي الحديث في المجالس العامة عن الأسعار، يقولون: \"ما عندك أحد\" وهذا تعبير محلي له معناه، وله مدلوله، وأظن المسؤولين في وزارة التجارة يعرفون معنى العبارة تماماً.. ويعرفون حجم اليأس والتشاؤم الذي تحمله، ومقدار الأمل الضئيل في اي دور كبير، يمكن ان يتم للعودة بالأسعار الى معدلاتها العالمية، خصوصاً بعد تهاوي قلاع الاقتصاد العالمي في كل الدنيا، ونزول الأسعار الى اسفل سافلين الا عندنا هنا!! ** الناس في الواقع يمكن أن تستشف منهم ككاتب أو صحفي أو حتى مستمع عادي، ما يدور في حياتهم، وما هي احلامهم، وأين وصل يأسهم.. ولذلك فإن جحيم الاسعار المتواصل عندنا، انما يشكل مشكلة حقيقية، يكتوي بنارها الجميع، فيما التجار الكبار تحديداً في أبراجهم العاجية، لا يهم الواحد منهم غير ارتفاع مدخولاتهم يوماً بعد يوم، حتى ولو كان على حساب الطبقة الكادحة من اخوانهم المواطنين والمستهلكين!! ** ذات مرة قلت ان تجارنا يعرفون (طريق) ارتفاع الاسعار، ولا يفهمون طريق نزول الاسعار، وعندما عم الغلاء، وارتفاع الأسعار العالم كله، تأثرت أسواقنا بالحالة العالمية، كان طبيعيا تفهمنا نحن هنا وعرفنا أسبابه.. لكن عندما حدثت كارثة ترنح الاقتصاد العالمي، وما عرف بالأزمة الاقتصادية العالمية، التي بلغت - فيما قرأنا - اغلاق شركات عملاقة لأبوابها، وتسريح الألوف من عمالها، لم نلاحظ هنا في أسواقنا ردة الفعل، تماماً كما حدث في حكاية ارتفاع الأسعار العالمية التي سبقتها!! ** حتى تأكدت أمام عيوننا فعلاً حقيقة أن تجارنا شطار في تلمس طريق ارتفاع الاسعار، والعكس تماماً في حال تراجع الأسعار في العالم كله، الأمر الذي يجعلنا نرفع عشرات علامات الاستفهام ليس أمام تجارنا، الذين يبدو أنهم وضعوا في اذن طيناً، وفي الأخرى عجيناً، ولكن قبل ذلك أمام وزارة التجارة.