كيف نعبر عن الفشل؟ وعندما تظهر علاماته لماذا تظهر علينا علامات الحيرة والخيبة؟ هل لدينا الجواد الذي نسايسه حتى نمتطيه كلما تصورنا أن الفشل قادم إلينا أو قدم إلينا وانتهى؟! هل لدينا العصا التي إن تناولنا طرفها نهضنا وهجرنا الاغتراب عن الفشل والخوف منه؟ هل فكرنا أن نرحب بالفشل وندعو إليه ونتقبله لا نقبله؟ هل فكرنا أن نستغل الفشل بدلا من استغلاله لنا؟ هل فكرنا أن نقلب التفكير ونقلب بعدنا الثقافي عن الفشل ونظرتنا إليه وإلى الحياة والمواقف والناس والأعمال الفاشلة؟ هل فكرنا أن نستمتع بلحظات الفشل ونجعلها العربة التي تقودنا إلى أسمى مراتب التغيير الذي نطمح إليه بل ونحلم به؟ جوانب التغيير التي تطلبها حياتنا كثيرة ومتنوعة تغيير في الدين إلى الصلاح.. تغيير في الخلق إلى الأسمى.. تغيير في التعليم.. تغيير في التفكير.. تغيير في العمل.. تغيير في السلوك.. الإنسان اليوم يستقبل من داخل نفسه ومن خارجها نبضا وموجا كونيا ناطقا بلغة العلم ولغة المعرفة والانفتاح على عصر ومن لا يستقبل هذه الموجات ويتفاعل معها ويعمل من خلال ضوئها سوف يبقى سجينا وإن قرأ كل ما في العالم من ثراء مكتبي لأنه قد يتحول بذهنه وعقله وفكره في الحياة إلى مجموعة صبية مشاغبين في شارع مظلم.. والقدم الخائفة من خطوات الفشل لن تستطيع الوصول إلى البيت الذي يجاورها.. لذا نتساءل هل يمكن أن نستمتع بلحظات الفشل ونطلبها ونرى فيها متعة لا تقل قدرا من متعة النجاح ربما إن اعترفنا به كما نعترف غريزيا بالنجاح صار سلما لنجاحات أكثر وأكبر.. وربما إن أصدرنا هديلا من أصواتنا سوف ينهض من صمته ويقابلنا بصوت شجي كصوتنا فنحرر أنفسنا من تسلطه وقهره.. وأنت عائد إلى بيتك بعد عمل فاشل قمت به وآلمك هل أغلقت المدينة شوارعها في طريقك؟ هل أغلق بيتك أبوابه ومنافذه ولن يفتحها أبدا؟ هل سيمتنع الفجر من البلوج ويتأخر غدا عن الحضور؟ لم نسمع أن ظلاما حل بإنسان وصار نهاره ليلا لأنه فشل! لم نسمع أن إنسانا لم يمش لأنه تعثر كثيرا وهو طفل! نمر في حياتنا بمواقف نتعرض لها وتسهم في الحد من تطلعاتنا إذا ما أتت على غير ما نتوقع أو نريد فنشعر بعدها بالفشل وتظهر علينا بوادره ونحاط بهالة من الأوهام والأحلام ونحزن ويقبض علينا الإحباط بمخالبه الحادة التي تغور في دمائنا فنشعر بعالم داخلي من الإحساس بأنا صرنا إلى شيء آخر فيصبح الحظ العاثر والظروف السيئة ثيابنا التي تغيب الجمال في نفوسنا ويشتد الألم علينا كلما فكرنا في لحظة الفشل وكيف صارت ولماذا؟ نفشل في فهم بعض المواقف ونفشل في الوصول إلى تفسير مقنع لها وأحيانا نفشل في التصور رغم خبرتنا في الحياة ومعرفتنا بالتاريخ والإنسان..رغم علمنا بحدود القوة والضعف وأثر العدل والجور على ذكرياتنا وأوراقنا.. يتقمصنا من الظنون سحب ومن الجهل بما هو قادم إلينا خيام في واحات واسعة وفي مشاعر زجاجية وفي أذهان ملت منها محاولات الفهم فأعطتها خليطا من الضجر والصبر.. لا نعرف هل نفكر في احتمالات الهزيمة أم في النصر وإن انهزمنا فمن المسئول وإن انتصرنا فكذلك لنجعلها إذن مسافات للشكوك تعيق نظرنا إلى الغد ونتصدى لها بحب وترحيب نحافظ بهما على الطاقة الوردية التي بداخلنا ونواجه بها البيئة المحيطة التي تواجهنا وإن شئنا نجعلها محنا تصنع الرجال والنساء معا..