هل حدث وأن فكرنا في العودة إلى الوراء واسترجاع لحظة من آلاف اللحظات التي نعيشها بكل حيثياتها وتفاصيلها؟! أم أننا من أنصار "لا تسألني عن الماضي" فقد ولّى وانتهى؟! بعضنا يفضل ألا يتحدث عن ماضيه بتاتاً فالكلمة – أي الماضي- بحد ذاتها بالنسبة إليه ترمز إلى كل ما هو سيئ وينبغي محوه، أو أنها توازي الألم وتعيده لذكريات ردمها بتراب النسيان، في المقابل هناك من لا يشغل الأمر حيز اهتمامه، فيما يحفظ البعض الآخر وعن ظهر قلب كتاب حياته وما حدث فيها من مواقف وأحداث، ولا يتردد في أن يمضي ليلة أو ليلتين في سرده على مسامعك وهو يترنم ويتراقص أو يقهقه بين الحين والآخر، فيما ترتسم على ملامح وجهك ابتسامةٌ مُجامِلة وأنت تتصبب عرقاً وقد احمرت وجنتاك! وإن كنت في طفولتك من عشاق المسلسل الكرتوني الياباني " ماروكو" ستدرك ما أعنيه بدقة! هذا الاختلاف برأيي يجعل حياتنا بعيدة عن الركود والملل ومليئة بلحظات الإكتشاف الممتعة .. الواحدة تلو الأخرى. قد تحمل لحظات الإكتشاف تلك الكثير من الحقائق التي تؤثر على مستقبلنا من نواحي عدة، تستثير فينا مجموعة كبيرة من الإنفعالات المتسارعة لدرجة تجعلنا نعجز عن إدراكها دفعة واحدة تلك اللحظة، كأن تحمل صدمةً .. فدهشةً .. فألماً أو العكس، لكننا ندركها لاحقاً بعد أن يمضي الموقف وتهدأ انفعلاتنا.. وتبدأ تساؤلاتنا. فنتساءل مثلاً عن السبب وراء إخفاء هذا الشي أو ذاك، مع أن الإنسان منا أحياناً لا يتعمد إخفاء أمر ما في حياته عمن حوله، بل لا يرى أو يؤمن بأهمية ذكره من منطلق أنه لايهم ولن يضيف شيئاً للآخر، ونجد ذلك كثيراً في الرجل أكثر من المرأة. أخيراً، من الجميل أن ندرك بأن من أعظم نعم الله علينا أننا نستطيع كبشر أن نعود لنستحضر حدثاً ما ونشعر بذات الرجفة التي سرت بأجسادنا سواء كان الحدث محزناً او مفرحاً أو نسبق الزمن ونتخيل بأننا حققنا ما نحلم به، وبأننا نملك القدرة على إسقاط الآخرين وتصور أنفسنا مكانهم وفي ظروفهم، ودون هذه النعمة لا أعتقد بأننا قد نتعاطف مع غيرنا أو نطور من أنفسنا أو نعتبر مما حدث في حياتنا. كاتبة إعلامية