في الأسبوع الأخير من رمضان قرأت خبراً عن دراسة عقارية أفادت أن المملكة تحتاج ما بين 95 و125 مليار ريال سنوياً لتوفير ما بين 145 و165 ألف وحدة سكنية سنوياً، حيث تظهر الإحصاءات الحاجة إلى 4.5 ملايين وحدة سكنية خلال الخمس عشرة سنة المقبلة، وقال مستثمرون عقاريون إن نسبة السعوديين الذين لا يملكون منازل خاصة بلغت 70%، وفق آخر إحصاء لمصلحة الإحصاءات العامة. وبغض النظر عن مدى دقة الدراسة من عدمها، فإن الواقع يشير بوضوح إلى وجود زيادة سنوية هائلة في عدد السكان، ومن دون دراسة ولا إحصائية يستطيع أي مواطن في منتصف العمر أن يتلفت حوله ويقارن بين عدد الشباب من الجنسين من أقاربه الآن، وعددهم قبل ثلاثين سنة مثلاً، وسيجد ما أعنيه بهذه الزيادة السكانية الهائلة التي تضغط بقوة على كل قطاع خدمي في البلاد، ابتداء بالتعليم والصحة، ومروراً بالإسكان وما يستدعيه من خدمات وانتهاء بمواقع الترفيه والنزهة، وحتى السير في شوارع المدن. الخبر المشار إليه أعلاه أفاد أن هيئة الخبراء التابعة لمجلس الوزراء قاربت على الانتهاء من دراسة تأسيس وإطلاق هيئة عليا للإسكان والتنمية العقارية ويشارك فيها ممثلون عن عشر جهات حكومية وأهلية من أبرز مهماتها الإشراف على تطبيق وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للإسكان. وهذا لا شك أمر جيد فمن المؤمل أن تتمكن هذه الهيئة من حل مشكلة الإسكان، غير أنه من المفيد للبلاد ولكافة الخدمات الأخرى أن يكون لدينا هيئة عليا لتنظيم النسل، وهو تنظيم مباح شرعاً، لكنه يحتاج إلى هيئة أو جهة تضع خططاً للتوعية بأهميته، وتكريس هذه الأهمية في حياة الناس. نحن مؤمنون بالله، وبأنه جل شأنه يرزق عباده المؤمنين من حيث لا يحتسبون، لكننا أيضاً أمة \"اعقلها وتوكل\" أو هكذا يجب، والتخطيط للمستقبل يحتم علينا أن نختار من وقت مبكر أن نلد ونربي جيلاً فاعلاً منتجاً متعلماً، أو غثاء كغثاء السيل، وإذا كنا نردد دائماً أن الكثرة تغلب الشجاعة، فعلينا أن ندرك أن الكثرة تغلب التخطيط أيضا.