لا أكاد أشرع في فتح صندوق الوريد (الإيميل) أو وارد الرسائل النصية في قلبي (المحمول) إلا وأفاجأ بطوفان الرسائل العشوائية من شركات دعائية ومؤسسات تجارية وجهات أخرى تروج للسخف والتفاهة من تفسير الأحلام إلى التسول التقني المتردي بين نغمات وصور وعروض وهمية تستعطف عقول السذج، وتمتص أموال الناس دون وجه حق، وتبقى شركات الاتصالات في موقع المتفرج والمستفيد الأول من هذا وذاك دون أن تضع حدا لاختراق خصوصيات الناس حتى في مهاجع نومهم! وفي الآونة الأخيرة وجدت رسائل (انشر تؤجر) رواجا كبيرا بين طبقات المجتمع نظرا لما تحمله هذه الرسائل من شحن ديني واستعطاف إنساني لا يفضي إلى أي فائدة ملموسة، وقد استغل العديد من المرضى بحمى الشائعات والأكاذيب هذه التقنية لنشر أحاديث نبوية ترهيبية بعضها ضعيف وموضوع والبعض الآخر مكذوب! وقد وصلني إيميل يوضح أن هناك أحاديث نبوية مشاعة بين الناس وكانت تعلق على أبواب المساجد، وقد اتضح لاحقا أنها غير صحيحة فمنها المكذوب والضعيف والموضوع، هذا عطفا على تحقيق من قبل مراجع دينية موثوقة ويؤخذ بنصحها ويعتد برأيها. والأحاديث كثيرة، ولكن مالفت نظري في أحد المساجد لافتة كتب عليها: عقوبة تارك الصلاة روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة، ست منها في الدنيا، وثلاث عند الموت وثلاث في القبر وثلاث عند خروجه من القبر...... إلخ. وهذا الحديث (موضوع مكذوب) على النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الشيخ محمد بن عثيمين. وهناك من يرسل لك حديثا أو دعاء أو آية ويختمها بقوله: (استحلفك بالله العظيم أن ترسل الرسالة هذه إلى عشرة أشخاص على الأقل، فهذه أمانة في عنقك إلى يوم القيامة) .. ! إنني لا أنفي سذاجة البعض في تصديق كل ما تحمله هذه الرسائل ولا أخفيكم أنني أشتم رائحة لعبة تجارية كبيرة تمارسها شركات الاتصالات بعزفها على الوتر الديني لتنفيض (جيوب) المشتركين.. ويكفي!