الزيارات التي يقوم بها قادة بلادنا لأرجاء الوطن تخلد في الذاكرة وترسخ في الأذهان .. والزيارة الميمونة التي قام بها الملك سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن يرحمه الله لمنطقة الباحة في عام 1374ه أي منذ 56 عاماً خلدت في ذاكرة الأهالي ومازال الذين عاصروا أحداث الزيارة يتذكرونها وكأنها وقعت يوم أمس بل أصبحت تاريخاً في حياتهم يتناقلونها كابراً عن كابر وتزامنت زيارة الملك سعود للباحة في وقت كانت الظروف الحياتية صعبة جداً ليس لسكان الباحة فحسب بل لجميع سكان المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت إذ لم تزدد بعد عائدات البترول وليس هناك موارد دخل جيدة للدولة .. والملك سعود أدرك بفطنته وحنكته التي استمدها من مدرسة مؤسس كيان هذا الوطن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن احتياج الأهالي للأساسيات كالمال والملابس وبالفعل أفاض بسخاء على جميع الأهالي شباباً وشيباناً رجالاً ونساءً حتى الأطفال أيضاً حظوا بعطفه وسخائه وكرمه ومازالت عبارة \" كسوة الملك سعود \" تتردد على ألسنة الأهالي حتى الآن .. وقد استقبلوا مليكهم ذلك الحين بالحب والشوق والسرور وأقاموا له سرادق الاحتفالات بحسب إمكاناتهم الضعيفة والمحدودة .يقول المؤرخ الأستاذ محمد ربيع الغامدي بأن زيارة الملك سعود بدأت بالسوسية تقع في شمال محافظة العقيق .. حيث شهد حفل قبيلة الزُهران وهم من غامد وبعدها حفلة قبيلة بني بشير من زهران . وفي يوم الخميس من 3 من شهر ذي القعدة لعام 1374ه قص شريط افتتاح طريق العقيق – الظفير الذي أنجزته شركة بن لادن حسب مواصفات الطرق سابقاً. وواصل سيره عبر طرق ترابية وعره وضيقة إلى عدد من القرى العقيق ، الباحة ، الظفير ‘ رغدان ،بني ظبيان ، قرى القرن ، بني سالم ، بلجرشي ، بالشهم ، الرهوة ، بني كبير ، رهوة البر ، بني سار ، بني بشير ، بني جندب ، وادي قريش ، المندق.. واستغرقت زياراته –يرحمه الله – ثمانية أيام شملت معظم أنحاء سراة الباحة. ويحدثني والدي – الذي عاصر تلك الزيارة بل شارك أهالي رغدان أفراح الاستقبال والاحتفاء حيث أقاموا حفلاً كبيراً في مكان يسمى حالياً \" العقدة \" ابتهاجاً بالملك وضيوفه الكرام , وسلكت السيارة التي كانت تقل الملك طريقاً وعراً عبر مجرى وادي قوب وحين صعب على السيارة التي كانت تقل الملك يرحمه الله الصعود إلى مقر الحفل سارع عدد من رجالات قرية رغدان بحمل السيارة - والملك بداخلها والذي سر بذلك الموقف الحميمي من الأهالي . وفي الحفل ألقيت القصائد الشعرية والكلمات الخطابية التي تعبر عن مدى فرحة الأهالي بلقاء مليكهم .. بعدها عبر الأهالي عن عظيم فرحتهم بتنظيم العرضة الشعبية وإكرام الملك وضيوفه بوجبة الغداء .إذ اعد المأدبة طباخون مهرة جاءوا من مدينة الطائف خصيصاً لهذه المناسبة . وأفاض الملك سعود على الجميع بكريم سخائه ونبل عطائه بالنقود والكسوة , وودعوا مليكهم ليعود بعدها إلى مقر إقامته بالقرب من الظفير. شكلت تلك الزيارة الميمونة تاريخاً في ذاكرة الأهالي , وإلى الآن حين يأتي الحديث عن تاريخ منطقة الباحة القريب أي قبل نصف قرن يقول المتحدث هل حدثت قبل زيارة الملك سعود أم بعدها ؟ .البعض من أهالي المنطقة أطلقوا على مواليدهم في ذلك العام اسم سعود تيمناً وحباً لمليكهم يرحمه الله.