استقبلت الامة الاسلامية بالامس شهر رمضان المبارك، هذا الشهر الذي انزل الله فيه القران، وجعله نجاة للعباد من النار، ومن كل مايقرب من النار، شهر فيه ليلة خير من عبادة ثلاثة وثلاثون عاماً، يالها من ليلة لايلقاها الا الذين صبروا وذوو الحظ العظيم، اللهم اجعل امة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم من ذوي ذلك الحظ العظيم، الذي يختصر الحياة في عبادة عشرات الاعوام المقبولة، التي تفضي بصاحبها ان شاء الله الى الفردوس الاعلى من الجنة، كما يهل هذا الشهرالكريم على الامة وجسدها مثقل بالجراح، التي لم تندمل بعضها منذ عقود، والبعض الاخرعلى موعد مع الانتكاسة كلما اقترب برؤه، لقد عملت الفرقة والشقاق بين الامة ما لم تعمله الحروب والازمات، حتى انعكس منهج الاقصاء للراى الاخر على كل جوانب حياة الامة، فلم يعد هلال رمضان هلالاً واحداً يراه كل المسلمين، فيصومون شهرهم، ويرونه جميعاً في عجز الشهر ايذانًا بفطرهم، فقد اصبح لكل دولة هلال به يهتدون الى صوم الشهر او افطاره، فهل ساهم في استشراء هذه الخصوصية في رؤية الهلال مساحة الخلاف في طريقة الرؤية الشرعية للهلال، ام مساحة الخلاف في الرؤية السياسية بين الدول، ام مساحة الحرية السيادية التي تحرص كل دولة من دول الامة العربية والاسلامية على الدفاع عنها، ومن التناقضات التي تدعو الى التامل ان هذه المساحات تتلاشى وتتاكل بعد شهرين من ذلك الصراع الفلكي بين الدول الاسلامية والعربية، حين تعلن المملكة العربية السعودية موعد الوقوف بعرفات، وبالتالي ثبات موعد عيد الاضحى وبقية المواعيد والنسك المترتبة على ذلك الاعلان، اليست الاهلة مواقيت للناس يفترض ان يروها جميعًا، ويلتزموا بها جميعاً، ويعملوا بموجبها جميعاً، ان جمع كلمة الامة بحاجة الى الاتفاق اولا على منهج الرؤية الشرعية، فهي في نظري اولى خطوات الطريق الى الاتفاق على ماسواها، فاذا لم تستطع القنوات الفقهية ومجاميع الفقه الاسلامية الاتفاق على منهجية الرؤية الشرعية، فان الامل في الوصول الى كثير من امال ابناء الامة سوف يذهب ادراج الرياح، فالالتقاء عند ثوابت الشريعة امر لايجرح سيادة الدول ولا خصوصياتها الاجتماعية والثقافية والسياسية، ولايمكن ان يتجاوز حدود العبادة، اننا نبتهج بمقدم هذا الشهر الكريم كل عام وننسى او نتناسى مايجب ان نستقبل به هذا الكرم الغامر لهذه الايام المباركة من التسامح مع الاخرين، وتنقية النفس والروح من كل شوائب الحياة المعاصره، ان استقبال هذا الشهر بكل مدرنات الايقاع اليومي للحياة، يتنافى مع قدسية وروحانية رمضان المبارك، ويهدر بركاته، ويحرم المرء من خير كثير في عشره الاولى والوسطى والاخيره، انها ايام مباركة، فالعبادة فيها تختلف عن ما سواها، نسال الله جلت قدرنه ان يمكن المسلمين من صيامه وقيامه، وان يبرئ جراح الامة ويرتق تمزقاتها التي اضحت سمة تميزها بين الامم.