أصبح الحديث عن الزراعة يأخذ مسارا خارجيا.. يجب أن يظل أيضا بمسارات داخلية.. كان وما زال هناك تجاهل من وزارة الزراعة، لكل ما يكتب ويطرح .. تجاهل يعطي مؤشرات.. يقود إلى استنتاجات .. ثم أصبحت وزارة المياه في مسار وزارة الزراعة .. التجاهل والتعتيم ليس حكمة .. تجاهل المياه الجوفية مصيبة.. لهذا التجاهل أسباب ودوافع نجهلها .. التجاهل كارثة وزارية.. حدودها الفشل، ونتائجها قسوة وخيبة.. وزارة ليست عاجزة عن الرد، والتوضيح .. ما هي أبعاد سياستها الزراعية والمائية.. ماذا يعني هذا الغياب والتعتيم؟!.. ادعوا إلى فرض مرحلة تصحيح زراعية ومائية .. مرحلة، تدخل الزراعة فيها إلى غرفة الإنعاش .. يجب استئصال، مع بتر، كل أذرع المخاطر.. مرحلة تصحيح تعيد الأشياء إلى طبيعتها، ولن تعود أبدا، لكن زوال الخطر مهم .. زوال الخطر عن المستقبل جزء من وظائف مرحلة التصحيح .. نحن في مرحلة يجب اقتناص حراكها وإمكانياتها .. اقتناص وميضها العلمي.. تأجيل العمليات الجراحية الزراعية خطير على المستقبل، والأجيال القادمة.. التباهي بالإنجازات المضرة هو الضرر الأعمق .. يجب تفاديه في حسابات وقت وجهد مسيرة الوطن .. مرحلة التصحيح في مجال المياه والزراعة مطلب ملحّ .. هو جزء من قوة استمرار حياتنا على هذه الأرض المباركة.. حتى فصل المياه عن وزارة الزراعة، لا يعني تحقيق حماية الماء .. ولن يعني ذلك، حتى وان رغبنا .. أقترح أن تسمى «وزارة الزراعة والبيئة».. وان تكون المياه الجوفية جزءا من محاور هذه الوزارة .. مسؤولية المياه الجوفية يجب أن تظل مرتبطة بالزراعة.. كجزء من مرحلة التصحيح .. وحتى يكون الأمر مناطا بجهة واحدة .. الزراعة والمياه لصيقان لا يفترقان .. وحتى يكون هناك توازن سهل السيطرة، وسهل تحقيقه، وفق رؤية موحدة بين الزراعة والمياه، كجزء من بيئة لها خصوصية.. من إيجابيات مرحلة التصحيح، فصل مياه التحلية عن بقية الموارد المائية الأخرى .. مياه التحلية صناعة تظل مرتبطة بوزارة الكهرباء، أو تخصص لها وزارة مستقلة، لأهمية هذا المصدر لحياة الأمة ومستقبلها.. من إيجابيات التصحيح، الاهتمام بتغذية المياه الجوفية، لمواجهة احتياجات المستقبل من المياه .. يحمل كاتبكم رؤية لتغذية المياه الجوفية وقد تجاهلتها الوزارات المعنية .. يسعى كاتبكم إلى توثيقها في كتاب .. أتمنى أن يرى النور قبل الممات .. رؤية ستكون أساسا لمشروع وطني كبير، حتى وإن كان على الورق .. في حال تنفيذه، ادعي انه سيكون لصالح البيئة، وتغذية المياه الجوفية .. مشروع لن يقل شأنا عن بناء سور الصين العظيم .. وعن بناء الأهرامات .. سيكون أعظم الانجازات الإنسانية في شبه الجزيرة العربية.. عطاؤه سرمدي لكل الأجيال.. يمكن الاعتماد على أرضنا، وإن كانت جافة .. الزراعة الجافة علم محلي مارسه الآباء.. ليس من حقنا التفريط في هذا العلم ونتائجه، وخبراته التراكمية .. موت أهله دون توثيق لخبراتهم، أشبه بمكتبات تحترق .. هناك مهارات تراثية تعطي حلولا سهلة ونابعة من البيئة.. ما علينا سوى البحث والتوثيق .. قبلها، القناعة بهذا الموروث كأساس لحل رشيد.. مرحلة التصحيح تحتاج إلى فرق علمية متخصصة .. تشخّص المشاكل .. تحدد الاحتياجات .. تطرح الحلول وفق رؤية واضحة للبناء والتحدي، مع القناعة بأن الميئوس منه يمكن التعامل والتعايش معه .. على وزارة الزراعة الخروج برأيها ورؤيتها واستراتيجيتها وخططها وبرامجها.. رؤية الوزارة غير واضحة.. نسأل: ما استراتيجية وزارة الزراعة ؟!.. أهم خطوات التصحيح جعل الجامعات السعودية جزءا من مرحلة التصحيح .. الجامعات قادرة على حل كل المشاكل من خلال البحث العلمي.. الجامعات هي مصدر العلم والتغيير.. لا يمكن أن تنجح وزارة الزراعة إذا حاولت اخذ دور الجامعات وضمه تحت مظلتها.. الجامعات خاصة الكليات المعنية يجب أن تكون مسئولة عن مرحلة التصحيح، وبدور فاعل في التغيير.. يبقى دور وزارة الزراعة في التمويل والمراقبة والإشراف على بقاء الرؤية، وتنفيذ الاستراتيجيات المرسومة، عن طريق خطط وبرامج تنفذها الجامعات.. وان تصبح هياكل الإرشاد الزراعي، تابعة للجامعات، وجزء من دورها لخدمة المجتمع .. هناك كلام كثير، أغلى من الذهب.. لكن، لن يكون أغلى من الماء.