أستمع بين الحين والآخر إلى صوت مذيع رائع اسمه \"محمد العمري\" لأول مرة أسمع اسمه وصوته منذ بضعة أشهر، منذ أن أصبحت مداوماً على سماع إذاعة البرنامج الثاني من جدة، وأنا لا أعرفه شخصياً ولا معلومات لدي عنه، ولا أدري عنه، ولا أدري إن كان قديماً أو جديداً، لكون أن صوته وأداءه ولغته، تأسر وتطرب وتعطي أهمية إضافية لما يقرأ، وهو لا يقرأ سوى نشرات الأخبار كما أعرف، ولا أدري إن كان له برامج أخرى أم لا، فأنا لا أسمع الإذاعة إلا في مشاويري، لكنني أصبحت حريصا على سماع مواجز الأنباء أو الأخبار بصوته، فهو يذكر كل من يتذكر بالمذيعين الكبار في إذاعة لندن أيام عزها وتفردها، بل وبمذيعينا الرموز أمثال بدر كريم، ومحمد صبيحي، وغالب كامل، وماجد الشبل، وغيرهم الذين لا أعرف ما هي الفلسفة الإدارية التي قاعدتهم أو أبعدتهم، لأنني أعتقد أن الإعلامي لا يتقاعد، وخبرات بهذا المستوى من المفترض أن تعض عليها وزارة الإعلام بالنواجذ، شريطة أن تحرمها من المناصب الإدارية التي تبعدها عن \"الميكرفون\" الإذاعي، أو الشاشة، وأن تمتص دماءها الخبيرة في تدريب الكفاءات الجديدة من الشباب وتأهيلها. إنني أكتب عن \"محمد العمري\" هذا، لأرجو وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة أن يلتفت إليه بالتشجيع والتكريم، وأن يعيد معاليه نجوم الميكرفون والشاشة الذين عرفهم الناس واختفوا إليهما، فأنا أعرف – مثلاً – خالد البيتي، وعدنان صعيدي، وعبده قزان ودلال ضياء، وحامد الغامدي، وسلامة الزيد، وجبريل أبودية وغيرهم ممن لم أعد أسمع أصواتهم أو أشاهدهم إلا في النادر القليل جدا، وهؤلاء مجرد مثال، وإلا فإن هناك كثيرين من جيلهم مازالوا في الوزارة، من الجنسين، والشاشة في كل القنوات والميكرفون في الإذاعتين، يحتاجانهم لأن جمهور المشاهدين والمستمعين أصبحوا يدركون أن المذيع أو المذيعة نصف البرنامج بحضوره وثقافته، وصوته ولغته وأدائه وهؤلاء مؤهلون وجاهزون ويمكن الاستفادة منهم – أيضاً – في تدريب وتأهيل الجدد، بل لا بد أن يكون ذلك جزءا من مهمتهم، ولا بأس من الاستفادة منهم كمستشارين في أمور التنظيم والإشراف لكن بدون مناصب إدارية تبعدهم عن المستمعين والمشاهدين. إن الملاحظ على مذيعي ومذيعات قنوات التلفزيون والإذاعة أن جلهم أو غالبيتهم من الشباب من الجنسين، وهذا لا غبار عليه، بل هو رائع، لكن سيكون أكثر روعة لو كان هؤلاء المخضرمون معهم جنباً إلى جنب كقدوة للجدد في الأداء والثقافة والصوت واللغة، وكمدربين في نفس الوقت لهم. إنني أرجو من معالي الوزير أن يقضي أو يوجد مخرجاً للفلسفة الإدارية التي تقضي على هذه المواهب الفذة بالتقاعد بحجة النظام، فهناك التعاقد، وهناك المكافآت وهناك عشرات الحلول، أو بالتجنيب بسبب عقليات إدارية لا تعرف – ربما قيمة الموهبة، وتظن أنها على قارعة الطريق، وأنا أقول إن موهبة المذيع أو المذيعة أو الصحفي والصحفية \"الإعلامي بصفة عامة\" مثل موهبة \"الشعر\" فهل كل الناس شعراء يا دكتور خوجة؟ لقد قال لي الدكتور عبدالله الشايع مدير إذاعة جدة المكلف في مكالمة سابقة إن لديه نحو مئة وخمسين مذيعا ومذيعة، ومع أنني زرت إذاعة لندن ما غيرها ولم أجد لديها إلا نصف هذا العدد تقريباً بمن فيهم إداريوها وسعاتها ومع أنني أعتقد أن أكثر من نصف العدد الذي قاله الأخ الشايع متعاونون، إلا أنني أخشى أن تكون هذه الزحمة موجودة في إذاعة الرياض وفي قنوات التلفزيون، وتكون حجة لإقصاء القدامى من أجل إتاحة الفرصة، ومع أنني كما قلت أؤيد إتاحة الفرصة للشباب وأدعو إليها، لكن مع استمرار وهج المواهب السابقة التي عشقها المشاهد والمستمع، والاستفادة منها لما يخدم الجدد، ولهذا أشرت إلى المذيع الرائع \"محمد العمري\" فإن كان جديداً فليعط فرصة أكبر وأوسع، وإن كان قديماً فليستمر، ولتعد معه الأصوات والوجوه الموهوبة قبل أن تلحق جيل بدر كريم. وقبل أن أختم فإنني أدعو الأخ الدكتور عبدالله الشايع أن يكتب ما شاء من نقد للصحفيين وأنا أضمن له نشره في صحيفة الوطن، وإن رغب ففي مكان عمودي هذا، فهو أشعرني باللوم عندما كتبت في مقالة سابقة نقداً بسيطاً لبرنامج في إذاعة جدة، وقال أنتم الصحفيون تنتقدون كما تشاؤون ولا تسمحون لأحد بانتقادكم – وضرب مثلاً بالضرسين الأعلى والأسفل لم أستوعبه، لكنني شعرت بأنه يتحدث عن مرارة وربما لديه تجربة سلبية مع الصحافة ولهذا أدعوه زميلاً وأخاً وربما قادرا على الكتابة أفضل مني ومن كثيرين غيري، إنها دعوة محب صادق يا دكتور.