عبارة (وشهد شاهد من أهلها) المقتبسة من آية قرآنية، أصبحتْ دليلاً على التأكيد لأي أمرٍ من الأمور أو قضية من القضايا يحسم الخلاف فيها شاهدٌ من أهلها تسقط بشهادته الدَّعاوى المحيطة بها، فإذا قيلت هذه العبارة سكت المدَّعون، وانتهى الخلاف. وفي قضية الدولة اليهودية المغروسة شوكة في حلق أمتنا الإسلامية، تلك الدولة المسمَّاة ب(إسرائيل) ظلماً وعدواناً على اسم نبي من الأنبياء عليهم السلام نحن المسلمين أحق به وباسمه ودينه لأن الدين عند الله الإسلام. أقول: في قضية هذه الدولة شهد عشرات بل مئات الشهود من أهلها وعلمائها ومؤرخيها بأنها دولة لقيطة غير شرعية، وأنها ظلمٌ واعتداء على أهل الحق لا يقبله اليهود العقلاء ولا يقرِّونه. لقد جاءت شهادة المؤرخ الإسرائيلي (شلوموزانت) التي أطلقها في هذه الأيام دليلاً آخر مؤكداً فساد ادعاءات بني صهيون في فلسطين جملةً وتفصيلاً. شهادةٌ مذهلة بحق أدلى بها أستاذ الدراسات التاريخية بجامعة تل أبيب في مقابلة أجرتها معه صحيفة (فرانكفورتر روندشاو) الألمانية، حيث قال: إن إصرار إسرائيل على مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بها دولة يهودية يُمثّل تطوراً خطيراً في بلد ربع سكانه من غير اليهود، وهذا يقود إلى سلطة عرقية، إضافة إلى أنه لا يوجد شعب يهودي له دولة لأن اليهودية دين وليست أمة، وكثير من المؤرخين الصهاينة حوَّلوا الإنجيل من كتاب ديني وأدبي يُعد تحفة فنية إلى كتاب يحتوي على قصص وحكايات تروِّج لأسطورة الشعب اليهودي المختار، وتروِّج لأباطيل تهجير اليهود من فلسطين وتشتيتهم في القرن الميلادي الأول، مع أن ذلك خرافة من الخرافات التي لا تصمد أمام التحقيق، وأكد (شلومو) أن ما يُسمى بدولة إسرائيل إنما تستمد مشروعيتها من أنَّ اليهود في عصور تاريخية طويلة لم يكن لهم مكان آمن في العالم، وقد تأسَّست هذه الدولة لتكون الملاذ الآمن لليهود في العالم، ومعظم اليهود من اليمين أو اليسار في إسرائيل متمسِّك بمصطلح الشعب اليهودي بسبب المخاوف التاريخية العميقة حول الهويّة، وإسرائيل منذ تأسيسها ترى نفسها دولة لليهود في العالم وليست دولة لجميع من يعيشون فيها من مواطنين، وها هم قادتها يؤكدون بعد 61 عاماً من تأسيسها أنها دولة يهودية صرفة وهذا ممارسة شاذة لما يدَّعونه من الديمقراطية، ويؤكد المؤرِّخ اليهودي أن دولته هذه ولدت نتيجة لجرائم اغتصاب وقعت لحقوق الشعب العربي الفلسطيني، وهذه ولادة غير شرعية، وهذا الطفل لقيط غير شرعي، ويمكن أن نمكِّنه من البقاء على قيد الحياة لأنه موجود.. كما أن الطفل اللقيط لا يجوز إهدار حياته لأنه لقيط. هذا هو الجانب الأهم في حديث المؤرخ الإسرائيلي اليهودي (شلومو).. والمقابلة التي أجرتها معه الصحيفة الألمانية طويلة تحدَّث فيها عن رأيه في وجوب تحقيق الديمقراطية الحقيقية في دولة إسرائيل لتستوعب اليهود وغير اليهود، وهذا رأي نابع من الحرص على عدم ضياع اليهود مرة أخرى حسب قوله، وأشار إلى أن حقَّ العودة للفلسطينيين إلى ديارهم مشروع أخلاقياً وقانونياً، لكنه غير ممكن سياسياً، لأن تحقيق هذا الحلم الفلسطيني بالعودة يعني كابوساً مزعجاً لليهود، وتأكيداً لكونهم سبباً في نكبة الفلسطينيين وتشريدهم، وتحميلهم المسؤولية كاملة عن معاناة الفلسطينيين المتواصلة التي كان قيام هذه الدولة سبباً فيها، وهذا ما لا يمكن أن تقبل به السياسة اليهودية (الإسرائيلية). وأكد هذا المؤرخ اليهودي أنَّ على أوروبا والولايات المتحدة أن ترغم إسرائيل على الانسحاب من كلِّ الأراضي التي تحتلها، ثم قال: إنه بصفته صهيونياً متطوِّراً يؤيِّد دولة إسرائيلية متجانسة على حدود 1967م علاجاً للحالة الراهنة، وإن كان ذلك لا يخرج عن دائرة الاغتصاب للحق الفلسطيني في إطاره العام. كلام واضح لمؤرخ يهودي صهيوني (متطوِّر) على حدِّ قوله. فماذا بقيَ لمن يريدون التطبيع مع (الطفل اللقيط). إشارة : إذا تخلَّى الفتى عن صدق مبدئه=فلن ترى منه إلا كلَّ خذلان