لم يكن أحد يتصور أن يوافق المجلس المحلي لمنطقة مهمة من نيويورك أمس، وباجماع القيمين عليه وعددهم 12 عضوا، على طلب تقدمت به منظمة اسلامية أمريكية لبناء مسجد مجاور لموقع "غراوند زيرو" حيث كان يرتفع برج التجارة الدولي قبل أن ينهار بفعل هجمة انتحارية استهدف فيها الارهاب أبرياء المدينة في 11 سبتمبر العام 2001 وقتل منهم الآلاف. ويقول الشيخ فيصل عبد الرؤوف، وهو رئيس منظمة "مبادرة قرطبة" العاملة على بناء المسجد المثير للجدل، ان منظمته التي قام بتأسيسها بعد أشهر من هجمات 11 سبتمبر "بهدف تحسين العلاقات بين الأمريكيين والأمة الاسلامية" تنوي بناء مركز اسلامي وثقافي ضخم في نيويورك، ومن ضمنه المسجد، بتكاليف ستزيد على 100 مليون دولار، وفق ما ذكر اليوم 7/5/2010 مع "العربية.نت" عبر الهاتف من نيويورك. وقال الشيخ فيصل، وهو مصري الأصل من مدينة المحلة الكبرى القريبة من طنطا في الشمال المصري لكنه مولود في نيويورك منذ 61 سنة ويتكلم العربية بطلاقة، ان كلفة اقامة المركز الاسلامي سيتم تأمينها من تبرعات المسلمين في الولاياتالمتحدة بشكل خاص، الى جانب تبرعات من دول عربية واسلامية. وقال ان موقع بناء المركز الثقافي والمسجد لم يتم اختياره لأنه قريب من "الغراوند زيرو" بل لأن المكان في شرق منطقة برودواي مناسب، وهو نفسه المكان الذي نشأ وترعرع فيه واعتاد على أن يؤم الصلام فيه طوال 27 سنة في "مسجد الفرح" بالمنطقة. واعترف الشيخ فيصل، المتزوج من الماليزية ديزي خان الناشطة معه في المنظمة التي تتولى ادارتها التنفيذية وله منها ولد واحد و3 بنات، ان بناء المركز الثقافي الاسلامي والمسجد الذي سيتسع لألفين من المصلين في تلك المنطقة أثار حفيظة بعض ذوي ضحايا هجمات 11 سبتمبر، كما وفضول وسائل الاعلام "الى درجة أن 8 صحف وتلفزيونات أمريكية أجرت معي مقابلات في يوم واحد منذ تمت موافقة المجلس المحلي أمس على التعاون مع منظمة "مبادرة قرطبة" لبناء هذا المركز الثقافي" كما قال. وذكر أن تشييد المركز الذي سيرتفع مبناه 15 طابقا في المنطقة فوق أرض مساحتها ألف متر مربع سيبدأ في سبتمبر (أيلول) العام المقبل، أي في ذكرى مرور 10 سنوات على الهجمات، وسينتهي بعد عامين من العمل. أما المسجد الذي يبعد 150 مترا عن "الغراوند زيرو" فسيحتل الطابق الأرضي من البناء الذي سيتكون من الصلب والزجاج وسيضم قاعة للفنون المسرحية تتسع لأكثر من 500 شخص وحمام سباحة وملعبا لكرة السلة الى جانب مكتبة ضخمة ومدرسة لتعلم القرآن واللغة العربية وقاعة للمحاضرات، كما قد يتم تخصيص طابقه الأخير لاقامة مصلى ثان، ولكن من دون مأذنة "باعتبار أن معظم مسلمي نيويورك وضواحيها، وعددهم يزيد على مليون نسمة، يعرفون مواقيت الصلاة" على حد تعبيره. ويهيء الشيخ فيصل عبد الرؤوف نفسه منذ الآن ليكون اماما للمسجد اضافة الى رئاسته للمركز الثقافي الذي اختار له اسم "بيت قرطبة" تيمنا باسم جامع قرطبة الشهير في اسبانيا. وقال ان أعضاء المجلس المحلي للمنطقة التي سيتم بناء المركز الثقافي فيها اعتبروا تشييده "شيئا ثمينا للمجتمع الأميركي" بحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك ديلي نيوز" عن رئيس المجلس، رو شيفي. أما المعترضون ممن فقدوا بعض ذويهم عند انهيار البرجين، كالأمريكي جيم ريتشيز الذي لقي ابنه الاطفائي حتفه داخل المبنى المنهار بمن فيه، فقد ذكر لاحدى الصحف الأميركية انه يدرك بأن المسلمين "لم يتورطوا جميعهم في تلك الهجمات بالتأكيد، لكني لا أريد أن أمر بقرب مسجد في كل مرة أمضي فيها الى المنطقة لأحياء ذكرى ابني القتيل". فيما وصفت أمريكية اسمها روزماري كين بناء المسجد قرب موقع الهجمات بأنه "كالصفعة على الوجه" معتبرة أنه أيضا "تلويث للمنطقة التي سيتم بناؤه فيها" وفق تعبير المرأة التي كان ابنها اطفائيا حين قضى بانهيار البرجين الشهيرين.