بعد إلغاء حكم الإعدام بحق اثنين من النشطاء الأكراد الإيرانيين شيركوه معارفي وحبيب الله لطفي إثر توسط من الرئيس العراقي جلال طالباني لدى السلطات في طهران، أكدت مصادر كردية إيرانية أن محكومين أكراد آخرين ومنهم الشابة زينب جلاليان البالغة من العمر 27 عاماً ينتظرون حبل المشنقة في أي لحظة. تقبع زينب جلاليان في الوقت الراهن في زنزانتها بسجن مدينة سنندج عاصمة إقليم كردستان الايراني، وتقول مصادر حقوقية كردية إن الحكم الصادر بحق هذه البيشمركة (الفدائي باللغة الكردية) هو بتهمة "محاربة الله ورسوله" نتيجة لانضمامها لحزب حيات كردستان الحرة "بيجاك" الذي يمارس العمل المسلح، وهو تنظيم قريب من حزب العمال الكردستاني التركي "ب ك ك"، وفي الوقت التي رفضت زينب الاتهام، أكدت أن عملها التنظيمي كان ينحصر في الأنشطة الثقافية والدعائية، وأنها لم تستخدم السلاح بتاتاً، كما اعتبرت منظمات حقوقية كردية إيرانية أن الحكم الصادر ضد زينب مشدد للغاية. وكتب موقع "روز" الايراني القريب من الإصلاحيين نقلاً عن مصدر لم يسمه: "قد لا تصدقون لو قلت لكم إن زينب انظمت منذ أيام الصبا إلى حزب العمال الكردستاني بزعامة عبدالله أوجلان لتبدأ نشاطها مع هذا التنظيم وهي في العقد الأول من حياتها". وأضاف "ان زينب من مواليد مدينة كردية في إقليم أذربيجان الشرقية الإيراني، هربت من البيت في العاشرة من عمرها بعد أن منعتها الأسرة من إكمال الدراسة التي كانت تعشقها بشدة، وعلينا أن نتذكر ايضاً أنها انضمت إلى هذا التنظيم الكردي الذي يطالب بالحكم الذاتي للكرد في تركيا وأن أنشطته كان مسموح بها آنذاك على الاراضي الايرانية بالقرب من الحدود مع تركيا، وانضم الكثير من الشابات والشباب الأكراد الإيرانيين من أمثال زينب إلى هذا التنظيم". وفي معرض إشارته الى ضرورة الاخذ بنظر الاعتبار الظروف التي دفعت زينب الى الالتحاق بالتنظيم المذكور، قال: "تخيلوا طفلة في العاشرة من العمر هاربة من البيت وتائهة في الجبال الباردة فيتبناها تنظيم سياسي وتترعرع في كنفه ويسمح لها بالدراسة والتعليم، فهي لم تحظ الا بحماية هذا التنظيم ولم تجرب حياة أخرى إلا الحياة التنظيمة منذ الصغر، إلا أنها لم تمارس العمل العسكري وهذا ما أكدته في اعترافاتها لأن نشاطها كان ينحصر في العمل الإعلامي للتنظيم، فهل يجوز الحكم عليها بالإعدام في ال27 من العمر". وعلى صعيد متصل، قال السيد عبدالله مهتدي أمين عام حزب كادحي كردستان ايران الذي ينشط سياسياً لتطبيق الفيدرالية القومية في ايران ل"العربية.نت": "إن الحكومة الإيرانية تمارس القمع المضاعف تجاه الشعوب غير الفارسية خاصة ضد الكرد لاسيما في الآونة الأخيرة، ولكن الغريب في موقف السلطات يكمن في كونها كانت تسمح في السابق لحزب العمال الكردستاني بالعمل على الاراضي الايرانية في السابق، ولم تمنع الشباب الكرد الايرانيين من الالتحاق الحزب الذي انضمت اليه زينب جلاليان في العاشرة من العمر ايضاً، واليوم تأتي السلطات نفسها لتحاكم هذه الشابة الكردية وتحكم عليها بالاعدام". وتابع: "في الوقت الذي كانت السلطات تمنع التنظيمات الكردية الايرانية مثل تنظيمنا الذي يرفض العنف من النشاط، انضم أعداد من شباب الكرد الايرانيين الى "ب ك ك" التركي ليقوم لاحقاً بتأسيس حزب "بيجاك" الذي ضم الشباب نفسهم الذين لم تمنعهم السلطات الإيرانية من العضوية في "ب ك ك" وبهذا انقلب السحر على الساحر وبدأ التنظيم الجديد الذي يطلق عليه أيضاً اسم الفرع الايراني ل"ب ك ك" بشنّ هجمات مسلحة على القوات العسكرية الإيرانية". وقال: "تمت محاكمة زينب جلاليان بسرعة خلف الابواب المغلقة في محكمة الثورة ودون حضور محامي دفاع أو هيئة محلفين، وكان الطلب الوحيد لزينب أن ترى والدتها التي لم يسمح لها اللقاء بها منذ اعتقالها قبل عامين". وأوضح أن "14 من نشطاء الكرد في ايران ينتظرون تنفيذ عقوبة الاعدام فيهم، وأن هدف النظام هو نشر الرعب للحؤول دون توسيع رقعة الاحتجاجات في ايران الى كردستان التي تعيش كالجمر تحت الرماد". يُذكر أن حزب حيات كردستان الحرة يشتبك بين الحين والآخر مع الحرس الثوري الإيراني انطلاقاً من جبال قنديل في المثلث الحدودي الواقع بين العراق وتركيا وايران. وتتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الولاياتالمتحدةالأمريكية بدعم هذا الحزب الكردي إلا أن واشنطن وضعت قبل أشهر حزب حيات كردستان "بيجاك" في قائمة الإرهاب في إطار سياسة مدّ اليد نحو طهران.