تترقب الأوساط الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية اليوم، إعلان الحكومة ميزانية العام الجديد، المقرر الإفصاح عن أرقامها خلال جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية. وعشية الإعلان عن ميزانية 2009، يراهن نحو 18 مليون مواطن وربما حشد من المؤسسات والشركات المحلية والدولية، على أن أرقامها في ظل تداعيات اقتصادية دولية ومحلية أيضا، ستكون على المحك، خصوصا وأنها أول ميزانية تتزامن مع نهاية خطة التنمية الثامنة (2005-2009). وتضع الحكومة أولويات في الميزانية الجديدة، في مقدمتها مواصلة الاقتصاد تسجيل معدلات نمو معتدلة بما يعزز الثقة فيه محليا ودوليا، والأهم أيضاً، لقمة العيش للمواطنين والتعليم والعلاج والوظائف. ميزانية متوازنة.. ميزانية بعجز.. أو ميزانية بفائض، سؤال مطروح بقوة قبل شهر تقريبا من اليوم، في ظل توقعات أكيدة من مؤسسات دولية كصندوق النقد الدولي، بأن اقتصاد العالم بأكمله سيتأثر بموجة انكماش، لن يفلت منها حتى الأقوياء. وبعيدا عن التشاؤم، فإن سياسة الحكومة التي عرفها الكثيرون من المحللين الاقتصاديين، حتى في سنوات الطفرة الأخيرة، أي تلك التي كسرت فيها أسعار برميل النفط 100 دولار، كانت تصر بقوة على وضع تقديرات متحفظة لإيراداتها وبالتالي مصروفاتها. ويشهد على ذلك أن موازنة العام 2008 التي بحسب تقديرات غير رسمية، كان أساس سعر البرميل فيها في حدود 48 50 دولارا، ما يعني أن الإيرادات الحقيقية لهذا العام ستفوق التقديرية البالغة 450 مليار ريال، وينطبق الأمر على الإنفاق التقديري البالغ 410 مليارات ريال، سيعلن رقم آخر غيره، وأخيرا سيتفوق الفائض الحقيقي على التقديري. المواطنون وهم يتزاحمون اليوم أمام شاشات التلفاز وشبكة الإنترنت العالمية، لرصد أرقام الميزانية، أصبحوا أكثر وعيا من أي وقت مضى، أن بلادهم تأثرت سلبا وبشكل واضح من تداعيات كارثة الاقتصاد العالمي، ولن يتفاجأوا أبدا بأرقام ستفصح عن انخفاض معدلات النمو وتوقعات بتأثره العام المقبل وربما تسجيل الميزانية عجزا إجباريا، خصوصا أن الأمر يتعلق ببرنامج الرفاه الاجتماعي. أرقام الميزانية ظلت دوما في حوزة صانع القرار السعودي، بعد أن تسلمها وزارة المال له لإقرارها، كما أنها لم تشهد مفاجآت حتى في سنوات الطفرة والتقشف، ما يعني أنه يمكن الجزم اليوم أنها ستكون (واقعية)، وستأخذ بالحسبان عوامل عدة أهمها: ضرورة دفع عجلة الاقتصاد السعودي إلى الأمام عبر المزيد من الإنفاق في مشاريع التنمية والموارد، وتحسين مستوى السيولة عبر الاستمرار في دفع المستحقات.