الأكيد أنه وعشية الإعلان عن ميزانية أكبر منتج ومصدر لطاقة النفط، فإن نحو 18 مليون سعودي وربما حشد من المؤسسات والشركات المحلية والدولية، راهنوا على أن أرقامها في ظل ظروف وتداعيات اقتصادية دولية ومحلية أيضا، ستكون على المحك، خصوصا وأنها أول ميزانية تتزامن مع خطة التنمية التاسعة. يمكن الجزم، أن صانع القرار السعودي، وهو يوقع الأحرف الأولى على مراسيمها المعروفة، وضع في اعتباره رهانات عدة، في مقدمها؛ أن يواصل اقتصاد بلاده تسجيل معدلات نمو معتدل بما يعزز الثقة فيه محليا ودوليا، والأهم أيضا، لقمة العيش لمواطنه وتعليم أبنائه وعلاجهم وتوظيفهم. (ميزانية متوازنة)، (ميزانية بعجز)، أو (ميزانية بفائض) كان سؤالا مطروحا على كافة الأصعدة، لبلد يشكل النفط نحو 85 في المائة من بند إيراداته، مع توقعات أكيدة من مؤسسات دولية كصندوق النقد الدولي، بأن اقتصاد العالم بأكمله سيتأثر بموجة انكماش، لن يفلت منها حتى الأقوياء. لكن مهلا ودون تشاؤم، فالسياسة السعودية التي ربما عرفها الكثيرون من المحللين والمراقبين الاقتصاديين، أن الرياض حتى في سنوات الطفرة الأخيرة أي تلك التي كسرت فيها أسعار برميل النفط 100 دولار، كانت تصر بقوة على وضع تقديرات متحفظة لإيراداتها، فميزانية العام 2010 وبحسب تقديرات غير رسمية، كان أساس سعر البرميل فيها في حدود 60 70 دولارا، ما جعل الإيرادات الحقيقية تفوق التقديرية البالغة 450 مليار ريال، وينطبق الأمر على الإنفاق التقديري البالغ 540 مليار ريال. استحقاق أرقام الميزانية التي ظلت دوما في حوزة صانع القرار، بعد أن تسلمها وزارة المال لإقرارها، تأخذ في الحسبان دوما عوامل عدة أهمها؛ ضرورة دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام عبر المزيد من الإنفاق في مشاريع التنمية والموارد، وتحسين مستوى السيولة عبر الاستمرار في دفع المستحقات. ومن المفيد الإشارة إلى أنه وحتى في سنوات «التقشف» في الإنفاق وانهيار أسعار النفط، لم تلجأ السعودية يوما لتعويض جزء من إيراداتها بفرض رسوم جديدة، فلا نظام ضرائبيا وإنما توسع في تنويع الإيرادات غير النفطية، على الأقل على المدى القريب. تحديات الاقتصاد السعودي في العام الجاري ستبقى مفتوحة، وهي؛ الاستمرار في الاعتماد على الإيرادات النفطية، استمرار عبء الإنفاق الحكومي، النمو البطيء لبعض القطاعات، وتصاعد وتيرة النمو السكاني وما يسببه من ضغط على البنية التحتية والعلوية وسوق العمل.