توقع مختصون أن يتجاوز الإنفاق العام على التنمية في المملكة العام المالي المقبل حاجز التريليون ريال في الموازنة العامة المقبلة للمملكة لعام 1433ه. وقالوا ل «عكاظ» إن الإنفاق على التعليم والصحة والتنمية البشرية سيكون البند الرئيس في هذه الموازنة. وأضافوا أن الإنفاق العام سيتجاوز 850 مليار ريال في حين سيتجاوز الإيراد العام ألف مليار ريال «تريليون ريال». ودعوا وزارة المالية إلى تحقيق قدر أكبر من الشفافية في ملف معالجة البطالة، وتوضيح مصير الجدل القائم في المجتمع حالياً حول إعانة البطالة التي ربطت ببرنامج حافز واستثنت فئة كبيرة من الباحثين عن عمل في المجتمع. وأشاروا إلى أنه من الضروري جداً أن يصدر بيان وزارة المالية، بالتعاون مع المجلس الاقتصادي الأعلى لوضع أطر مالية واقتصادية لمعالجة موضوع البطالة، مع التركيز على أهمية خلق الوظائف في الاقتصاد. ترجمة طموحات المجتمع بداية قال ل «عكاظ» الدكتور عبدالعزيز إسماعيل داغستاني الخبير الاقتصادي ورئيس دار الدراسات الاقتصادية، إن الميزانية العامة للدولة تعد أداة الحكومة المالية لتحقيق برامج التنمية الاقتصادية، إلى جانب كونها رصداً لإيرادات الدولة ونفقاتها، وفق آليات تكاد تتفق الدول عليها، وإن كانت هناك نظريات تحكم إعداد وتنفيذ ميزانية الدولة، وفقاً لنهجها الاقتصادي، وتبعاً لدور الدولة في النشاط الاقتصادي. وعلى مر التاريخ، لعبت الميزانية العامة للدولة في الاقتصاد السعودي دوراً مهماً، حتى أصبحت حدثاً يترقبه المجتمع، بحكم الدور الفاعل للإنفاق الحكومي في الاقتصاد السعودي، إذ يعتبر المحرك الأكثر أهمية للنشاط الاقتصادي، ولهذا ينتظر المواطنون ميزانية هذا العام وينظرون إليها بشكل مختلف مرتفع السقف بحكم الظروف السياسية التي يمر بها العالم العربي بشكل خاص. وأحسب أن الربيع العربي ينظر إليها في المملكة بشكل آخر، وينتظرون أن تتحقق نظرة المجتمع السعودي إليه من خلال الميزانية القادمة، إذ تشير بعض التقديرات الأولية إلى أن إيرادات الدولة من البترول خلال عام 2011م الجاري قد تتجاوز تريليون ريال سعودي وتصل إلى نحو 1.23 تريليون ريال سعودي، فيما قدرت مصادر متحفظة أن تصل الإيرادات إلى نحو 855 مليار ريال سعودي، وفي كلتا الحالتين، فإن الإيرادات المتوقعة تعتبر تاريخية وقياسية، وأن هذا الوضع سيستمر في عام 2012م القادم، خاصة وأن المملكة قد تجاوز إنتاجها اليومي من البترول عشرة ملايين برميل، وأن أسعار البرميل، وإن كانت تقديرات الإيرادات في الميزانية القادمة ستبنى على أساس 60 دولار أمريكي للبرميل، وفق تصورات عدد من المراقبين، وعطفاً على الطريقة المتحفظة لتقديرات الميزانيات السابقة. وكانت ميزانية عام 2008م هي الأعلى في تاريخ البلاد، ولكني أعتقد أن ميزانية عام 2012م ستفوق تلك الميزانية، وستكون نقلة رقمية ونوعية في التاريخ الاقتصادي السعودي، خاصة وأنها تأتي في خضم الربيع العربي، ولعل الحكمة السعودية تقتضي التعامل مع هذه الظروف بشكل مغاير يركز على تحقيق درجة أعلى من الرفاه للمواطن السعودي، خاصة وأن المؤشرات المالية والاقتصادية للاقتصاد السعودي تؤهل الحكومة لزيادة الإنفاق والتركيز على القطاعات التي تصب في رفاه المواطن السعودي. ويتطلع الاقتصاديون إلى بيان وزارة المالية المصاحب للميزانية، والذي يعكس بعض الأرقام والإحصاءات التي ترصد حال الاقتصاد السعودي، إذ من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الحقيقي إلى نحو 6.5 في المائة، مستفيداً من نمو القطاع العام بسبب زيادة الإنفاق الحكومي خلال العام 2011م الجاري. وفي تصور الدكتور داغستاني، فإن الوضع الاقتصادي الداخلي يتطلب من وزارة المالية أن يكون البيان الوزاري المصاحب للميزانية الجديدة أكثر شفافية ووضوحاً، وأن يخاطب المجتمع موضحاً السياسة المالية التي ستتبعها الدولة لمواجهة بعض الملفات الاقتصادية المهمة والتي تتعلق بشكل مباشر بحياة ورفاه المواطن السعودي، خاصة تلك التي تتعلق بالخدمات العامة، وفي مقدمتها قطاعا الصحة والتعليم، بالإضافة إلى قطاع الخدمات البلدية. كما أن من الضروري تحقيق قدر أكبر من الشفافية في ملف معالجة البطالة، وتوضيح مصير الجدل القائم في المجتمع حالياً حول إعانة البطالة التي ربطت ببرنامج حافز واستثنت فئة كبيرة من الباحثين عن عمل في المجتمع. وأحسب أن من الضروري جداً أن يصدر بيان وزارة المالية بالتعاون مع المجلس الاقتصادي الأعلى لوضع أطر مالية واقتصادية لمعالجة موضوع البطالة، مع التركيز على أهمية خلق الوظائف في الاقتصاد، ودراسة ربط العقود والقروض الحكومية، وإنشاء الشركات والاكتسابات والإدراج بتوظيف السعوديين، وتجاوز مأزق برنامج حافز الذي ربط التوظيف بوزارة العمل وتجاوز دور بقية الأجهزة الحكومية ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة. زيادة الطلب وتوقع عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة المدينةالمنورة الدكتور بسام الميمني أن تسهم الميزانية بشكل مباشر في تنمية قطاع الصناعة في المملكة. وقال: إن ضخ الأموال في المشاريع داخل السوق المحلية سيؤدي إلى توسيع دائرة الطلب على المواد، مما سيدفع بالشركات والمصانع إلى العمل بطاقة أعلى عن ما كانت عليه في السابق وهذا الأمر حتما سيقود إلى حدوث نهضة صناعية؛ لأن هذا الحراك سيشغل كامل البيئة المحيطة على مستوى الفردي أو المؤسسي، وارتفاع معدل المشاريع سيجذب الشركات والمصانع إلى الدخول في مناطق جديدة بالمملكة. وأضاف «من المؤكد أن ازدياد حجم الميزانية سيقود إلى أمرين، أحدهما إحداث حراك واسع النطاق في المجال الصناعي، والآخر رفع قيمة العقارات بسبب وجود علاقة طردية تربط في هذا الشأن». وتابع إن ميزانية هذا العام ستكثف الجهود التنموية لرفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة، وتحقق المزيد من التغييرات الهيكلية من خلال التوسعات الأفقية والرأسية لتنويع القاعدة الاقتصادية، بما يؤدي إلى زيادة إسهام القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي، ومضى يقول: تحسين الإنتاجية ورفع المقدرة التنافسية للمنتجات السعودية بالأسواق الداخلية والخارجية، وتطوير بيئة الأعمال، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص، واستكمال مشاريع البنية الأساسية، بما يوفر المزيد من فرص العمل للمواطنين، وفرص الاستثمار. وعن المدينةالمنورة، قال: تحتاج المدينةالمنورة إلى مشاريع خاصة بالبنية التحتية في مجال الصناعة مثل إيجاد مناطق مخصصة لتجمعات صناعية تعطي ميزة تنافسية مع ضرورة إكمال الخدمات للمنطقة الصناعية الموجودة لكي يتجه المستثمرون إليها بأمان. المقاولات الرابح الأكبر وعن دور المقاولات، أوضح عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة المدينةالمنورة ياسر السحيمي أن الميزانية الجديدة ستنقل قطاع المقاولات إلى مستويات جديدة بسبب المشاريع الحكومية، التي سيجري اعتمادها خلال العام الهجري الجاري، مؤكدا في الوقت ذاته أن حجم المشاريع المعتمدة تزيد من عام إلى آخر. وقال: يمكن أن نصف وضع قطاع المقاولات في هذه الفترة بأنها فترة طفرة للمقاولات بسبب النمو السريع في البنية التحتية والمشاريع النهضوية، وكلما زاد معدل الضخ في الصناديق الحكومية الإقراضية تمكن القطاع من التوسع بسبب كثرة المشاريع. وتطرق السحيمي إلى دور تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال الميزانية، وقال: من المتوقع أن تحقق الميزانية رؤية مشتركة ومتفقا عليها بين جميع الشركاء المعنيين بتنمية الشباب والشابات الراغبين في إنشاء أعمال خاصة بهم، وستسهم بالتزام ودعم أولوياتهم خلال فترة وجيزة، وستشكل إطارا عاما لتنميتهم من خلال تحديد الأهداف والمصالح الوطنية وأولويات العمل الوطني القائمة على سياسات وبرامج تؤسس لنظرة شمولية متكاملة غايتها تفعيل القدرات الكامنة لدى الشابات والشباب على حد سواء، وتعكس مدى احتياجاتهم وحقهم في المشاركة التجارية والصناعية وتكوين دور أساسي لهم ليكونوا نواة لمستقبل جيلهم. وعن منطقة المدينةالمنورة بالتحديد، قال: مما رأيناه في الميزانيات السابقة اتضح جليا أن منطقة المدينةالمنورة حققت خلال فترة وجيزة إنجازات ملموسة وحدثت فيها نقلة نوعية اقتصاديا، ويتضح ذلك من خلال معايير تطور حجم الناتج المحلي الإجمالي ومكوناته القطاعية. وأضاف: من خلال عملنا في قطاع المقاولات هناك توسع جلي في حجم ونوعية الخدمات العامة سواء كانت التعليمية أو الصحية أو حتى في تنمية الموارد المائية إلى تطوير الإنتاج الصناعي والزراعي، والتحسن المستمر في مؤشرات مستوى المعيشة ونوعية الحياة للمواطنين. وختم السحيمي بقوله: ما ذكره وزير المالية قبل فترة حول حجم الميزانية وأنها تفوق التوقعات جعلت الجميع وبالذات قطاع المقاولات يستعد بشكل جيد لما ستسفر عنه الأرقام المعلنة، وأعتقد أن قطاعي الصحة والتعليم سيحظيان بالنصيب الأكبر من المشاريع وهذا سيحفز أعمال المقاولات إلى الضعف.