كان مراد محمد محمود وهو موظف مصري يدخر المال لأداء فريضة الحج لكنه يستخدم الاموال الان للسماح لأسرته بالانضمام لاعتصام بدأ قبل نحو ثلاثة أسابيع بالقاهرة لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي. وأوقف محمود و39 من أقاربه ومئات الأسر المصرية سير حياتهم للانضمام للاعتصام في ميدان رابعة العدوية الذي يطل عليه مسجد بنفس الاسم في شمال شرق العاصمة المصرية. ويقول المعتصمون إنهم سيبقون في الميدان حتى اعادة مرسي إلى منصبه. وقال محمود (51 عاما) وقد جلس القرفصاء في الشارع بين صفين من الخيام التي يأوي إليها المعتصمون من الشمس الحارقة وينامون فيها "لو ابني عايز يدعو أي حد أهلا بيه." وأضاف "دا شهر كريم. دا رمضان." ويلهو أطفال بسيوف مقلدة. ويرش شاب الماء من زجاجة على معتصمين لإنعاشهم. وتفتح فتاة رسائلها الإلكترونية من جهاز كمبيوتر محمول قرمزي اللون. وأحيانا يبدو اعتصام رابعة كأنه معسكر صيفي عملاق. وفي احيان أخرى يموج بالغضب. ويحتشد آلاف المحتجين في الموقع الذي كان في العادة تقاطع طرق مزدحما. وفي المساء يرتفع عددهم الى عشرات الالاف بعد نهاية يوم العمل وتناول إفطار رمضان. واصبح مشهد الاعتصام رمزا قويا لجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي. والاعتصام مصدر حرج أيضا للجيش المصري الذي أطاح بالرئيس الإسلامي بعد أن نزل ملايين المصريين إلى الشوارع في جانب آخر من القاهرة طالبين تنحيه. ولا يبقى جميع المعتصمين في ميدان رابعة العدوية طول الوقت. وكثيرون منهم يأتون في حافلات من المحافظات حيث التأييد لجماعة الإخوان المسلمين كبير ويبقون فترات قصيرة. ويأتي البعض لساعات حين يمكنهم ذلك. لكن توجد مجموعة اساسية من عدة آلاف لا يغادرون الميدان متحملين الشمس الحارقة وصوم رمضان للوصول إلى هدفهم. ويتناوب محمود وزوجتاه وأطفالهم على النوم في سيارة متوقفة على مقربة وخيمة بدائية صنعت من اطار خشبي مغطى ببطاطين احضرت من منزلهم في القاهرة. وكل يوم تعود امرأتان من أقارب محمود إلى البيت لإعداد وجبات إفطار رمضان والعودة بها إلى مكان الاعتصام. ومثل كثير من الابناء الاخرين في رابعة ما يزال ابنه الصبي عبد الرحمن في فترة العطلة الصيفية للمدرسة. ويقول رافعا صوته "دي أحسن عيشة. حنقعد سنتين ولا تلاتة لحد ما مرسي يرجع." وهناك آخرون مثل عمرو الديب الذي حصل على عطلة غير مدفوعة الأجر من عمله في مجال تكنولوجيا المعلومات ليعتصم في رابعة العدوية وينام في خيمة مع زوجته الحامل منذ يوم 28 يونيو حزيران. وجاء الديب من محافظة المنوفية في دلتا النيل. وعادت زوجة الديب مرتين إلى منزلهما في المنوفية لكنه يقول إنه سيكون سعيدا بالاحتفال بعيد ميلاده التاسع والعشرين في الاعتصام يوم 27 يوليو تموز إذا لم يرجع مرسي بحلول ذلك اليوم. وجهزت مطابخ مؤقتة في الخيام لاعداد الارز واللحم للافطار. وتنفي جماعة الإخوان المسلمين اتهامات من معارضين للاعتصام بأنها تدفع اموالا للناس حتى يبقوا وتمول شراء احتياجاتهم. ويقول العضو القيادي في الجماعة عصام العريان أحد أبرز المعتصمين في رابعة العدوية والذي يواجه أمرا بإلقاء القبض عليه صدر من النيابة العامة إن اتهامات الإنفاق على المعتصمين كذبة كبيرة. وساعدت مساجد في المنطقة بينها مسجد رابعة العدوية في توفير الصرف الصحي للمعتصمين. وقالت هدى التي تجلس في حين يسند ابنها الصبي محمد عبد التواب رأسه الى حجرها إنها في رابعة منذ أسبوعين. وأضافت أنها لا تهتم بمسألة دورات المياه لأن ذلك يتوافر في المتاجر والمساجد في المنطقة. وقالت "أسير وأسأل الناس أين دورات المياه؟ دي حياة لطيفة." وهناك تفتيش للداخلين تقوم به لجان التأمين حيث الرجال يفتشون الرجال وتفتش النساء النساء. ورغم الهدوء العام في رابعة الا ان الغضب يمكن ان يحتدم بسبب ما يراه مؤيدو مرسي انقلابا للاطاحة بأول رئيس مصري جاء للسلطة في انتخابات حرة. وسأل المهندس هاني عبد الغني "هل مسموح في أي مكان آخر في العالم أن يختفي رئيس انتخب بنسبة 51 في المئة من الأصوات ولا يعرف ناخبوه مكانه؟