تبادلت الحكومة السورية الاتهامات مع مقاتلي المعارضة يوم الثلاثاء باستخدام أسلحة كيماوية في هجوم بالقرب من مدينة حلب الشمالية فيما سيكون -إذا تأكد- أول استخدام لمثل هذه الأسلحة في الحرب التي دخلت عامها الثالث. وحذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما -الذي عارض تدخلا عسكريا صريحا في سوريا- الرئيس بشار الأسد من أن أي استخدام للأسلحة الكيماوية سيكون "خطا أحمر". لكن لا يوجد ما يشير إلى امتلاك مقاتلي المعارضة مثل هذه الأسلحة. وقال التلفزيون السوري الحكومي إن المعارضة المُسلحة أطلقت صاروخا يحتوي على مواد كيماوية قتل 25 شخصا وأصاب العشرات. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان وهو جماعة مؤيدة للمعارضة مقرها لندن وتراقب الحرب في سوريا من خلال شبكة من المراقبين في البلاد ان بين القتلى 16 جنديا. ووقع أشهر استخدام للاسلحة الكيماوية في الشرق الاوسط في التاريخ الحديث بمدينة حلبجة الكردية العراقية حيث يقدر أن خمسة آلاف شخص قتلوا في هجوم بغاز سام امر به الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل 25 عاما. ولم يرد تأكيد رسمي من حكومات غربية أو من منظمات دولية للهجوم لكن روسيا وهي حليفة لدمشق اتهمت مقاتلي المعارضة بتنفيذه. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "نشعر بقلق بالغ لوقوع أسلحة دمار شامل في أيدي المتمردين الأمر الذي يزيد الوضع في سوريا تدهورا ويصعد المواجهة في الدولة إلى مستوى جديد." وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إن حكومته سترسل خطابا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعوه إلى تحمل مسؤوليته ووضع حد لهذه الجرائم "الإرهابية" ولمن يدعمونها داخل أراضي سوريا. وحذر من أن العنف الذي يسود سوريا تهديد إقليمي مشيرا إلى أن هذه مجرد نقطة انطلاق لهذا الخطر الذي سيمتد منها لباقي المنطقة ان لم يكن العالم اجمع. وفي واشنطن قالت الولاياتالمتحدة إنها لا تملك دليلا يدعم الاتهامات بأن المعارضة استخدمت أسلحة كيماوية. وقال المتحدث باسم الاممالمتحدة مارتن نسيركي انه ليس في وضع يسمح له بتأكيد التقارير مضيفا انه اذا استخدم اي من الجانبين مثل هذه الاسلحة فسيكون "انتهاك صارخ للقانون الدولي". وقالت بريطانيا إن تقديراتها ستتغير في حالة وقوع هجوم بالأسلحة الكيماوية. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية "ان استخدام الأسلحة الكيماوية أو نشرها سيستدعي ردا جادا من المجتمع الدولي وسيضطرنا لإعادة النظر في موقفنا حتى الآن." وقال مصور من رويترز إن الضحايا الذين زارهم في مستشفيات في مدينة حلب يعانون من مشاكل في التنفس وأضاف أن الناس يقولون إنهم شموا رائحة غاز الكلور في الهواء بعد الهجوم. وأضاف المصور الذي لم يستطع ذكر اسمه لاعتبارات متعلقة بسلامته "رأيت في الأغلب نساء وأطفالا." ونقل عن ضحايا في مستشفى حلب الجامعي ومستشفى الرجاء قولهم إن الناس يموتون في الشوارع وفي منازلهم. ويعتقد على نطاق واسع أن الرئيس الأسد الذي يحارب تمردا ضد حكمه لديه ترسانة من الأسلحة الكيماوية. ولم يؤكد مسؤولون سوريون امتلاك دمشق لأسلحة كيماوية ولم ينفوا ذلك أيضا إلا أنهم قالوا إنه إذا كانت هناك أسلحة كيماوية فلن تستخدم إلا للدفاع في حالة التعرض لأي عدوان أجنبي ولن تستخدم ضد السوريين. ولم ترد تقارير سابقة عن اسلحة كيماوية في ايدي مقاتلي المعارضة. وقال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي إن مقاتلي المعارضة أطلقوا صاروخا يحتوي على "غازات سامة" على بلدة خان العسل جنوب غربي حلب من منطقة نيرب جنوب شرقي المدينة وهي منطقة تسيطر المعارضة على جزء منها. وأضاف الوزير أن الغازات السامة والمواد التي يحتوي عليها الصاروخ "تؤدي فورا إلى الاغماء ثم إلى الاختلاج ثم الوفاة." لكن قاسم سعد الدين وهو أحد كبار قادة مقاتلي المعارضة والمتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى في حلب نفي ذلك وحمل قوات الأسد مسؤولية الهجوم الكيماوي المزعوم. وقال لرويترز في اتصال تليفوني من حلب إن مقاتلي المعارضة وصلتهم تقارير صباح يوم الاثنين عن هجوم شنه النظام على خان العسل ويعتقدون أن قوات النظام أطلقت صاروخ سكود مزودا بسلاح كيماوي. وعبرت واشنطن عن قلقها من سقوط الأسلحة الكيماوية في أيدي جماعات متشددة - سواء كانوا متشددين إسلاميين من المعارضة يحاربون من أجل الإطاحة بالأسد أو حلفائه الإقليميين. وهددت إسرائيل بتحرك عسكري إذا أرسلت هذه الأسلحة الكيماوية إلى جماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من سوريا وإيران. وقال الزعبي إن تركيا وقطر اللتين تدعمان المعارضة تتحملان "مسؤولية سياسية وقانونية وأخلاقية وإنسانية" وهو اتهام نفاه مسؤول تركي ووصفه بأنه يفتقر إلى أساس. وقال الزعبي في مؤتمر صحفي إن الجيش السوري لن يستخدم أبدا أسلحة محظورة دوليا. وتابع قائلا إن القيادة العسكرية السورية أكدت من قبل وتؤكد من جديد أنه "لو كان لدى سوريا سلاح كيماوي لما استخدمته إطلاقا لأسباب سياسية واخلاقية وانسانية وقيمية." وأذاع التلفزيون السوري لقطات مصورة لمن قال إنهم قتلى وجرحى من الهجوم الكيماوي عند وصولهم إلى إحدى مستشفيات حلب. وأظهرت اللقطات رجالا ونساء وأطفالا كانوا ينقلون بسرعة على محفات إلى داخل المستشفى بينما اوصلت محاليل طبية بأذرعهم ووضعت أنابيب اسطوانات أكسجين في أفواههم. ولم يلاحظ وجود أي جروح على أجساد أي منهم وقال بعض من أجريت مقابلات معهم إنهم يعانون من صعوبات في التنفس. وقال طبيب لم يتم الكشف عن هويته أجرى التلفزيون مقابلة معه إن المادة التي استخدمت في الهجوم إما أنها مادة الفوسفور أو مادة سامة لكن لم يذكر تفاصيل. وقالت شابة ممددة على محفة وهي تبكي "صدري انقبض لم استطع الحديث ولم استطع التنفس... رأينا أناسا يسقطون موتى على الأرض. أبي سقط.. سقط ولا نعرف الآن أين هو. عليهم لعنة من الله اتمنى موتهم." وقال رجل يضع كمامة خضراء كالتي تستخدم في العمليات الجراحية إنه كان يساعد في نقل المصابين والقتلى وأضاف "إنه يشبه المسحوق وكل من شمه سقط على الأرض." وقال مقاتل من المعارضة في خان العسل التي تبعد ثمانية كيلومترات تقريبا جنوب غربي حلب إنها شاهدوا دخانا ورديا يتصاعد بعد أن هز انفجار قوي المنطقة. وقال أحمد الأحمد من كتيبة أنصار الدين في قاعدة عسكرية تسيطر عليها المعارضة قرب خان العسل لرويترز إن صاروخا ضرب البلدة في حوالي الثامنة صباحا (0600 بتوقيت جرينتش). وأضاف الأحمد الذي كان يتحدث من خلال خدمة سكايب على الانترنت إنه سرعان ما أعقب الانفجار هجوم جوي. وقال إن مقاتلة حلقت فوق مدرسة للشرطة تسيطر عليها قوات المعارضة على مشارف خان العسل وقصفت المنطقة. ولم يتسن التحقق من روايته من مصادر مستقلة. وقال المدير العام لمنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية أحمد أوزموجو في فيينا إنه لا توجد معلومات من جهة مستقلة عن أي استخدام للأسلحة الكيماوية في سوريا. كذلك قالت منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر إنهما لم تتمكنا من التأكد من التقارير. وقال المنسق السياسي لقيادة الجيش السوري الحر لؤي المقداد لرويترز إن المعارضة لا تملك أي أسلحة غير تقليدية أو وسائل توصيلها. وأضاف أن الهدف من الهجوم هو ترويع المدنيين بعد يوم من انتخاب المعارضة لرئيس وزراء لتشكيل حكومة مؤقتة.