تبادل النظام السوري والمعارضة الاتهامات بالمسؤولية عن استخدام سلاح كيماوي، واتهمت روسيا المعارضين السوريين باستخدام هذه الأسلحة، فيما أكد البيت الأبيض أنه لا يملك أي دليل على أن المعارضين السوريين استخدموا أسلحة كيماوية، محذراً حكومة الرئيس بشار الأسد من اللجوء إلى تلك الأسلحة. وأعلنت منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية إنه لا توجد معلومات من جهة مستقلة عن أي استخدام للأسلحة الكيماوية في سورية لكنها «تراقب الوضع عن كثب». وسقط أمس صاروخ في منطقة خان العسل الواقعة في ريف حلب يحتوي على مواد كيماوية أسفر عن «مقتل 25 شخصاً بين مدنيين وعسكريين وإصابة 110 آخرين بجروح معظمهم من المدنيين بالإضافة إلى عدد من الجرحى» بحسب بيان سوري رسمي. وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أنه «ليس لدينا أي دليل يؤيد الاتهامات الموجهة إلى المعارضة (السورية) باستخدام أسلحة كيماوية» في إشارة إلى تشكيك الولاياتالمتحدة بالاتهامات الصادرة عن النظام السوري إلى المعارضة بهذا الصدد. محذراً حكومة الرئيس بشار الأسد من اللجوء إلى تلك الأسلحة الأمر الذي اعتبره «مرفوضاً كلياً». وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت الثلثاء أن لديها معلومات تفيد بأن المعارضين السوريين استخدموا أسلحة كيماوية في محافظة حلب. وقال بيان لوزارة الخارجية «طبقاً لمعلومات حصلنا عليها من دمشق استخدمت المعارضة السورية أسلحة كيماوية في وقت مبكر من صباح 19 آذار (مارس) في محافظة حلب»، مضيفة أنها تشعر «بقلق بالغ» في هذا الشأن. ولم يوضح البيان ما إذا كانت موسكو حصلت على المعلومات من مصادر روسية خاصة أم من مسؤولين في الحكومة السورية التي اتهمت المعارضين بشن أول هجوم كيماوي. وقالت الوزارة إنها «تشعر بقلق بالغ من وقوع أسلحة دمار شامل في أيدي المسلحين (المعارضين) ما يزيد من تعقيد الوضع في سورية». وجدد البيان الدعوة إلى جميع الأطراف إلى نبذ العنف والتفاوض لإنهاء النزاع المستمر منذ عامين. ورفض مسؤول حكومي تركي اتهام دمشق لها بأنها تتحمل مسؤولية الهجوم الكيماوي في حلب. وقال المسؤول: «هذا اتهام لا أساس له وكانت الحكومة السورية اتهمت تركيا في الماضي أيضاً». وكان التلفزيون السوري نقل عن وزير الإعلام عمران الزعبي قوله في وقت سابق إن تركيا وقطر اللتين تدعمان مقاتلي المعارضة تتحملان المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية عن الهجوم. واتهم الزعبي المعارضة المسلحة باستخدام سلاح كيماوي في استهداف منطقة في شمال البلاد، ما أسفر عن مقتل 25 شخصاً بين مدنيين وعسكريين وإصابة 110 آخرين بجروح. واعتبر الزعبي أن استخدام المعارضة سلاحاً كيماوياً «تصعيداً خطيراً» في مسار الأزمة في البلاد، مطالباً المجتمع الدولي بالادعاء على الدول التي سلحت المعارضة «بأسلحة محرمة دولياً». وأوردت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «إرهابيين أطلقوا صاروخاً يحتوي مواد كيماوية في منطقة خان العسل الواقعة في ريف حلب». وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان استهداف «صاروخ أرض أرض لتجمع للقوات النظامية في خان العسل»، من دون أن يكون في إمكانه تحديد ما إذا كان يحمل مواد كيماوية أم لا. وأضاف الزعبي: «بارتكاب هذه الجريمة يحق للحكومة السورية أن تتصرف وفق قواعد القانون الدولي وتتوجه إلى المنظمات الدولية والإقليمية للادعاء والشكوى على الدول التي سلحت المعارضة بأسلحة محرمة دولياً». واعتبر الوزير السوري: «هذا التحول في نوع التسليح ونمط التسليح واستخدام هذا السلاح القادم من خارج سورية عبر حدود بعض الدول المجاورة يعني في ما يعنيه أن كل المزاعم وكل الكذب الذي تبديه بعض الدول، وفي مقدمها فرنسا وبريطانيا وقطر وتركيا وآخرين حول دعم المجموعات الإرهابية المسلحة بأسلحة غير فتاكة أو بدعم لوجستي غير عسكري، هو مجرد كلام إعلامي». وحمل الزعبي حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وقطر «المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية عن هذه الجريمة التي ارتكبها الإرهابيون في خان العسل». وأضاف أن قيادة الجيش السوري أكدت ذلك من قبل وتكرره ثانية بأنه إذا كانت سورية تملك أسلحة كيماوية فلن تستخدمها أبداً لأسباب أخلاقية وإنسانية وسياسية. وأضاف أن القوات المسلحة السورية لا يمكن أن تستخدم أي أسلحة محظورة دولياً لا الآن ولا في أي وقت ولا في الماضي. ونفى مقاتلو الجيش السوري الحر اتهامهم من قبل النظام السوري بإطلاق صاروخ مزود برأس كيماوي، وحملوا دمشق مسؤولية هذا الهجوم. وقال أحد الناطقين باسم الجيش السوري الحر لؤي مقداد الذي يشارك في اجتماع المعارضة في إسطنبول: «نفهم أن الجيش استهدف خان العسل باستخدامه صاروخاً بعيد المدى ومعلوماتنا الأولية تشير إلى أنه يحوي أسلحة كيماوية». وأضاف أن «هناك الكثير من الضحايا وعدداً كبيراً من الجرحى يعانون من مشاكل في التنفس». وتابع مقداد: «لا نملك صاروخاً بعيد المدى ولا سلاحاً كيماوياً. لو كان لدينا منها لما استخدمناها في استهداف الثوار». وقال مقداد إن «هذا الهجوم تجاوز على الأرجح كل الخطوط الحمر للأسرة الدولية». إلى ذلك، قال قاسم سعد الدين، وهو أحد كبار قادة مقاتلي المعارضة والمتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى في حلب، إنه لدى مقاتلي المعارضة تقارير تفيد بشن النظام هجوماً بصاروخ سكود على خان العسل مزوداً بسلاح كيماوي، نافياً مسؤولية مقاتلي المعارضة عن هذا الهجوم. وبث التلفزيون السوري صوراً ظهرت فيها سيارات إسعاف تابعة لمنظمة الهلال الأحمر العربي السوري وهي تسعف الجرحى. وقد وضع المسعفون على وجوههم أقنعة قماشية، فيما بدا في الصور عدد من أهالي المصابين وعلى وجوههم علامات الحزن والغضب. وقال أحد الأطباء المشرفين على علاج الجرحى للتلفزيون إن الصاروخ «يحتوي مواد سامة فوسفورية تسبب أعراض حادة مثل الغثيان وحالات غيبوبة». وصرخت امرأة كانت في المستشفى «يريدون قتلنا بالغازات السامة والمواد الكيماوية»، فيما قال رجل: «هل هذه هي الحرية التي يبحثون عنها؟». وقال مصور من «رويترز» في مدينة حلب إن ضحايا الهجوم يعانون من مشاكل في التنفس وأضاف أن الناس يقولون إنهم يشمون رائحة غاز الكلور في الهواء. وقال المصور إن المصابين نقلوا إلى أربعة مستشفيات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة في حلب وإن بعضهم يعاني من مشاكل في التنفس. وأضاف: «رأيت في الأغلب نساء وأطفالاً. قالوا إن الناس يختنقون في الشوارع، والهواء مشبع برائحة الكلور». وتابع عبر الهاتف بعد زيارة مستشفى حلب الجامعي ومستشفى الرجاء: «الناس يموتون في الشوارع وفي منازلهم». وذكرت منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية إنه لا توجد معلومات من جهة مستقلة عن أي استخدام للأسلحة الكيماوية في سورية كما زعمت الحكومة السورية ومقاتلو المعارضة لكنها «تراقب الوضع عن كثب». وقال المدير العام للمنظمة أحمد أوزموجو إن المنظمة ستنظر في التقارير الإعلامية عما حدث و «تحاول تحديد الإشارات التي يمكن رصدها» بهدف تقويم الوضع. وقال أوزموجو في ندوة في فيينا أمس: «لا أظن أننا نعلم أكثر مما تعرفونه في الوقت الحالي. بالطبع سمعنا هذه التقارير ونتابع الوضع عن كثب». وفي الثالث من آذار (مارس)، تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على بلدة خان العسل في ريف حلب الغربي بعد معارك ضارية تركزت خصوصاً في محيط مدرسة الشرطة في البلدة وقتل فيها أكثر من 120 عنصراً من قوات النظام وأكثر من ستين مقاتلاً معارضاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. إلا أن القوات النظامية قامت قبل حوالى ثمانية أيام بهجوم مضاد استعادت خلاله أجزاء من البلدة لا تشمل مدرسة الشرطة.