قال الباحث الشرعي المعروف وعضو هيئة التحقيق والإدعاء العام عبد الله العلويط حول إغلاق المحال التجارية في أوقات الصلاة : " ان من ابرز نتائج حراكنا الاجتماعي والثقافي هو إحياء حراك شرعي وديني تبع له حيث بدأ الشرعيون يعيدون النظر في مسائل خيمت عليها الرتابة لعدة عقود حتى ظن الكثيرون انها من الثوابت بسبب عدم غربلتها وتحريكها ثم يظهر ان الأمر على خلاف ما يعتقدون ، ليس فقط في كونه ليس ثابتا فحسب بل نفس الحكم ليس بصحيح ، ومن ذلك مسألة إغلاق المحلات التجارية للصلاة فهذا الموضوع بعد فحصه وإعادة النظر به سنجده لا أساس له من دين او عقل بعيدا عن المواقف المتحجرة التي تقول وجدنا آباءنا على ملة وإنا على آثارهم مقتدون فلم تأت به الشريعة ولا يقتضيه العقل السليم بل انه يتضمن مخالفة للشريعة من سبعة أوجه : الأول: انه يعد بدعة وفق المعنى السائد للبدعة وهو فعل شئ لم يفعل في الصدر الأول من الإسلام لان الإغلاق لم يفعل في صدر الإسلام نهائيا فلم يكن هناك نظام او اجبار على الإغلاق فالإشكالية في الإجبار وليس في ان يفعله الشخص من تلقاء نفسه فهذا الإجبار هو المستحدث ولا أصل له . الثاني: ان به الزاما بقول فقهي وحمل الناس عليه قسرا فإننا وان قلنا بوجوب الجماعة مع ان هذا قول ضعيف ايضا ورجّحانه فهذا لا يعني اننا نأمر الناس بالإغلاق فهذا هو الإلزام المذموم في الشريعة وهو ما يقصده الشرعيون قديما في أدبياتهم حين يقولون لا يجوز الإلزام في الشريعة ، اي حمل الناس على قول فقهي فمن يقول بالإغلاق مثل من يقول أننا لو رجحنا وجوب صلاة العيدين فانه يجب الزام الناس باغلاق المحلات التجارية لصلاة العيد ، واذا رجحنا وجوب صوم يوم الشك ( الثلاثين من شعبان ) فانه يجب اغلاق المطاعم في نهاره وهكذا في كل مسألة خلافية وهذه من ضمنها فلماذا يجبر الناس على قول جرى به خلاف كبير كوجوب صلاة الجماعة . الثالث: انه يخالفها من جهة انه يجبر الناس على الصلاة في اول الوقت مع ان اوقات الصلاة موسعة فهم قد خالفوا الشارع في جعلها ذات وقت مضيق فما معنى ان يعاقب الشخص اذا لم يغلق ليصلي الا اجباره على الصلاة في اول الوقت وهذه مخالفة صريحة للنص فهم مثل من يجبر شخص على قضاء رمضان في شوال وهذه المخالفة لا تحتاج لمزيد توضيح . الرابع: ان به ضررا على الناس والشريعة جاءت برفع الضرر ويتمثل هذا في تقليل وقت الحركة المتاح للشخص في تسوقه او أعماله او غيرها سواءا من خلال إنقاص الوقت او صعوبة ترتيب أعماله ، وأيضا به إجحاف بحق أصحاب محلات الخدمات لأنهم يضطرون لإيقاف استقبال الزبائن قبل ربع ساعة من الإغلاق فوقت الإغلاق سيصبح اطول بالنسبة لهم ، ومثلها أصحاب المحلات التجارية الكبرى التي تتوقف عن استقبال الزبائن قبل فترة من الأذان ثم تحث من بالداخل على سرعة التبضع ليتسنى له اجراء المحاسبة بحيث لا يتبقى الا نصف ساعة للشخص بين المغرب والعشاء ليتسوق من هذه المحلات وهذه غير كافية فكل هذا من التضييق الذي يتنافى والتيسيير الذي جاءت به الشريعة في اداء الصلاة ، فان الشارع لم يجعلها ذات وقت موسع الا ليقضي الشخص حاجاته ثم يصليها في البرهة التي يريدها فهو لم يجعلها ذات وقت موسع ليقرأ القران او ينشغل بالذكر في اول الوقت ثم يصلي في آخر الوقت وإنما لقضاء حاجته وقد جاء في البخاري قَالَ " أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِي رَجُلًا فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ " حديث 645 فهذا دليل على جواز تأخير الصلاة من اجل المحادثة تأخيرا طويلا ، فقوله " حتى نام القوم " كناية عن طول التأخر وهذا في الحديث الشخصي فكيف بقضاء الحوائج المهمة ، وهذا مع الإمام لان النبي كان إماما فكيف بالمأموم . الخامس: ان به مخالفة لبعض النصوص الشرعية الصحيحة مخالفة صريحة فإغلاق المطاعم مع الأذان وإخراج من يأكل بداخلها تخالف الأمر بالاستمرار بالأكل مع بدأ الإقامة فكيف بالأذان وقد تظافرت النصوص بذلك مثل " إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء ، فابدؤوا بالعشاء " البخاري 5465. السادس: انه يتسبب في حوادث سرقة فكم من محل تعرض للسرقة أثناء إغلاقه للصلاة حتى ان الجهات الأمنية فرضت على بعض المحلات إغلاق الباب الحديدي ولا يكتفى بإغلاق الزجاج هذا فضلا عن ان البلاغات وحركة الدوريات ستزداد ولابد ان تكون جاهزيتها اكبر في فترة الإغلاق في حين انه لو كانت المحلات مفتوحة فلن يكون هناك عبء على الدوريات فمن باب سد ذريعة السرقة فانه يجب فتح المحلات وهذا هو معنى سد الذريعة لا الاحتمالات البعيدة ففتحها سدا لذريعة السرقة واجب . السابع: انها تتسبب بالسرعة وهذه يجب الا نغفلها فهناك من يحاول الوصول للمحل التجاري قبل ان يغلق وهذا يضطره لان يزيد في سرعة السيارة مما يتسبب في حوادث مرورية والشريعة لا تمانع في ان تبقى الاف المحلات مفتوحة مقابل عدم اصابة شخص واحد في حادث مروري فحفظ ضروري النفس مقدم على حفظ تحسيني الدين فهذا الإغلاق مظنة للسرعة وهي مظنة للحادث والشريعة تجعل مظنة وقوع الشئ مثل وقوعه نفسه من حيث الاعتبار ، وكوننا نقول انه مظنة للسرعة لأننا لا يمكننا الجزم بظروف الناس وان التوجيهات المرورية بعدم زيادة السرعة كافية فقد يحصل للشخص ظرف يضطره للسرعة خاصة فيما هو مرتبط بالسفر والعلاج ، ناهيك عن الازدحام المروري فبدلا من ان يخرج الناس للتسوق في وقت المغرب ينتظرون حتى تنتهي الصلاة فيخرجون دفعة ونفس الشئ بالنسبة للعشاء فبدلا من ان تتوزع حركة السيارات على الساعتين التي تحوي المغرب والعشاء سنجد انها ستتكدس في الساعة التي تفصل بينهما فمن أراد التسوق وقت المغرب سينتظر حتى تنتهي الصلاة ويجتمع معه من أراد الاستعجال قبل العشاء. "