تنتشر عادة في المجتمعات المختلفة الكثير من العادات الشاذة والغريبة والتي تدخل ضمن طرائف المجتمعات وغرائبه , وغالبا ما تكون تلك الطرائف إحدى السمات التي تميز المجتمع عن غيره , في حين أن هناك من يبحث عن غرائب الأمور ويتبعها رغبة في علو شأنه وانتشار الحديث عنه بين الناس , رغم انه في أحيان كثيرة قد لا يستحق حتى عناء ذكر اسمه. إحدى الطرائف والغرائب التي ظهرت على سطح مجتمعنا السعودي تتمثل في بعض الأصوات المطالبة بضرورة تأخير وقت صلاة العشاء لمدة ساعة أو ساعتين حتى تستطيع الأسر والعوائل التسوق والتجول في الشوارع بأريحية! معللين ذلك بقصر الوقت الفاصل بين صلاة المغرب والعشاء , ولأن جميع الدول الأوربية تغلق محلاتها التجارية مع حلول الليل ويجب أن نكون مثلهم حتى نتطور ونكون أمة متحضرة , ولا أعلم حقيقة ما هو الرابط العجيب بين إغلاق المحلات التجارية وبين حصول التقدم في المجتمع , ولكنها تبقى إحدى أجمل الطرائف التي مرت على الشارع السعودي في العصر الحالي ومن أكثرها غرابة. ولكن إن أخذنا تلك المطالب بقليل من الموضعية والواقعية , سنجد أولا أنها تخالف نظام المملكة العربية السعودية والذي نص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع , حيث إن القرآن الكريم قال : (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) بمعنى أن الصلاة لابد أن تقام في وقتها الذي شرعه الله لها , وبما أن الإسلام لم يسقط عنا الصلاة حتى في حالة الحرب , فمن باب أولى أن لا نؤخر الصلاة من أجل التسوق والتسكع في الطرقات , كما أن الاستقرار الأمني الذي تنعم به بلادنا ولله الحمد يمنحنا الحرية في التسوق إلى ساعات متأخرة بعض الشيء من الليل , على عكس الشعوب التي يريدون أن نقلدها والتي تجبرها الدواعي الأمنية على إغلاق محلاتها مبكرا حتى يتسنى لهم الذهاب إلى أماكن السهر واللهو. أتمنى .. وإن كان التغريب والتقليد الأعمى للغير قد أخذ منا الكثير إلا أن هناك أموراً نفتخر باستقلاليتنا فيها , والصلاة وشرع الله على رأس تلك الأمور والله من وراء القصد