امتزجت الدموع بمشاعر الفرح في مكان واحد عندما شهد حفل زفاف اقيم في قاعة احد الفنادق في محافظة الفروانية تحولات ميلودرامية عاصفة كادت تحول دون اتمامه، عندما اضطر المعرس ان يصفع عروسه في «الكوشة» على مرأى من الحضور الحاشد، انتقاما من ضحكها على سقوط امه المسنة، اثناء رقصها، وهي من ذوات الاحتياجات الخاصة لينزلق الحفل إلى حافة التفكك وافتراق العروسين، لولا تدخل الحكماء، وبينهم والدتا المعرس وعروسه، الذين ازاحوا الغضب بعيدا. ام المعرس التي تصدرت بطولة مشهد الحفل، برغم سنها المتقدمة واعاقة ساقها التي تمنعها من انسياب خطواتها، وانخرطت تستقبل المدعوين وتضيء ارجاء القاعة بفرحتها العارمة، وبسماتها المضيئة، فسعادتها بزفاف ابنها الاكبر، فاضت وأخذت توزعها في اوساط «المعازيم» الذين جاؤوا يشاركونها المناسبة! المشاعر الجياشة للام قادتها إلى مغالبة السن والاعاقة، فاندفعت تشارك الراقصات رقصهن، امام «كوشة» ابنها وعروسه، ولم تكترث لساقها التي تعوقها عن الحركة، وتجعل من رقصها فعلا ثقيلا ظل يجهد جسدها العجوز شيئا فشيئا، ولم تمض دقائق حتى سقطت ارضا، بعد ان عجزت ساقها المعاقة عن تحمل فرحتها الراقصة، وهو المشهد الذي انتزع الضحكات الهستيرية من افواه نساء الفرح، وبينهن العروس التي انساقت لتلقائية الموقف الكوميدي فلم تتمالك نفسها من المشاركة في الضحك على حماتها! على النقيض من العروس الضاحكة انتفض المعرس من مقعده في الكوشة، وسارع إلى امه فأنهضها من الارض، وانحنى على يديها ورجليها تقبيلا في صورة للوفاء اعادت إلى القاعة وقارها، ثم سرعان ما استدار المعرس متوجها إلى عروسه، وهوى على وجهها بلطمة عنيفة حولت ضحكاتها إلى بكاء، وترددت اصداؤها في ارجاء القاعة، واحتوت الصدمة المدعوين وهم يجدون سيناريو الفرح يمضي في اتجاه معاكس! وفي الوقت الذي ساد فيه الوجوم وجوه غالبية الحاضرين، وانتقل كل من العروسين إلى جانب من القاعة، فيما صارت الكوشة خلاءً بمقعديها الشاغرين، تدخل العقلاء من اقارب العروسين، وانخرطوا في ازاحة سحب الغضب من القاعة، حتى عادت البسمات الهادئة إلى وجهي المعرس وعروسه، وشيئا فشيئا عادت الاغاني المحببة تملأ فضاء القاعة. الطريف ان الام الحانية صرخت في ابنها المعرس امام المدعوين، وحضته على احترام عروسه في كل وقت، بل والتمست لها العذر بان الموقف كان مضحكا حقا، اما والدة العروس فبادرتها بقولها: «تعرفين ... ان زوجك رجل اصيل، وسوف تكونين سعيدة معه، فلو لم يكن فيه خير لوالدته، فلن يكون فيه خير لك!»... وطالت السهرة وسط الاغاني والتبريكات، قبل ان ينصرف العروسان في زفة متوهجة، مغمورين بالبسمات ودموع الفرح والدعوات بالرفاه والبنين، بعد ليلة شهدت مشاعر متضاربة ... وحفلت بالتناقضات.