إنه لمن المؤسف حقا , و من الأمور التي تؤلم القلب , و تزيده جراحاحا , و تبكي المدامع أننا نقرا و نسمع , بل و نرى اليوم كثيرا من الموافق و الأحداث , و القصص و المقالات و الأخبار في هذه الحياة نحو الوالدين بعضها طيب محمود , و الآخر يدل على العقوق , و إن الله تعالى كلف عباده المؤمنين بأنواع كثيرة من الحقوق و الواجبات ما بين الواجب فعله أو الجائز و وأعظم الحقوق حق الله , ثم حقوق الوالدين و ذوي القربى و اليتامى و الفقراء و المساكين و الأرامل و ابن السبيل و غيرهم , و ذلك لحكم بالغة , و أهداف سامية فهي تقوي وشائج العلاقات الاجتماعية , و تزيد في تماسك المجتمع , و تنشر المحبة و التعاون و الإخاء بين المسلمين , فيتحقق مبدأ التكافل الاجتماعي . و يعد حق الوالدين من أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى ، و قد ورد الكثير من الآيات و الأحاديث التي تحثنا على القيام بهذه الحقوق و الواجبات, و قد ذكر الباري جل جلاله حق الوالدين بعد حقه فقال تعالى : ( و قضى ربك ألا تعبدوا ألا إياه و بالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما ) سورة الإسراء , و قال صلى الله عليه و سلم : ( رضا الله في رضا الوالدين و سخط الله في سخط الوالدين ) رواه الترمذي . فالوالدان سبب في وجودك في هذه الحياة الدنيا بعد الله , و قد أولى الإسلام الأم اهتماما اكثر لأنها كابدت كثيرا من آلام الحمل و الوضع و الرضاعة , و قدمت الكثير من التضحيات من أجل أبنائها, و قدم حقها على الأب , و الوالد هو المسؤول عن الأسرة حيث يوفر مطالب الأسرة و احتياجاتها , و يكمل الدور التربوي مع الأم ما بين التوجيه و النصح و الإرشاد للأبناء , و إن للوالدين مقاماً عظيما , و قدرا كبيرا , وكيف لا يكون ذلك , وهما سبب وجود الأبناء , و قد تحمّلا كثيرا من المتاعب و الصعاب و الأمراض النفسية و الصحية و غيرها في سبيل تربية الأولاد و رعايتهم و من حقوق الوالدين : البر بهما و الإحسان إليهما قولا و عملا , و النفقة عليهما , و طاعتهما في غير معصية الله , و رعايتهما عند الكبر و المرض و الضعف , و ذلك عندما يكونون في حاجة ماسة للأبناء , و التواضع و خفض الجناح لهما , و شكرهما , و الإكثار من الدعاء و الاستغفار لهما , و الحرص على صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما , و إكرام صديقهما و اعلم أخي المسلم أن للبر بالوالدين ثمرات عظيمة , و نتائج طيبة فالبر بالوالدين من أسباب دخول الجنة , و سبب في محبة الله و رضاه , و تكفير الذنوب و المعاصي , و سبب في انتشار المودة بين المسلمين و أخيرا احذر أخي المسلم من عقوق الوالدين في كافة صوره , و تعدد مسمياته , فهو سلوك حرمه الدين الإسلامي , و ذلك لما يترتب عليه من الآثار السيئة كالعداوة و البغضاء , و قد تكون حسرة على الأبناء في سوء الخاتمة لا قدر الله و قطيعة الرحم تقطع وشائج المحبة و التواصل بين الأسر , و تنشر الهجر و الصدود بين الأفراد فيعود كل ذلك وبالا على المجتمع .