أيها المثقف .. من فضلك قف .. ثلاث مناسبات ثقافية أوقفت خلال أسبوع واحد في الجوف ، وهذا رقم قياسي يستحق أن يضاف إلى موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية. الأولى : محاضرة النقد النسائي في المملكة ، للدكتور / سلطان القحطاني . الثانية : مناظرة عن المسرح ، للدكتور / محمد النجيمي و الدكتور / عبدالرحمن الحبيب . الثالثة : ثلاث دورات تدريبية ل د. علي الحمادي و د. مريد الكلاب و د. سليمان العلي . أسماء لامعة ومعروفة لدى أوساط المتعلمين والمثقفين ، على الأقل من حيث المستوى الثقافي والمكانة العلمية التي يحملونها وكفى بها من مزية . ودون النظر إلى الجانب الفكري أو التوجه ، فذاك ليس هاجسي الآن .. السؤال الذي حير الكثير من المهتمين بالحركة الثقافية والذي أثار زوبعة من القلق والدهشة ؟ لماذا هذه الإيقافات ، بالجملة دون سابق إنذار. بل جاء الإيقاف لبعضهم قبل ساعات من موعد إقامتها ، وقد أعلن عنها منذ أسابيع . لماذا الإيقاف وما السبب ومن المسئول عنه ؟ جملة من الأسئلة تنتظر الإجابة عليها . تلك أسئلة تلوح في الأفق تبحث عن إجابة شافية وافية تبعد اللبس وتريح النفس ، تبدد الضباب وتكشف السراب . هل الأمر نابع من الثقافة نفسها أم من المثقفين المشاركين أنفسهم ؟ أم السبب العناوين التي تحملها هذه المناسبات ؟ أم أن الحراك الثقافي مرفوض كليا ؟ كيف و الجهات المستضيفة جهات معروفة وذات طابع رسمي ومصرح بها . النادي الأدبي بالجوف . جمعية الثقافة والفنون بالجوف . الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالجوف . لم يسبق أن حدث هذا المنع أو التأجيل بهذه الطريقة دون سبب واضح ومعلن . كل ما في الأمر أن الإجابة التي تتكرر على ألسنة الناس أنها " أسباب أمنية " لعلي أسأل نفسي وأتساءل عن الأسباب : هل المنع بسبب الحراك الثقافي المكثف الذي تشهده المنطقة في الآونة الأخيرة ؟ أم أن السبب هي المنهجية التي اتخذتها الجهات المنظمة حيال ذلك الحراك ؟ أم أن الأسماء المطروحة من تيارات مختلفة ومتناقضة وربما محظورة . وقد تصنف جزافا إلى " علمانية ، ليبرالية ، معتدلة ، متشددة " وذلك حماية لهم ؟ أم ياترى أن اللقاءات الجماهيرية باتت مصدر قلق وإزعاج للمسئولين ؟ بعض المطلعين على الأمر يشيرون بأصابع الاتهام إلى مقام الإمارة " إن صدق ضنهم " فهذا من حقهم فهم الدرع الحصين لحماية المواطن في هذا البلد من كل مايحيط به من مخاطر ، وهذا بحد ذاته أمر جيد . لكن الذي نحتاجه في هذه الحالة بيان يوضح للناس الأسباب والدوافع وراء هذا الإجراء حتى لايخوض الناس في غمار التكهنات والإشاعات وإثارة الفوضى والنقد الغير منضبط في تجريم هذا الفعل وانعكاساته على الطبقة المثقفة والواعية في المجتمع وإحداث فجوة بين المثقف والمسئول . لانريد تجريم المثقفين ولا تحجيم الثقافة ، فكل يعمل على قناعاته وفكره من خلال مايطرحه ، والمتلقي الواعي يدرك ويعي ما يجري حوله وما يدور على الساحة الثقافية ، ويميز غثها من سمينها . فعالم اليوم لم يعد كعالم الأمس ، حيث أصبحت الثقافات متداخلة والأفكار متمازجة والمسافات متقاربة ، فبإمكانك اليوم أن تشاهد بل وتشارك في أي مناسبة ثقافية أو حوارية وأنت في بيتك دون عناء . لا أتمنَ أن تخلق مثل هذه التصرفات فجوة كبيرة وتشكيل بعد حقيقي مزمن بسبب قرارات إما خاطئة أو تعسفية يصعب معها لم شتاتها . عذرا أيها المثقف .. أنت موقوف حتى إشعار آخر .. عبدالله السويلم