في زمن أصبح فيه التواصل والتعارف بين الناس لأجل المصلحة إلا من رحم ربي .. في زمن أصبح فيه الناس لا يعرفون أقاربهم وبالأخص الصغار منهم نجدهم لا يعرفون سوى أقاربهم من الدرجة الأولى كأبناء الأخ أو الأخت والخال أو العم وهذه الفئة تعتبر في زماننا هذا فيها خير كثير .. في زمن أصبح فيه الناس لا يجمعهم غير الزواج أو العزاء حتى الأعياد لم تعد تجمعهم والخيّر منهم يكتفي برسالة معايدة من الجوال .. في زمن أصبح الفرد فيه لا يعرف جيرانه في نفس الحي بل ولا يعرف من يسكن معه في نفس العمارة ( البناية ) أو المجمع السكني . في زمن قلّ أو ندر أن تجد فيه استمرارية العلاقة بين الزملاء أو الأصدقاء بعد الانتقال لمرحلة دراسية جديدة أو الحصول على وظيفة أو الانتقال لمنطقة أخرى .. فمن هنا جاءت قروووبي الإنسانية لتعيد ذلك الزمان الجميل الذي يعشقه كل من عاشه ، وتمناه كل من سمع به سواء من أباه أو جدّه أو ممن عاشوا ذلك الزمان . ذلك الزمان الذي يمثل ويعتبر مصداقاً لقول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ( لا تزال أمتي بخير ) .. ذلك الزمان التي كانت القلوب فيه متآلفة ومتحابة .. ذلك الزمان الذي كان يمثل الجسد الواحد مصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد ) .. ذلك الزمان الذي كان يعد الرجل الراشد فيه أباً لكل أبناء الحي ، فإذا وجد ما يسره من الأبناء شجعهم وحثهم على فعل الخير ، وإذا وجد خطأ من أحدهم أدّبه .. وقبل أن أختم مقالي أود أن أذكر لكم قصة رواها لي من حصلت معه شخصياً .. يقول صاحب القصة ( خرجت ذات يوم من بيتي وإذا بابن جاري الذي لا يتجاوز الحادية عشر من عمره يدّخن خلف إحدى السيارات فما كان مني إلا أن هرعت إليه مسرعاً وطلبت منه على الفور أن يطفئ السجارة ونصحته وقلت له أنني إذا رأيته مرة أخرى سأخبر والده ، فما كان منه إلا أن رد عليّ رد نزل عليّ كالصاعقة مالك شغل أنا حُر ، قلت كذا وبدون تردد سحبته من أذنه وأخذت الباكت منه والولاعة وكسرت السجائر ، فأخذ يصرخ ويهدد أنه ما راح يحصل لي خير و نادى أبوه ( وليته ما ناداه لأن أبوه بحاجة إلى تثقيف وتوعية ) المهم أبوه أخذ يشتمني ولم يبقي شيء ما قاله أنت ما تستحي ربي نفسك ، وبعدين أنا بكيفي أربي عيالي مثل ما ودي لا أشوفك تدخل نفسك مرة ثانية ، فما كان مني إلا أن أقول له آسف آسف يا جاري وانسحبت . والسؤال الذي يطرح نفسه يا أحبتي : ماذا تتوقعوا لهذا الطفل في المستقبل ؟ أحبتي في الله نحن في قروووبي الإنسانية نريد أن نبني فكر .. نبني مجد .. نبني حضارة - وختاماً – نتمنى مع أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ولكننا واثقون بالله ثم بكم ومع تظافر الجهود وتعاون المسئولين والإعلام والصحافة أن نعيد مجد أمتنا ونرقى بفكرنا ونسمو بأخلاقنا ونتقدم على الدول النامية والمنتجة . كتبه /سعود بن عبدالعزيز جلال