قال الباحث في مجال الزراعة والنبات الأستاذ حميد بن مبارك الدوسري: إن المزارعين يستعدون هذه الأيام لموسم زراعي جديد بعد توقف شبه كلي في أيام المربعانية والشبط دام حوالي الشهرين بسبب برودة الجو حيث ظهرت هذه الأيام بالمملكة بوادر انتهاء شدة البرد بانتهاء نجم البلدة الذي هو آخر الشبط، وبداية نجم سعد الذابح أول عقارب الشتاء التي ينحسر فيها البرد، ويبدأ الموسم الجديد بما يعرف عند المزارعين ب»بذرة الست»، التي هي عبارة عن ست ليال، هي الأيام الثلاثة الأخيرة من نجم البلدة، وتصادف هذا العام 14-16 من شهر ربيع الأول الجاري، والأيام الثلاثة الأول من نجم سعد الذابح وتوافق الأيام 17-19من الشهر نفسه، وفي الوقت نفسه هي الأيام الأول من عقارب الشتاء التي يقول عنها الأولون: «إذا دخلت العقارب فالخير قارب» أي قرب وقت اعتدال الجو، وتسمى العقارب لأن البرد فيها غير مستمر وإنما يأتي فيها موجات قصيرة لاسعة من البرد تدوم يوماً واحداً أو يومين ثم يعتدل الجو بعدها على التشبيه بلسع العقارب، وليس للتسمية علاقة بظهور العقارب فيها أو عدم الظهور كما يعتقد بعض الناس. وبذرة الست هي بداية لموسم زراعي يستمر عشرة أشهر يخصص كل وقت منه لنوع واحد أو أكثر من المزروعات، وهي تسبق بوقت قصير بذرة «الجَلْعَة» التي تصادف الأسبوع الثاني من شهر ربيع الآخر القادم، وهي بذرة عامة تزرع فيها كل المحاصيل الصيفية من الخضار والبقول والورقيات والأشجار المعمرة، أما بذرة الست فأهم ما يزرع فيها هو الحبحب والشمام والقرعيات والبرسيم وبعض الخضار ومنها الفلفل والباذنجان والباميا. وتقوم فكرة تحديد أيام البذرات على مدار العام على ملاحظتين سجلهما الأولون على مدى قرون مضت، الأولى: هي سلامة النبات في مراحل نموه الأولى من البرد (الصقيع) في مثل «بذرة الست» ومن الشمس (الحمص) في مثل «بذرة مُحْلِف»، ومن الإصابات الحشرية والآفات في المواسم الأخرى، والملاحظة الثانية: هي سلامة الثمرة من الإصابات فيما بعد لأنه لم يكن لديهم مبيدات ترش بها المحاصيل، والملاحظة الثانية مهمة جداً لأن كثيراً من المزروعات تنمو نمواً جيداً وتثمر ولكن الثمار تظهر فيها الإصابات الحشرية التي تفسدها، ومعروف علمياً أن بعض الإصابات تحدث في النبات في مراحل نموه الأولى ولكن آثارها تظهر على الثمرة فيما بعد.