بعد بحث مضنٍ، وجد أبو محمد خادمة منزلية للعمل في شهر رمضان، بعد هروب خادمته الآسيوية التي دفع مقابل وصولها إلى المملكة، ثمانية آلاف ريال، ولم تمض سوى أربعة أشهر فقط من العمل لديه في المنزل، وولت هاربة إلى جهة غير معلومة. أبو محمد وآلاف المواطنون، في مدينة جدة، ومع بداية شهر رمضان، تداولوا رسائل نصية تتمثل في «خادمات بنظام الساعة.. الساعة ب50 ريالا، لمدة خمس ساعات وأكثر، ومائة ريال للساعة الواحدة إذا كان العمل أقل من أربع ساعات، من جميع الجنسيات، إندونيسيات، سيريلانكيات، للاتصال أم عزام ... أم إبراهيم.. كمال الدين». وباتت الأسر السعودية تدفع نصف دخلها الشهري للعاملة المنزلية، مقابل القيام بأعمال منزلية من الممكن أن تقوم بها ربة المنزل، إلا أن العادة الاجتماعية طغت على كثير من البيوت، فباتت الخادمة جزءا لايتجزأ من (أغراض) رمضان التي يجب أن يجلبها رب البيت عند تسوقه لشراء حاجات الشهر الفضيل. وبين مواطن هربت خادمته بعد خسارته آلاف الريالات لاستقدامها، ومواطن لم يرهق نفسه عناء الاستقدام، وعمل على جلب خادمة من السوق السوداء ليست إلا لمواطن آخر، تبقى المعادلة أمام جميع المواطنين، صعبة الحل. ويضع المراقبون أمام طاولة المسؤولين في الجوازات وإدارات الاستقدام، عددا من الأسباب التي دفعت بالمواطن للانسياق وراء سماسرة همهم جمع المال، حتى لو كان على حساب الأمن والمجتمع والمواطن البسيط، الذي قد يعجز أحيانا في دفع إيجار شقته. وتتشكل القضية من خلال أسباب عدة كما يراها البعض، أبرزها مشاكل الاستقدام من بعض الدول الآسيوية، زيادة أسعار الاستقدام، الطلب الكبير على العمالة المنزلية لاسيما في مواسم رمضان، التي شكلتها الطبيعة الاجتماعية للسكان. وبين ل «عكاظ» مدير عام الجوازات في منطقة مكةالمكرمة اللواء سالم الزهراني أن السبب في تفشي ظاهرة السوق السوداء للخادمات يعود إلى المواطن، داعيا جميع المواطنين إلى سرعة إبلاغ إدارة الجوازات على الرقم الموحد لتبدأ الأقسام المختصة في الإدارة بالتعامل فورا مع جميع الحالات المبلغ عنها، ليتم التحقيق معهم ومعاقبتهم في حال ثبوت قيامهم بالتهريب أو التستر على الخادمات، أو أي ممارسة لعمل يخالف الأنظمة المعملول بها في المملكة. من جهته، يوضح ل «عكاظ» أحد السماسرة الذين يعملون على توفير خادمات بأجر يومي فضل عدم ذكر اسمه أن قائمة الطلبات لديه في الأسبوع الأول من شهر رمضان وصلت إلى أكثر من 752 طلبا يوميا، بمعدل خمس ساعات لكل طلب، حيث يتم استحصال 40 في المائة من قيمة الأجر لصالحه، فيما تحصل العاملة المنزلية على الباقي، مع توفير السكن والمواصلات. ويؤكد أن القائمة لديه تزيد وتنقص حسب الأعداد المتوفرة لديه من الخادمات المنزليات، اللاتي يفدن إليه من أحياء عدة في مدينة جدة بعد هروب البعض منهن، وإستئذان أخريات من كفلائهن للقيام بعمل إضافي لزيادة دخولهن. فيما يقول (عبدالجليل، ع) من أبناء إحدى الجاليات الآسيوية، أنه قدم إلى المملكة كسائق خاص، فوجد هذه المهنة رائجة ومن الممكن تحقيق أرباح مالية طائلة، فخاض غمارها منذ سبع سنوات، دون علم كفيله، حيث يعمل على جمع أرقام عدد كبير من العاملات المنزليات اللاتي يرغبن في العمل بنظام الأجر اليومي؛ أي بواقع خمس ساعات إلى ثماني ساعات في اليوم، ليتقاضين مبلغا مجزيا، يزيد كثيرا على العاملات النظاميات اللاتي يعملن بواقع 800 1200ريال، وهو مبلغ لا يمكن مقارنته بالمبلغ الذي تتقاضاه عاملة الأجر بالساعة الذي يصل في الشهر الواحد إلى خمسة آلاف ريال.