كشفت الجلسة الأولى من الجلسات التي تسبق افتتاح ملتقى تنظيم الأوقاف بالرياض، والذي تنظمه غرفة الرياض ومركز حقوق للتدريب القانوني الليلة، وترعاه صحيفة "سبق" إلكترونياً، أنه لا إحصاء للأوقاف بالسعودية، وأن بعض البنوك السعودية لم تُخرج الزكاة منذ عشر سنوات، وبيّنت أنه يمكن أن يرخص البنك الخيري من البنك المركزي (مؤسسة النقد)، ويكون رأسماله من الجهات الخيرية. جاء ذلك في ورقة علمية قُدمت اليوم في الجلسة والتي كشفت عن عددٍ من الأسباب التي تؤدي إلى حفظ بعض الأوقاف لدى حساب في مؤسسة النقد السعودي أو تجميدها، منها عمل المحاكم الذي يبنى على سبق قضائي متبع، وهو ما لا يجعل للقاضي محاسبة الناظر إلا عند الدعوى. وذكرت الورقة أن "من بين الأسباب تعدد القضاة في البلد الواحد، وكل قاضٍ لا ينظر من المعاملات إلا ما أُحيل إليه، باعتبار القضاء ولاية ذات اختصاص؛ ولذا فلا يمكن للقاضي أن يتولى متابعة الأوقاف ما لم تحل إليه، وأن الأوقاف الأهلية والخيرية لا يمكن حصرها لكثرتها، وكل حين يتقدم إلى المحاكم من يوقف وقفاً بشرط معين، ومتابعة كل هذه الأوقاف ونظّارها غير ممكنة، خصوصاً في المناطق التي يكثر فيها الوقف". وأوضح القاضي الدكتور هاني بن عبدالله الجبير، في ورقته التي قدمها بعنوان: "القضاء ودوره في الإشراف على نظّار الأوقاف"، أن القضاء ليس له السلطان التام على الأوقاف الخيرية العامة واستبدالها التي تتبع وزارة الأوقاف، بل لابد من إشعار إدارة الأوقاف وأخذ رأيها، كما تضمن ذلك نظام مجلس الأوقاف الأعلى وتعاميم وزارة العدل، وبالتالي صارت مهام القاضي الإشرافية موزعة بينه وبين مجلس الأوقاف الأعلى، الذي أيضاً أُنيط به حصر الأوقاف وتسجيلها، ووضع قواعد تحصيل واردات الأوقاف. وبيّن الجبير أنه من خلال ممارسة العمل القضائي والاطلاع على المجريات فيه، فإنه يظهر بكل وضوح أن الإشراف القضائي على النظّار محصور واقعاً بحالة التقدم للمحكمة في الدعاوى والإنهاءات، ولا يقوم قاضٍ بمحاسبة أو إجراء آخر تجاه ناظر إلا بطلب يقدم إليه، أو لكشف دعوى أو معاملة تتطلب ذلك، بل ربما يتقدم من يطلب إقامته ناظراً للوقف بدلاً عن ناظر متوفى، فتقيمه المحكمة ناظراً وتعطيه إعلاماً بذلك، دون أن يسأل عن مصروفات الوقف السابقة وتسجيلاتها، وما استلم وما لم يستلم. وأضاف الدكتور الجبير أن قيمة الأوقاف المبيعة إما لنقلها واستبدالها، أو لنزع ملكيتها للمصلحة العامّة، تحفظ لدى حساب الأوقاف بمؤسسة النقد، وقد تبقى مجمدة لديها مدداً طويلة دون أن يشتري بها بدلا أو يعمر بها، سواء كان ذلك إهمالاً من الناظر أو لضعف المبلغ، ولا يكون ذلك مدعاة لمساءلة الناظر. من جهة أخرى، أوضح الدكتور محمد بن سعود العصيمي، في ورقة العمل التي قدمها بعنوان: "بنك الأوقاف أو البنك الخيري"، أنه يمكن أن يرخص البنك الخيري من البنك المركزي (مؤسسة النقد)، مثله مثل أي بنك، ويراعي في رخصته الفروق الرئيسة بينه وبين البنك التجاري، ويكون رأسماله من الجهات الخيرية بحيث يكون العائد لهم، أو من الموقفين والمتبرعين الذين يريدون الأجر في عمل البنك. وبيّن أنه يمكن لبنك الأوقاف أن يقدم خدمات بنكية متكاملة، يقوم البنك بحفظ حسابات الجهات الخيرية "ودائع جارية وادخارية"، ويمكنهم من المشاركة في المشاريع الكبيرة مشاركة مع البنك الخيري، ويكون له هيئة شرعية مميزة، تعنى بفقه الزكاة والأوقاف. وعدد العصيمي مزايا البنك المقترح كزيادة تناغم قطاعات العام والخاص والأهلي، وإعادة التوازن الاجتماعي والاقتصادي بين الفئات والشرائح السكانية الموجودة في كل فئة، والإفادة من آلية خلق النقود لزيادة الائتمان لصالح الجمعيات الخيرية وغيره من المزايا. وأكد الدكتور محمد العصيمي أنه لا إحصاء للأوقاف بالسعودية، بينما في أمريكا وجدها في موقع إلكتروني واحد، مشيراً إلى أن بعض البنوك السعودية لم تُخرج الزكاة منذ عشر سنوات. ومن جانب آخر أكد مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان أنه بدءاً من عام 1434ه لن تحتاج الدولة إلى الصرف على البحث والتطوير. وخلال الملتقى تم استعراض النماذج الدولية في الأوقاف، وقدمها الدكتور عصام بن حسن كوثر، المدير التنفيذي للوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز، والتي أشار فيها إلى أن مبدأ الوقف أو الصدقة الجارية في المجتمعات الغربية يشبه إلى حد كبير "الهبات الدائمة" التي تتصف بالديمومة وريعها، وطرق استثمارها. وأضاف كوثر أن الهبات الدائمة تخضع إلى إدارة مالية محافظة حازمة لا يجوز لها أن تدخل في مخاطر استثمارية أو مغامرات مالية، فلا بد من إيداع الأموال كودائع طويلة الأجل مع نسب فائدة ثابتة في المؤسسات المالية الخاضعة لإشراف الحكومة التي تُؤمّن ودائعها، وقال كوثر: "استثمرنا أوقافنا في البنوك فأعطونا الفتات". وبيّن أن الاختلاف الرئيسي بين الهبات الدائمة في العرف الغربي والأوقاف الإسلامية ينحصر في سبل استثمار المال السائل؛ وذلك لاختلاف المعايير العقائدية كالفائدة الربوية، بينما تقوم الأوقاف الإسلامية باستثمار الأموال السائلة في مشاريع استثمارية محسوبة المخاطرة في مجالات مختلفة "عقارية، تجارية، أسهم.."، وذلك وفق الشريعة الإسلامية. واستعرض الدكتور كوثر بعض النماذج الدولية مثل: وقف بيل وميليندا جيتس ومقره سياتل في واشنطنبالولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي تقدر قيمته بأكثر من 37 مليار دولار، كأكبر وقف على مستوى العالم، إلى جانب أكبر الأوقاف الجامعية في العالم، كالموجود في الولاياتالمتحدة المتمثل في جامعة هارفارد بأوقاف أكثر من 31 مليار دولار، وبالمملكة المتحدة المتمثل بجامعة كامبريدج وبأوقاف أكثر من أربعة مليارات جنيه إسترليني، وكندا المتمثل بجامعة تورونتو بأوقاف أكثر من مليار ونصف المليار دولار.