أصدرت الهيئة الصحية الشرعية المختصة بالنظر في قضايا المستشفيات والمستوصفات الخاصة بمنطقة الرياض، حكماً على طبيبة عربية بسداد مبلغ مليون و 675 ألف ريال لأحد المواطنين، بعد ارتكابها أخطاء أثناء توليد زوجته أسفرت عن أضرار بالغة لا يزال يعاني منها الطفل المولود. وتشمل نقصاً في القدرات العقلية والحركية، وعدم القدرة على الكلام أو التحكم في عملية الإخراج. وألزمت الهيئة الصحية، المستشفى الشهير الذي كانت تعمل به الطبيبة أثناء ارتكابها لهذه الأخطاء المهنية بتسليم المبلغ المحكوم به إلى المواطن المتضرر، لعدم وجود تأمين للطبيبة المذكورة. وكانت الهيئة الصحية الشرعية المختصة بنظر قضايا المستشفيات والمستوصفات الخاصة، بدأت نظر هذه القضية بناء على شكوى تقدم بها أحد المواطنين ضد طبيبة تعمل في أحد المستشفيات الخاصة الكبرى بمدينة الرياض بصفته ولياً جبرياً لابنه "ريان". وجاء في الشكوى أن زوجته كانت تتابع الحمل مع إحدى الطبيبات في المستشفى المذكور, إلا أن حجم الطفل أثناء الولادة كان كبيراً نسبياً، وأنه أبلغ الطبيبة باستعداد زوجته لإجراء عملية ولادة قيصرية في حال احتاجت لذلك، إلا أن الطبيبة أعلمته أن الأمور تسير بشكل طبيعي. إلا أن الولادة تعسرت ولم تفلح محاولات الطبيبة للاستعانة بأي من أطباء المستشفى، فاستدعت عدداً من عاملات النظافة والممرضات قمن بالضرب على بطن الأم في محاولة لإنزال الطفل، الذي خرج وكأنه جثه هامدة، ليتم نقله إلى العناية المركزة وإعطاؤه أكسجين لمدة 5 ساعات متواصلة. وبحسب الوالد، فإن الطفل المولود يعاني الكثير من المشاكل الصحية، ولا يستطيع الكلام أو المشي أو الاعتماد على نفسه، فضلاً عن التشنجات التي يتم علاجها بالمسكنات، مطالباً بتعويضه عن الأضرار، وما فقده الطفل من منافع وما تتحمله أسرته من تكاليف علاج وتأمين مقابل من يرعاه مدة حياته. واستندت الهيئة الصحية الشرعية في حكمها إلى تقرير طبي صادر عن مدينة الملك سعود الطبية، مُوقّع من استشارية النساء والولادة بالمدينة يشرح حالة المريضة وما تم من إجراءات علاجية لها. ويتضمن إفادة عن الأخطاء المهنية التي ارتكبتها الطبيبة التي قامت بعملية التوليد، منها إعطاء المريضة عقار السينتوسينون حال وصولها للمستشفى، كذلك الخطأ في تقدير وزن الجنين، والخطأ الجسيم في إعطاء الأم عقار الإتروبين عندما انخفض نبض الجنين أثناء الولادة، إضافة إلى الضغط على قاع الرحم لإنزال المولود الذي قد يتسبب في مضاعفات خطيرة للأم والجنين على حد سواء. كما أحالت الهيئة الشرعية القضية لأحد استشاريي النساء والولادة بمدينة الملك فهد الطبية لدراستها وإبداء الرأي فيها، وجاء تقرير الطبيب الاستشاري مؤكداً للأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الطبيبة المشكو في حقها أثناء عملية التوليد، ومن هذه الأخطاء عدم إجراء الأشعة الصوتية لمعرفة حجم الجنين التقريبي، وطلب تحليل دم للسكر, إضافة إلى إعطاء الأم عقار منشط للطلق في حين كان من الواجب مناظرة تخطيط الجنين وانقباضات الرحم أولاً. كما أشار تقرير استشاري النساء والتوليد أن ما ورد في ملف القضية من تأكيد الطبيبة على أن حجم الجنين جيد، يدل على عدم إلمامها أو معرفتها بأساسيات القراءة الصحيحة لتخطيط الجنين وانقباضات الرحم، حيث كان هنالك ضعف شديد لضربات قلب الجنين استمر أكثر من ساعة. وقال: "كان من الواجب إجراء ولادة قيصرية عاجلة". وخلص تقرير الطبيب الاستشاري أن عدم إجراء الطبيبة عملية قيصرية عاجلة، يجعلها المسؤولة عما حدث للطفل من إعاقة، لمخالفتها للأصول والقواعد الطبية الواجب اتباعها في هذه الحالات. وعن حجم الأضرار التي لحقت بالطفل جراء هذه الأخطاء، استندت اللجنة إلى تقرير طبي آخر صادر من مدينة الملك سعود الطبية وموقع من أحد الأطباء الاستشاريين في المخ والأعصاب، يؤكد أن الطفل يعاني من شلل دماغي رباعي وتشنجات متكررة وضمور في المخ منذ الولادة، بسبب تعرضه لاختناق أثناء ولادته، كما يعاني من تأخر شديد في القدرات الذهنية والكلام والنطق. كما لا يستطيع استخدام اليدين في إمساك الأشياء، إضافة إلى عدم قدرته على المشي أو الوقوف، أو مضغ الطعام، كما أنه غير قادر على التحكم في البول أو البراز. وبناءً على ذلك أقرت الهيئة الصحية الشرعية وعلى ضوء ما ورد في التقارير ومشاهدة الطفل، الآتي: أولاً: تعويضاً قدرة 75 ألف ريال حكومة للأضرار الذهنية ونسبة العجز بالجسم التي تزيد عن 25 %. ثانياً: قدّرت عدم القدرة على الكلام والنطق بمبلغ 300 ألف ريال شرعاً، وتأثر حركة الأطراف العلوية بنسبة 75 % بمبلغ 225 ألف ريال حكومة، وعدم القدرة على الأكل والشرب بمبلغ 150 ألف ريال حكومة، وعدم التحكم في البول بمبلغ 300 ألف ريال شرعاً، وعدم التحكم في البراز ب 300 ألف ريال شرعاً، ليصبح إجمالي مبلغ التعويض مليوناً و 675 ألف ريال. ويتحمل التكاليف المستشفى لعدم قيامه بالتأمين على الطبيبة التي ارتكبت الخطأ باعتبارها ضامنة لسداد التعويض، مع حق المستشفى في الرجوع على الطبيبة في ما دفعته من تعويضات جراء ما ارتكبت من أخطاء، وفق ما ينص عليه نظام مزاولة المهن الصحية.