احتفى إمام وخطيب المسجد الحرام والمشرف العام على مؤسسة جامع إمام الدعوة بمكة المكرّمة الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس، الليلة الماضية، بالوفود المشاركة في منافسات الدورة33 لمسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، المقامة حالياً في رحاب المسجد الحرام بمكة المكرّمة، يتقدمهم أصحاب الفضيلة أعضاء لجنة تحكيم، ورؤساء وأعضاء اللجان العاملة في المسابقة. وأكّد الشيخ السديس أهمية المسابقة ودورها في تحفيز الشباب على حفظ كتاب الله, وقال مخاطباً شباب الحفظة: إنه لشرف عظيم وفرصة مباركة أن نلتقيكم الليلة على مائدة كتاب الله وعلى تكريم حفظته، وإنه بفضل الله علينا أن منّ علينا بهذا القرٍآن العظيم، قال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}، و{وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون}، و{لقد أنزلنا إليكم كتاب فيه ذكركم أفلا تعقلون}. وقال إن هذا الكتاب العظيم هو سبب خيرية هذه الأمة وإكسير سعادتها والطريق إلى حضارتها ونصرتها وهدايتها وجعل رايتها خفاقة بين العالمين. لقد كانت هذه الأمة قبل هذا الكتاب لم تكن شيئاً مذكوراً، بينما بعد ذلك رفعها الله - عزّ وجلّ - بهذا القرآن وأخرجها بهذه الرسالة وبهذا الوحي من الظلمات إلى النور، فالحمد لله الذي جعلنا من أهل القرآن، ونسأله تعالى أن يجعلنا من أهل الله وخاصته بمنه وكرمه، وإن من فضل الله على المملكة العربية السعودية أن كانت رائدة لكتاب الله تبارك وتعالى، وليس هذا بغريب، فالقرآن العظيم إنما نزل في هذه البقاع المباركة، هذه البلاد هي مهبط الوحي ومنبع الرسالة ومحط أنظار العالم كله، فمن فضل الله - عزّ وجلّ - عليها أن شرّفها بالقرآن، ومن فضل الله - عزّ وجلّ - على قادتها وولاتها أنهم يحفظون لكتاب الله، ويتحاكمون إليه، ويجعلونه منطلقاً للحكم والتعامل والعبادة والعقيدة والتعامل والتحكيم في شتى مجالات الحياة، كما أن هذه البلاد بفضل الله ومنه، عنيت بهذا الكتاب العزيز من خلال إقامة هذه المسابقات القرآنية المحلية والدولية التي تجمع أبناء المسلمين على التنافس في حفظ كتاب الله - عزّ وجلّ – وتجويده وتفسيره وتدبره، ولا شك أن هذا فخر عظيم وشرف كبير للمشاركين في هذه المسابقة. وقال الشيخ السديس: إن مسابقة الملك عبد العزيز - رحمه الله - تحمل من المزايا والخصائص ما ليس لغيرها، فهي - بحمد الله - تعنى بهذا الكتاب كأم للمسابقات وهي تخدم هذا الكتاب العزيز منذ ما يقرب من ثلاث وثلاثين سنة، كما أن هذه المسابقة تكتسب الصبغة العالمية والإخوة الإنسانية، فهي تجمع أبناء المسلمين من شتى أقطار الأرض وأصقاع المعمورة يجتمعون في أرض مكة المكرّمة على التنافس في حفظ كتاب الله، قال تعالى : {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}، كما أن من مزاياها أنها تعقد في رحاب المسجد الحرام حيث المكان الذي انطلقت منه رسالة القرآن والدعوة إلى الله تبارك وتعالى في كل مكان بحمد الله، ثم إنها تحمل اسم المؤسس الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه -، ولا يزال أبناؤه البررة حتى هذا العهد المبارك عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود، وفقهما الله، يعنون بهذا الكتاب العزيز تحاكماً وتحكيماً، وتعليماً ونشراً في كل مكان ولله الحمد والمنة، وما هذه المسابقة إلا أنموذج مشرف يدل على عناية هذه الدولة وفقها الله بكتاب الله - عزّ وجلّ -. وأبان إمام وخطيب المسجد الحرام أن الأمة الإسلامية تمر بتحديات كبيرة وفتن عظيمة لا مخلص منها، ولا مخرج منها إلا الاعتصام بكتاب الله، موصياً فضيلته المتسابقين حفظة وحملة كتاب الله بإخلاص النية لله - عزّ وجلّ -، والحرص على تعلم القرآن وتعليمه، والإيمان بهذا الكتاب والتصديق به والحرص على تلاوته وحفظه، وأن نتعدى مرحلة التلاوة والحفظ، إلى التدبر والتأمل، ورعاية مقاصد الشريعة في فقه الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وفي جلب المصالح ودرء المفاسد والسير على منهج الوسطية والاعتدال، وفي إبراز محاسن الإسلام والتخلق بأخلاقه، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها-: (كان خلقه القرآن) ، فهنيئاً لكم أيها الإخوة حفظة كتاب الله والمتنافسون فيه هذا الشرف العظيم، ويا بشراكم بما وعد الله عزّ وجلّ ، ونسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه. ونوّه بجهود وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بقيادة الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، في تنظيم هذه المسابقة ورعايتها. وأكد الأمين العام للمسابقة الدكتور منصور بن محمد السميح، أن المسابقة اجتماع ومؤتمر عالمي قرآني تحتضنه مكة المكرّمة مهبط الوحي، وقال في كلمته لقد أكرمنا الله - عزّ وجلّ - للعام الثاني على التوالي أن أقيمت هذه المسابقة في الحرم المكي الشريف حيث سمعنا، ولله الحمد، لتلك التلاوات الجميلة، وتلك القراءات الرائعة التي خشع فيها وتألق فيها المتسابقون، وهذا يدل على عظم هذا المكان وجلالة قدره الذي أكرم الله - عزّ وجلّ - هؤلاء المتسابقين الذين شرّفهم الله تعالى فهم ولله الحمد صفوة من في بلادهم من حفاظ القرآن الكريم الذين اجتمعوا في هذا المكان، بل في مكة المكرّمة وفي المسجد الحرام؛ ليتنافس شباب العالم الإسلامي في حفظ كتاب الله تعالى.