يأتي اجتماع عشرات القياديين من فصائل المعارضة السورية في الرياض تتويجاً للجهود السياسية والدبلوماسية الواسعة التي بذلتها السعودية في إطار دعمها للقضية السورية منذ اندلاع الثورة في عام 2011، حيث تنظر المملكة إلى الثورة السورية باعتبارها بؤرة صراع "جيوسياسي". وكان الملك سلمان بن عبدالعزيز قد أكد في القمة التشاورية الخليجية التي انعقدت في يونيو الماضي أنه لا مستقبل لبشار الأسد في سوريا.
ودعا مجلس التعاون إلى عقد مؤتمر للمعارضة السورية في الرياض، بهدف رسم ملامح مرحلة ما بعد "الأسد"، والتأكيد على أهمية إيجاد حل سياسي في سوريا بما يحقق رغبات السوريين.
وقال مراقبون: "يظهر الموقف السعودي من الأزمة السورية واضحاً منذ البداية ، حيث وجّه الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز خطابه التاريخي في أغسطس 2011 وأكد أن المملكة لا تقبل ما يحدث في سوريا وأن الحدث أكبر من أن تبرره الأسباب ، وأن مستقبل سوريا بين خيارين إما الحكمة أو الفوضى".
وأضافوا: "طالبت السعودية النظام السوري بإيقاف آلة القتل وإراقة الدماء، وتفعيل إصلاحات شاملة، وأكدت انها ستتحمل مسؤوليتها التاريخية نحو أشقائها".
وأردف المراقبون: "يعود سبب الموقف السعودي الداعم بقوة لتحقيق مطالب الشعب السوري إلى أن الثورة دخلت منعطفات خطيرة منذ تدخل دول أجنبية في الصراع، فالرياض تنظر للثورة على أنها نقطة الارتكاز لصراع جيوسياسي أوسع نطاقاً مع التغلغل الإيراني في المنطقة والمحاولة لتصدير الفوضى والدمار وتحويل الدول العربية إلى مصدر تهديد للمنطقة".
وتابعوا: "لقد تيقنت السعودية بأن نظام الأسد لا يستطيع أن يتخذ أي خطوة شجاعة للإصلاح أو التنحي عن الحكم ، فمنذ شرع في استخدام آلة القتل ضد شعبه قد آذن بفقدان شرعيته، ولذا سارعت المملكة في صناعة موقف دولي ضد نظام الأسد ووحشيته ، وساهم ذلك في إدانة دولية لجرائم النظام السوري".
وقال المراقبون: "زاد الموقف السعودي صرامته في موقفه باعترافه بالإئتلاف السوري ممثلاً للشعب السوري ، ثم دعم الائتلاف للحصول على مقعد سوريا في الجامعة العربية بعد تجميد عضويتها ، وحين غاب الائتلاف عن القمة العربية في الكويت 2014 تحدث الملك سلمان الذي كان ولياً للعهد بلغة حازمة وقال (إننا نستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف يحتل مكانه الطبيعي في مقعد سوريا، وخاصة أنه منح هذا الحق في قمة الدوحة)".
وأضافوا: "واصلت المملكة على الجانب السياسي والدبلوماسي جهودها الداعمة للوصول إلى حل سياسي للقضية السورية ، ولكن على صعيد آخر كان هناك دور إغاثي لدعم الأشقاء السوريين ، حيث احتوت مليونين ونصف سوري ومنحتهم حق الدراسة والعلاج والعمل ، وتجاوزت المساعدات الإنسانية التي قدمتها المملكة للأشقاء السوريين 700 مليون ريال".
وأردف المراقبون: "لقد أكدت المملكة على لسان الملك سلمان ولسان وزير خارجيتها عادل الجبير أنه لا مستقبل للأسد في سوريا ، وأنه إن لم يرحل وفق حل سياسي فليس من المستبعد أن يتم الأمر وفق الحل العسكري".
وتابعوا: "قدمت المملكة دعمها لفصائل المقاومة السورية المسلحة لمواصلة الانتصارات ومقاومة الاحتلال الروسي الإيراني للأراضي السورية ، الذي انتقدته المملكة بشدة وخصوصاً خلال المداخلة الشهيرة لوزير الخارجية الراحل الأمير سعود الفيصل في القمة العربية الماضية".
وقال المراقبون: "تقدمت المملكة التي ترأس لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أيام قليلة، بقرار سعودي مقترح يدين تدخّل إيران وروسيا العسكري في سوريا، كما يدين الهجوم الروسي والإيراني على المعارضة المعتدلة في سوريا، ويدعو إلى وقف فوري للهجمات، واعتبر هذه الهجمات في مصلحة "داعش".
وأضافوا: "السعودية وهي تجمع السوريين تحت مظلة واحدة إنما تؤكد على موقفها في دعم الإستقرار لسوريا ووصولها لبر الأمان بعيداً عن التدخل الروسي والإيراني والتنظيمات الإرهابية مثل داعش وحزب الله ، وكذلك تعلن حرصها على قيام دولة مدنية تستجيب لمطالب الشعب التي رددها منذ ما يقارب خمس سنوات".