أبرز محللون سياسيون ل"سبق " الدور التاريخي الذي لعبته عمليتا "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل"، اللتان انطلقتا لإعادة الشرعية والأمن والاستقرار لليمن، وإفشال المخطط الإيراني للتمدد والتوسع في المنطقة من خلال حليفهم الحوثي. واصفين العمليتين بأنهما تعدان أساساً لبناء اللحمة العربية، وإعلاناً ينتمي إلى الذات ويسعى لإعادة اكتشافها، وإعلان نهضة العرب من جديد، وأخذهم زمام المبادرة بمعالجة قضاياهم بأنفسهم، وانتزاعهم لحقوقهم من مغتصبيها، وردع المعتدين، وإفشال المشاريع الاستعمارية.
وقال المحلل السياسي مستشار التلفزيون السعودي مبارك آل عاتي العجمي ل"سبق ": "إن عاصفة الحزم التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود فجر يوم الخميس السادس والعشرين من جمادى الثاني لعام 1436 للهجرة الموافق السادس والعشرين من مارس من عام 2015 كانت عنواناً جديداً وتاريخاً حديثاً لإعلان وحدة مصير وترابط الدم العربي بعضه مع بعض، حيث هبت دول التحالف العربي والإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية لنجدة اليمن الشقيق وتحريره من براثن الاحتلال الإيراني والتوسع الفارسي في البلدان العربية".
وأضاف: "إن عاصفة الحزم كانت إعلاناً لنهضة العرب من جديد من مرقدهم، وأخذهم بزمام المبادرة بمعالجة قضاياهم بأنفسهم، وانتزاعهم لحقوقهم من مغتصبيها، وردع المعتدين على أراضيهم، ودحر وإفشال المشاريع الاستعمارية".
وأردف المحلل السياسي آل عاتي: "لقد نجحت عاصفة الحزم وعملية إعادة الأمل في تحقيق جملة من الأهداف والمصالح العربية أهمها وأبرزها إحباط المشروع الفارسي، وإنهاء النفوذ الإيراني، والقضاء على التمرد الحوثي، ودحر عدوان مليشيات الرئيس المخلوع، وتحرير أكثر من 80 % من الأراضي اليمنية حتى الآن، وإعادة الرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي وجميع أعضاء حكومته، الذين تنتظرهم العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية والتنموية، التي تتطلب العمل بالتكاتف مع مختلف الأطراف اليمنية، ونبذ الاختلافات، والتشارك في إعادة صياغة مستقبل الدولة اليمنية ذات النظام البرلماني أو الرئاسي".
كما شدد آل عاتي على أن: عاصفة الحزم قد أثبتت ترابط المصالح والمصير المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي وبين اليمن الشقيق، وأن أمنهم كل لا يتجزأ، وأنهم معنيون بكل ما يحدث من صراع أو تنازع أو اعتداء على أي دولة من دولهم بحكم التداخل الاجتماعي وروابط الأخوة والنسب والدين والدم والمصير الواحد.
وبدوره أكد رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات والكاتب السياسي اليمني الدكتور نجيب غلاب ل"سبق " أن عاصفة الحزم وإعادة الأمل مسار جديد في سياسات دول مجلس التعاون، قد فتحتا الأفق لإستراتيجيات أكثر حسماً في التعامل مع التهديدات والمخاطر التي تواجه أمن المنطقة، وأسستا لمرحلة تاريخية مفصلية أحدثت تحولاً مهماً وضرورياً مكن العرب من بناء القوة، واقتناص الفرص في ظل أوضاع ومتغيرات تحاول محاصرة دول الجزيرة العربية.
وتابع "غلاب ": "لم يكن الانقلاب الذي خططت له منظومات إقليمية ودولية متغيراً تلقائياً، بل فعل مخطط له لاستهداف العرب، وشرارة محملة
بالشر والخبث، وتحد مباشر يمس الأمن القومي العربي، ويهدد المصالح الوطنية اليمنية في العمق".
وأضاف: "عاصفة الحزم وإعادة الأمل منظومة لها أبعاد متعددة ليس الجانب العسكري إلا وجهها الأكثر صرامة وحسماً، وهما تعبير عن أعلى الاهتمام بالمسألة اليمنية، وانعكاس لسياسة دول الخليج التي ترى أمن اليمن ومصالحه الوطنية جزءاً لا يتجزأ من أمن الجزيرة العربية".
وقال: "لقد دشن التدخل العربي في اليمن في ظل تحديات لا يمكن مواجهتها بالدبلوماسية الناعمة وسياسات تقديم المساعدات وشراء الولاءات، وإنما بالخيارات الأكثر جدوى لتجاوز الانتهازات، وضرب المخططات الفوضوية التدميرية، وخنق المؤامرات القذرة التي تحركها الأحقاد والكراهيات التي تؤسس لنفسها على عقائد وأوهام وأطماع متنوعة".
وأوضح رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات: "كان اليمن ورقة تتلاعب بها أطراف متعددة لاستهداف أمن واستقرار الخليج، وبوابة لمكاسب لا علاقة لها بالمصالح اليمنية وأمن العرب، وإنما بخدمة أطراف إقليمية ودولية لا ترى اليمن إلا أداة وظيفية حقيرة وغبية لخدمتهم".
وأشار إلى أن التدخل العربي إنقاذ لكرامة اليمني، وباب عربي لإنقاذ اليمن من السقوط في وحل الفوضى، والرضوخ لإستراتيجيات نافية لوجوده وخانقة لطموحاته، والقذف به في لعب أدوار مدمرة لأمنه الوطني.
واعتبر الدكتور نجيب غلاب أن التدخل العربي بقيادة المملكة العربية السعودي "أعاد بناء اللحمة الخليجية، وأسس لثقة وتكامل أعمق، وتم تجاوز بعض الإعاقات التي أحدثتها نزاعات القوى العربية ببعديها الرسمي وغير الرسمي، وأظهرت بوضوح تام أن دول الخليج بناء متماسك وكتلة مكتملة مهما كانت الاختلافات، وأنها تمتلك فائض قوة في الأبعاد العسكرية والمالية والدبلوماسية والسياسية والأمنية، وأن تكتل قوتها كفيل بتمكنها من حماية أمنها وقادرة على التأثير وبناء سياسات أكثر استقلالية، وأنها تمتلك الطاقات الكافية لمواجهة التهديدات وفق الأنساق الحاكمة للقانون الدولي، وملتزمة وهي تقاوم الضغوط بالأعراف وقادرة على إجبار الآخرين على الالتزام والاعتراف بمصالحهم وأمنهم".
وأضاف: "اليمن هي اليوم بكل تعقيداتها منطلق لتحرير وجودنا العربي، وأصبحت بفعل العاصفة وإعادة الأمل مرتبطة بشكل عضوي بدول الخليج، وهذه الولادة الجديدة لليمن تؤسس لمتغيرات حيوية ستمكن الجزيرة العربية من بناء مركزية عربية لا محالة أنها ستعيد بناء خارطة التكامل العربي بما يمكن كافة دول العرب من تجذير دولها الوطنية وحماية أمنها وتصفية قوى الفوضى، والبدء في عقلنة المصالح والأمن بما يحقق أرباحاً تنسج السلام، ناهيك عن التأسيس لقيم التضحية لحماية أواصر الإخاء بين العرب".
وأكد المحلل السياسي غلاب أن "تباشير عاصفة الحزم وإعادة الأمل ليست ذات بعد مادي مركز على الأمن والمصلحة، وإنما تعبير عميق عن استعداد العربي لتقديم التضحية والبذل والعطاء من أجل إنقاذ أخيه، لذا فهي التعبير الأعلى عن ملحمة الأخوة والكرامة مهما كانت التضحيات".
ومن جهته أكد المحلل السياسي اليمني " أنيس منصور الصبيحي " رئيس تحرير موقع " هنا عدن " الإلكتروني، والصحفي في وكالة الأنباء اليمنية الرسمية " سبأ " في حديثه ل"سبق " أن عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل لإعادة الشرعية إلى اليمن لعبتا دوراً تاريخياً في تكوين قوة عربية للتصدي لأي خطر، مشيراً إلى أنها تجربة تحد ورسالة لكل من يريد أن يعبث بأمن وسلامة الخليج، بالإضافة إلى كونها ساهمت في إنقاذ اليمن من احتلال فارسي كان قد بنى كثيراً من العوامل الموجودة على الأرض مع بعض العوامل ديبلوماسياً وسياسياً، حيث استطاعت دول الخليج أن تؤمن نفسها أولاً ثم تؤمن اليمن ثانياً، فهي حققت التأمين إقليمياً من جهتين: تأمين للخليج وتأمين لليمن".
وأضاف "الصبيحي" أن "المغتربين اليمنيين استفادواً كثيراً من قرارت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز التي واكبت العمليات العسكرية في اليمن، في الوقت الذي لم يستفد فيه الشعب اليمني من إيران شيئاً، مشيراً في هذا الصدد إلى وجود ما يقارب 300 طالب في إيران لكنهم يعودون لهدم الوطن! في المقابل يوجد في الخليج أكثر من 4 ملايين مغترب يمني كلهم يعولون أسراً ومشاريع ومؤسسات، فلهم دور كبير وفعال في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية في اليمن".
وأشار إلى أن دول التحالف لم تأت لتنفيذ مجهود فقط، حربي أو قتالي، إنما بدافع إنساني، حيث تواجد مركز الملك سلمان للإغاثة وجمعيات الهلال الأحمر الإماراتي والقطري والكويتي وغيرها، كان لها مساهمة كبيرة في معالجة الوضع الإنساني والخيري والإغاثي والخدمي في اليمن.
وأكد أن عمليتي "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" بدأتا تقرّب اليمن كثيراً من قرار الانضمام والاندماج الكامل في عضوية مجلس التعاون الخليجي، والذي سيكون مرهوناً بحسب تصريحات مسؤولي المجلس بعد الانتصار والقضاء على الميليشيات الانقلابية، مضيفاً أن "اليمن ستظل جزءاً من مجلس التعاون الخليجي بفضل هذه العملية".
ولفت إلى أنه "مع هبوب عاصفة الحزم انتقلت الكثير من مؤسسات الدولة اليمنية، وأصبحت تدار من داخل دول المجلس مع التواجد والترابط الإعلامي والثقافي بين النخب اليمنية والخليجية، حيث حظيت اليمن بالكثير من الامتيازات بسبب عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل، والفضل لله ثم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله".
وتابع المحلل السياسي اليمني "أنيس الصبيحي " "هناك قلق ينتاب دول الخليج في مسألة عودة الشرعية للحكومة اليمنية التي يرأسها هادي، وهناك قوى إقليمية تريد أن تستفيد من الأحداث في اليمن قبل العاصفة، وبالتالي كان لا بد من سد الفجوة وقطع الطريق على أي مؤشر آخر يريد تكرار السيناريو الليبي أو السوري في اليمن، والذي سيكون له انعكاسات سلبية على دول الخليج، فكان التسريع من ضرورة عودة الشرعية حتى لا تحصل سيناريوهات أخرى في ظل المؤامرات التي تُحاك حول الخليج تحديداً".