سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
باحث: قرار مجلس الوزراء إنشاء هيئة للأوقاف يفتح آفاقاً للاستثمارات الوقفية طالب العلماء والمجامع الفقهية بمعالجة القضايا التي تعيق تطوُّر الأوقاف وتنميتها
اقترح سلمان بن محمد العُمري، المستشار والباحث في الشؤون الإسلامية والاجتماعية، أن يكون لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، دور كبير وإسهام قوي لرسم استراتيجية التنمية والاستثمار من جديد في المجالات الوقفية؛ لأن العمل يحتاج إلى تضافر الجهود، ورسم خطط جادة واضحة المعالم، تعطي الثقة للناس في إحياء رسالة الوقف وفق الصورة المأمولة؛ ليكون دعامة متينة للهيئة العامة للأوقاف، التي وافق على نظامها مجلس الوزراء الموقر، ولتُفتتح له آفاقٌ جديدة في الاستثمارات الوقفية؛ ليعم نفعها المجتمع. وقال إن رسم استراتيجية جديدة للنهوض بالأوقاف متزامن مع بدء عمل الهيئة العامة للأوقاف، التي وافق على نظامها مجلس الوزراء (هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة، تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وترتبط برئيس مجلس الوزراء، وتهدف إلى تنظيم الأوقاف والمحافظة عليها وتطويرها وتنميتها، بما يحقق شروط واقفيها، ويعزز دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكافل الاجتماعي).
وتُشرف الهيئة بموجب هذا النظام على جميع الأوقاف العامة والخاصة (الأهلية) والمشتركة، كما تُشرف على أعمال النظّار الذين يعينهم الواقفون في حدود ما تقضي به الأنظمة، وبما لا يخالف شروط الواقفين أو يدخل في أعمال النظارة. ويكون لهذه الهيئة مجلس إدارة يرأسه رئيس يعيَّن بأمر من رئيس مجلس الوزراء، ويكون لها محافظ يعيِّنه مجلس إدارة الهيئة.
وأشار العُمري إلى أنّ ذلك يعد انطلاقة جديدة لإحياء سُنة الوقف في المجتمع؛ إذ يمثل الوقف بالسعودية ثروة اقتصادية كبرى، تنتظر التفعيل. وإن الآمال معقودة بإذن الله على هيئة الأوقاف بالنهوض بالوقف في السعودية، وتنمية استثماراته وتطويرها إلى الأفضل. مشيراً إلى أن الحاجة ماسة لأن تقوم الأوقاف بدورها، وأن تساهم مساهمة فاعلة في التنمية وفق رؤية شرعية منطقية غير تقليدية، يمكن لها أن تمد عمليات الوقف بالمزيد من القوة والفاعلية. فجوانب التطوير والتجديد في العمليات المعاصرة في إدارة الأوقاف وتنميتها من أسباب تأخره وتراجعه عن تحقيق دوره الفاعل بالنهوض بالوقف وتفعيله من النواحي الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والتعليمية، والثقافية، والإعلامية، التي تساعد وتسهم في حل كثير من المشكلات التي تواجه المجتمع في وقتنا الحاضر.
وأكّد العُمري أنّ من أولى خطوات التصحيح والمعالجة لواقع الوقف بالسعودية توسيع مفهوم الوقف لدى عامة الناس، وتغيير ثقافتهم وتصوراتهم عن الوقف؛ لكي لا يختصر في بعض الأوجه التقليدية، وبيان ما قدّمه الوقف قديماً، وما يمكن أن يقدّمه مستقبلاً في مجالات الحياة الاجتماعية كافة للمسلمين، وأنه مع الجهود التي يضطلع بها بعض القائمين على المؤسسات والهيئات الخيرية بإقامة أوقاف إلا أنها محدودة جداً، وتواجهها عوائق وصعوبات كثيرة. وإذا كنا نتطلّع لإحياء سُنة الوقف فلا بد من نشر هذه الثقافة، وتعميم التعريف به للناس بدرجة الاهتمام نفسها، بتسهيل إجراءات الوقف وإجازته، وتوفير كل ما يلزم لتنميته واستثماره؛ فتنمية التعريف بأهمية الوقف هي الخطوة الأولى لتنمية الأوقاف، ولا تتحقّق تنمية أموال الوقف بحال من الأحوال قبل تنمية التعريف به؛ فالإنسان عدو ما جهل، وإذا كان الناس لا يعرفون أهمية الأوقاف، ولا يدركون دورها في التنمية، فلا تستغرب عدم تفاعلهم مع ما يُطرح من دعايات للاهتمام به؛ ما يؤكّد أهمّيّة وضع برامج ميسّرة للتوعية بأهمية الأوقاف، علمية وإعلامية وخطابية ودعوية حاسوبية.
وأعرب سلمان العُمري عن تفاؤله بالنهوض بالوقف الذي يعد من دعائم أي نهضة حضارية واجتماعية للمسلمين؛ لأنه ركن أساس للازدهار الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، وهو ينبني على روح التكافل والتعاضد والبذل والعطاء. ومن هنا لا بد من ترسيخ ثقافة الوقف، ونشرها على أوسع نطاق وفق خطط وبرامج طموحة، تسهم فيها مؤسسات المجتمع كافة، الحكومية والأهلية والخيرية، وكذلك الأفراد. مشيراً إلى دراسته البحثية الأخيرة المعنونة ب"ثقافة الوقف في المجتمع السعودي"، التي خرج بها بأكثر من ثلاثين توصية، وهي رؤى من منظور اجتماعي شرعي، يمكن أن يؤخذ بها وتفعيلها من ذوي الشأن لتحقيق الأهداف المطلوبة لإحياء سُنة الوقف.
ودعا المستشار والباحث في الشؤون الإسلامية والاجتماعية الفقهاء والمجامع الفقهية إلى معالجة كل القضايا التي تعيق تطوُّر الأوقاف وتنميتها وسبل تماشيها مع روح العصر دون الإخلال بشروط الواقفين؛ إذ إنّ لدى القائمين على الأوقاف مشكلات كثيرة تتعلّق بذلك، بخلاف المشكلات الإدارية والتنظيمية، مع ضرورة توسيع دائرة المشاركة في الأعمال الوقفية، والإفادة والاستفادة منها، وأهمية العمل على اختيار كفاءات وطنية، تعمل في قطاع الأوقاف، مع ضرورة إلحاقهم بدورات وبرامج تختص بالوقف الإسلامي وأوجهه المتعددة وطرق التسويق والاستثمار والإعلام وتدريب العاملين والراغبين في العمل التطوعي، بما يخدم الشرائح المجتمعية قبل التحاقهم بالعمل الوقفي؛ ما يساهم بفاعليّة في جهود تنمية المجتمع.