أوضح وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، رئيس المجلس الأعلى للأوقاف، الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، أن الثمار التي جنتها الأمة الإسلامية من الأوقاف في العصور الماضية كبيرة، مما يعد من محاسن هذه السنة الشريفة، وتدفع إلى إنعاشها وتطويرها والعناية بها. وقال: لقد كان للملك عبدالعزيز رحمه الله العناية التامة بالأوقاف، فاعتنى ببناء المساجد وشؤونها، والدروس العلمية فيها بصفة عامة، وبالحرمين الشريفين وشؤونهما بصفة خاصة، فأمر بإنشاء إدارات للأوقاف في كل من مكةالمكرمة والمدينة المنورةوجدة، وسار أبناؤه الملوك والأمراء يتبعون أثره في أعمال الخير، وتابعوا الاهتمام بالأوقاف ورعايتها وتنظيمها، وأُنشئت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، كما أُنشئت لها الفروع في كل مناطق المملكة، وتوج عقب ذلك إنشاء هيئة عامة للأوقاف، وكان اهتمام الوزارة ظاهراً بكل ما يتعلق بالأوقاف، حيث وضعت لذلك الخطط المهمة، كما نظمت عدداً من الندوات والمؤتمرات العلمية والبرامج المتنوعة، وأصدرت القرارات المنظمة للأوقاف في المملكة. ووصف في تقديم للكتاب التاسع عشر الذي ألفه الكاتب والإعلامي سلمان بن محمد العُمري بعنوان “ثقافة الوقف في المجتمع السعودي بين التقليد ومتطلبات العصر.. رؤية من منظور اجتماعي شرعي”، وصف الكتاب بأنه متميز ونافع في بابه، فيه رؤية من منظور اجتماعي شرعي، وفيه دعوة إلى إحياء الوقف والعناية به، كما أن فيه بياناً في تنوع الواقفين في أعمال البر، فهو لبنة نافعة في “الوقف”. وشرح المؤلف سلمان العُمري في تقديمه للكتاب أنه يقدم هذه الرؤية من خلال صفحات الكتاب؛ نظراً لتضاؤل دور الوقف المعاصر، على الرغم من اشتداد الحاجة إليه. وأكد أن الوقف في تاريخنا الإسلامي والعربي له دوره الكبير في النهضة العلمية والفكرية والخدمات الصحية والمعيشية في عصور طويلة للأمة، تدعمها عمليات الوقف على كافة النشاطات الفكرية والعلمية والصحية، وبخاصة إذا عرفنا أنَّه لم يكن هناك وزارة للتعليم، فالتعليم كان بتمويل من الأوقاف. ورأى المؤلف أننا اليوم في حاجة ماسة لأن تقوم الأوقاف بدورها، وأن تسهم مساهمة فاعلة في التنمية وفق رؤية شرعية منطقية غير تقليدية يمكن لها أن تمد عمليات الوقف بمزيد من القوة والفاعلية، فجوانب التطوير والتجديد في العمليات الوقفية متنوعة ومتعددة، ومنها ما يرجع إلى الأموال الموقوفة، وما يمكن أن يندرج تحتها من مفردات تحتل أهمية كبيرة في واقعنا المعاصر، ومنها ما يرجع للصيغ الاستثمارية والتمويلية لعملية الوقف، ومنها ما يرجع إلى المؤسسات القائمة المشرفة على عمليات الوقف، سواء تمثلت في الجهات الواقفة، أم تمثلت في الجهات المديرة المشرفة. ودعا إلى أن ننظر لهذه السُنة نظرة عصرية تمنح الأوقاف فاعلية ودوراً في دعم مسيرة التنمية، ولا سيما في القطاعات التي تتطلب التعاون مع الدولة، مثل: التعليم والصحة، والتوظيف وغيرها. وطرح المؤلف في صفحات الكتاب ثقافة استراتيجية جديدة لتحويل الأوقاف إلى مؤسسات تنموية مانحة تخدم المتبرع بالوقف، والمستفيد منه؛ وليكون الوقف أكثر إنتاجاً وفاعليةً في المجتمع؛ وهدف إلى توسيع مفهوم الوقف لدى عامة الناس، وتغيير ثقافتهم وتصوراتهم عن الوقف؛ لكيلا ينحصر في بعض الأوجه التقليدية وبيان ما قدمه الوقف قديماً، وما يمكن أن يقدمه مستقبلاً في كافة مجالات الحياة الاجتماعية للمسلمين. وقدم في نهاية كتابه مجموعة من الرؤى والتوصيات والاقتراحات حول الوقف تصدرها اعتبار الوقف قطاعاً اقتصادياً ثالثاً موازياً للقطاعين العام والخاص، والاهتمام بالمشروعات الوقفية بوصفها مرفقاً خدمياً. وأكد أهمية الإعلام في التعريف، ووضع خطط وبرامج مشتركة بين الإعلام وإدارات الأوقاف الحكومية والأهلية؛ لإبراز الأعمال الوقفية، وتوفير المعلومات اللازمة عنها، واستغلال الإعلام كذلك لتوعية الجمهور بدور الوقف ووجوب تنوعه في مجالات التنمية عامة، وعلى رأسها: الصحة والتعليم. وشدد على أهمية أن تأخذ المرأة دورها في إدارة أوقافها، أو أوقاف ذويها؛ حتى لا تستغل أوقافها. وأوصى بالاستفادة من التجارب الحديثة عند الأمم الأخرى في مجال استثمار الوقف وتنميته والاستفادة منه بشكلٍ أمثل؛ مما يعود نفعه أكثر على الواقف والمستفيد من الوقف، كما أنه يجب أن يكون لإدارات الأوقاف الحكومية والأهلية دور كبير ملموس على الأرض في توعية الواقفين أو المتبرعين بالوقف على الأمور المهمة التي يحتاجها أبناء المجتمع، وبيان الأولويات بينها، داعياً إلى مشاركة أهل الخبرة والاختصاص من الاقتصاديين وعلماء النفس والاجتماع في إدارة الأوقاف واستثمارها استثماراً صحيحاً، وصرفها حسب الأولويات واحتياج المجتمع. وناشد جمهور الواقفين الذين يريدون ما عند الله – تعالى – من الأجر والمثوبة بثلاثة أمور، أولها الوقف في الخدمات الصحية والتعليم والتدريب والابتعاث، فهو ثروة للأجيال المقبلة، وثانيها أن الوقف في مواجهة نوازل الحياة، فكلما كان العمل أنفع وأصلح للأمة كان عند الله – عز وجل – أفضل، وثالثها أن الوقف لا يقتصر على الأموات فحسب، بل لابد للإنسان الميسور من إيجاد وقف له في حياته يشرف عليه قبل مماته. الجدير بالذكر أن الكتاب تضمن 12 مبحثاً، حمل الأول عنوان الوقف وإنسانية حضارة الإسلام، والمبحث الثاني مقاصد الوقف الإسلامي وأبعاده، والثالث: الوقف بين الأصول الشرعية والتطبيقات المدنية، والرابع: علاقة الوقف بمصلحة الأفراد، والخامس: أوقاف النساء “رؤية في دور المرأة الحضاري في الوقف، والمبحث السادس: الإعلام ودوره في تنمية وفاعلية الأوقاف، والسابع: أثر الوقف في بناء الحضارات والأمم الأخرى. وحمل المبحث الثامن عنوان: أثر الوقف في بناء الحياة الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية، والمبحث التاسع: نبذةعن تاريخ الوقف وأثره في المملكة العربية السعودية، والمبحث العاشر: تنمية فكر الواقف والصيغ التنموية الجديدة للاستفادة من الوقف واستثماره، والمبحث الحادي عشر: مشكلات الوقف في المجتمع السعودي بين التقليد ومتطلبات العصر، والمبحث الثاني عشر: آثار الوقف في رعاية المجتمع وتنميته والحفاظ على الأصول. الرياض | واس