انطلقت اليوم, بمقر مجلس الغرف السعودية بالرياض فعاليات المنتدى الرابع لرجال الأعمال في الدول العربية ونظرائهم في دول أمريكا الجنوبية، الذي ينظمه مجلس الغرف السعودية بالتعاون مع جامعة الدول العربية واتحاد الغرف العربية, بمشاركة أكثر من 350 شخصية من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال والسفراء من الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، وذلك لبحث سبل تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين. وفي مستهل اللقاء قال وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف في كلمته: إنه على الرغم من التعاون القائم بين دولنا العربية ودول أمريكا الجنوبية الذي قطع شوطاً لا بأس به في عدد من المجالات، إلا أن ذلك لم يرق إلى ما يتطلع إليه الجميع خاصة في المجالات التجارية والاستثمارية، عطفاً على ما تتمتع به دولنا من فرص واعدة في كافة المجالات كالطاقة والبناء والتشييد والصناعات التحويلية، والمكانة التي تحتلها في الاقتصاد العالمي، منوهاً إلى أن ذلك يحتم على العمل لمزيد من التنسيق والتعاون بين القطاع الخاص في الإقليمين، خاصة أن القطاع الخاص يمثل الأداة الفاعلة لزيادة التبادل التجاري والاستثماري بين بلداننا, ومؤكداً حرص المملكة على تعزيز هذا التعاون.
وأشار إلى أن محاور أعمال المنتدى تعكس الرغبة الأكيدة لرجال وسيدات الأعمال في المنطقتين في المساهمة في زيادة حجم التجارة والاستثمار بالاستفادة من الإمكانات التي تتمتع بها اقتصاداتنا, معرباً عن تطلع الجميع إلى نتائج ملموسة تسهم في تقوية التعاون والتنسيق بين قطاعات الأعمال في دولنا، لافتاً إلى ما يبعث على التفاؤل نمو التجارة الخارجية للدول العربية مع دول أمريكا الجنوبية في العقد الأخير، حيث بلغ متوسط النمو السنوي في الصادرات العربية لدول أمريكا الجنوبية خلال السنوات الأخيرة 17%، فيما تتمثل أهم الصادرات العربية لدول أمريكا الجنوبية في النفط ومشتقاته والأسمدة والحديد والصلب، في حين بلغ متوسط نمو الواردات العربية من دول أمريكا الجنوبية 20%، بينما تشمل أهم الواردات العربية من أمريكا الجنوبية في اللحوم والحبوب وخامات المعادن والمواد الغذائية, داعياً إلى أهمية تعزيز الربط البحري بين الجانبين نظراً لطبيعة المنتجات المتبادلة وبعد المسافة بينهما.
وأعرب الدكتور العساف عن ترحيبه بالمستثمرين من دول أمريكا الجنوبية، منوهاً إلى ما يشهده الاقتصاد السعودي من نمو متواصل مدعومًا بقطاع خاص يتسم بالحيوية والنمو الجيد، إلى جانب توافر فرص استثمارية كبيرة في الكثير من المجالات خاصة في مجال الطاقة والصناعات التحويلية، مؤكداً أن حكومة المملكة وبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- تواصل برنامج الإصلاح الاقتصادي ومن ذلك ما وجه به - أيده الله - مؤخرًا من فتح المجال أمام الشركات العالمية بالاستثمار مباشرة في سوق التجزئة السعودي.
من جانبه أكد وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة على أهمية المنتدى الذي يأتي استكمالاً للجهود المبذولة بين الجانبين لتعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والتي تحرص على تطويرها وتنميتها حكومة المملكة العربية السعودية وجميع حكومات الدول العربية من خلال الأطر والآليات المتخصصة في هذا الشأن, مشيراً إلى أن المنتدى يسعى لإعداد رؤية مشتركة يتبناها قطاع الأعمال العربي والأمريكي الجنوبي حيال الموضوعات والقضايا الرامية لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين الإقليمين.
وعد المنتدى فرصة لاطلاع الجانبين على التطور الاقتصادي لدى كل جانب والمشاريع الكبيرة, وأن القمم العربية مع دول أمريكا الجنوبية شكلت مصدر دعم قوي للعلاقات الاقتصادية بينهما، ولمنتديات قطاع الأعمال للجانبين التي تبنت عدداً من التوصيات في هذا الشأن مما انعكس على ارتفاع مستوى التبادل التجاري بين كثير من الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية.
وأشار الدكتور الربيعة إلى أن التعاون بين الجانبين في القطاعات الاقتصادية المختلفة سيؤدي إلى وجود تكتل اقتصادي قوي ومنافس يسهم في ترسيخ علاقات دولية قائمة على الإنتاج والتعاون ومبنية على تكافؤ وتبادل المصالح والاستفادة من حجم السوق الاستهلاكي الكبير للجانبين حيث يتجاوز حجم السكان لهذه المنطقة مجتمعة 800 مليون نسمة، داعيًا إلى ضرورة تذليل العقبات التي تحد من زيادة المبادلات التجارية بين الإقليمين.
من جهته أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي, عن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وإلى الشعب السعودي وحكومة المملكة على الاستضافة الكريمة للقمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، مشيراً إلى أن مجالات التعاون العربي الأمريكي الجنوبي تقف على أرضية صلبة، قوامها الإرادة السياسية المشتركة، والرؤية الإستراتيجية لتحقيق مصالح الطرفين.
وأفاد أن آلية منتدى رجال الأعمال تشكل رافدًا مهمًا ودعامة أساسية في بناء شراكة حقيقية بين دول العالم العربي والأمريكي الجنوبي, مؤكدًا قدرة المنتدى على ترجمة توجيهات القمم المشتركة في مشاريع تكاملية ذات عائد مربح، داعياً الجهات الرسمية في المجموعتين بتسهيل عملية التواصل المباشر والتعارف بين المتعاملين الاقتصاديين وتوفير البيئة الجاذبة والرابحة والمشجعة للاستثمارات وإتاحة المجال للاطلاع على المعلومات والإحصائيات اللازمة لإنجاز المشاريع المشتركة، ومجالات تنمية التجارة وتسهيل الخدمات المالية والمصرفية، والاستفادة من الاتفاقيات المبرمة في الإطار الثنائي لتوسيع آفاقها على مستوى المجموعتين بغية زيادة انسياب السلع والبضائع والخدمات وتنشيط الحركة الاقتصادية بشكل عام.
وشدد السفير بن حلي, على ضرورة العمل المشترك على أحكام سبل التنسيق على المستوى الدولي في المواقف والرؤى بين دول الإقليميين لتعزيز دور دولنا في المنظومة الاقتصادية الدولية والحفاظ على مصالحنا وتأكيد إرادة دولنا بأن تكون قوة مشاركة ومؤثرة في تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، ولعب أدوار محركة في الملفات المطروحة على الأجندة العالمية مثل قضايا المناخ وتداعياتها على عالمنا، وإصلاح النظام الاقتصادي الدولي، وتحريك الركود الاقتصادي والعمل على تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لفترة 2015 - 2030 التي أقرتها الأممالمتحدة في سبتمبر الماضي.
بدوره نوه رئيس مجلس الغرف السعودية وعضو مجلس إدارة اتحاد الغرف العربية الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزامل, بأهمية المنتدى وجمعه لنخبة متميّزة من رجال الأعمال من الدول العربيّة ودول أميركا الجنوبيّة وتزامنه مع قمّة أميركا الجنوبيّة - الدول العربيّة الرابعة، مبيناً أنّ المنتدى والقمة، يكمّلان مسيرة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والمالي والثقافي والعلمي والتكنولوجي، وحتّى السياسي، التي بدأت مع القمم الثلاثة السابقة وما نتج عنهم من مُقررات أكّدت على أهميّة التعاون المشترك، بين بلداننا العربيّة ودول أمريكا الجنوبيّة، في شتّى المجالات وعلى المديين القصير والطويل.
وأوضح الدكتور الزامل إلى أن العالم العربي وأمريكا الجنوبيّة يتقاسمان الكثير من الجوانب المشتركة، كما تشترك المنطقة العربيّة وأمريكا الجنوبيّة الرؤى ذاتها فيما يخص تحقيق التنمية والعدالة, وان المنطقتين تحويان أكثر من ثلثي الاحتياطي المعروف من النفط، وموارد اقتصادية مهمّة, لافتاً النظر إلى أهمية قيام منطقة تجارة حرّة بين العالم العربي وأمريكا الجنوبيّة يخلق ديناميكية جديدة في الواقع الاقتصادي لكلا المنطقتين، لا سيّما في مجالات تبادل الاستثمارات المباشرة، والتعاون الصناعي والزراعي، وفتح أسواق كبيرة للتبادل التجاري، واستقطاب التكنولوجيا المتطوّرة من دول أمريكا الجنوبيّة.
وأضاف أنّ الإنتاج الصناعي العربي يحتاج إلى مكونات تكنولوجية ذات مستويات وسيطة حتّى يتم توطينها واستيعابها بسهولة, وإنّ المنتدى"، بمثابة فرصة ثمينة لبحث وتطوير التعاون السياسي والاقتصادي بين بلداننا من أجل تفعيل دور الدول الناشئة المحوريّة، مشيراً إلى أن مجتمع الأعمال في العالم العربي بصفة عامة والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة يتابع باهتمام وعن كثب التطورات الاقتصادية في دول أمريكا الجنوبية، حاثاً حكومات المجموعتين العربية وأمريكا الجنوبية الإسراع في تحرير التجارة وتشجيع وضمان الاستثمارات تفادياً للازدواج الضريبي، لما لهذه الخطوة من آثار إيجابية في تنمية التجارة والاستثمار بين الطرفين.
من جهته عبر رئيس الغرفة التجارية العربية البرازيلية الدكتور مارسيلو نبيه سلوم عن سعادته للمشاركة في فعاليات هذا المنتدى الذي يهدف بالدرجة الأولى لتعزيز علاقات التعاون والتكامل بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، لافتاً إلى التطور والنمو الكبير الذي شهدته العلاقات التجارية بين الإقليمين نتيجة للعمل الدؤوب وتبادل الزيارات وإقامة المعارض ولقاءات العمل، حيث قفز حجم المبادلات التجارية من 13.6 مليار دولار إلى 35 مليار دولار بزيادة 156%. داعياً كلا الجانبين لمواصلة الجهود والعمل على إبرام الاتفاقيات الرامية لتنمية وازدهار العلاقات الاستثمارية خاصة وأن دول الإقليمين تمتلك أكبر احتياطٍ للنفط والغاز ناهيك عن المواقع الجغرافية الإستراتيجية والبنية التحتية للمطارات وغيرها والمقومات السياحية ورأس المال البشري الفعال.
عقب ذلك ناقش المنتدى أربعة جلسات عمل، حيث استعرضت جلسة العمل الأولى وهي جلسة حوارية وزارية مفتوحة استراتيجيات التعاون والتكامل بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية في الأنشطة الاقتصادية المختلفة خاصة مجالات التجارة والصناعة والنقل والسياحة, فيما ناقشت الجلسة الثانية دور النقل البحري والخدمات اللوجستية من خلال استعراض الصعوبات والمقترحات الرامية للنهوض بهذا المجال، حيث تم استعراض تجربة الشركة العربية المتحدة للملاحة في نقل التجارة بحرًا بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، ومناقشة دراسة جدوى إنشاء شركة مشتركة للخدمات اللوجستية بين الجانبين، بالإضافة إلى دراسة جدوى إنشاء شركة مشتركة للنقل البحري بين الطرفين. في حين تناولت الجلسة الثالثة واقع السياحة والخدمات المالية لدى الجانبين وذلك باستعراض أهم الفرص الاستثمارية المشتركة في قطاع السياحة والخدمات المالية، إلى جانب الاطلاع على تجارب صناديق الاستثمار في الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية كأداة لتنشيط الخدمات المالية المشتركة. أما الجلسة الرابعة فبحثت التجارب الناجحة في مجال المشروعات المشتركة، بالإضافة إلى مناقشة التشريعات والإجراءات وحرية التنقل بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية لدعم منظومة التجارة.
مما يذكر أن المنتدى يهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدان العربية وأمريكا الجنوبية، والترويج للفرص الاستثمارية المشتركة بين الجانبين، حيث يشكل المنتدى فرصة لاطلاع مجتمع الأعمال العربي والأمريكي الجنوبي على ملامح التطور الاقتصادي في كل جانب، والمشاريع الكبيرة التي تنفذ فيه، بالإضافة إلى شرح وتوضيح أنشطة مجتمعات الأعمال العربية والأمريكية الجنوبية، ومواكبتها للسياسات الاقتصادية العالمية ودور مؤسسات القطاعين العام والخاص التكاملي في دعم الاقتصاد لكل جانب.