تسابق فنانات عسير الزمن قبل نحو 12 يوماً على الموعد المحدد لتقديم محترفات فنّ القط العسيري جدارية لمبنى الأممالمتحدة بمدينة نيويوركالأمريكية، تحت عنوان "بيوت أمهاتنا"، بطول 18 متراً. وانقسمت فنانات ومحترفات فن القط العسيري إلى مجموعتين؛ لتقديم شكلين مختلفتين، تشرف الفنانة التشكيلية جميلة ماطر على إحداهن بجانب والدتها فاطمة حسن عسيري، وتضم المجموعة الفنانات: جواهر ماطر، وريم ماطر، وشريفة عايض، وأميرة الألمعي، وصالحة محمد القحطاني، وناله علي، وفاطمة يحيى، وصفية أحمد، وزينة الشهراني، إضافة إلى سيدات كبيرات في السن من قرى مختلفة في عسير، بينما توثق كاميرا الفنانة الفوتوغرافية أسماء القرني تفاصيل العمل أولاً بأول.
وفي المجموعة الثانية تظهر الفانانات شريفة محمد، وفوزية محمد، وفاطمة فايع، وزهرة فايع، وجميلة الصغير، وصالحة الألمعي، وعهود إبراهيم، وأروى محمد، وحليمة عسيري صالحة الراقدي، وعهود مغاوي، وفوزية بارزيق، وأصغر نقاشة نوارة عبدالرحمن، إضافة إلى المتحمسات اللاتي يترددن على مكان العمل للتعاون مع فريق العمل.
من جهتها أكدت المشرفة على الجدارية الفنانة جميلة ماطر أن ما يثير الدهشة أن هذه الجدارية تتم بأنامل نسائية مبدعة، متفقين في التخطيط والتنفيذ وكل تفاصيل هذه الجدارية إلى آخر لمساتها، تعبيراً عن فكرهن وإحساسهن الفني في اختيار الألوان وتنسيق تلك الأشكال التجريدية التي تعطي انطباعاً مدهشاً لمن يقف أمامها.
وأضافت أن الجميع يودّ إظهار دور المرأة في إثراء الفن والتراث في منطقة عسير، من خلال هذا العمل، لافتة إلى أن "فن القط والنقش يملأ شوارع ومدينة أبها، فما أن تطأ قدم الزائر إليها حتى يجده في المطار، ويتكرر في مواطن كثيرة من المدينة، ولكنه تشوّه وأصبح مزعجاً بصرياً بسبب تسلط فكر الرجل عليه، مما سمح للعمالة الوافدة بأن تقوم بالنقش، فأزال إحساس وجمال تلك الخطوط المتداخلة، وهمّش دور المرأة الحقيقي في إضافة فكرها وإحساسها لهذا الفن".
وتابعت: "أطمح مستقبلاً لإنشاء أكاديمية متخصصة لتعليم فن النقش أو القط وإظهار جمالياته وتفاصيله، وإعادة عمل المرأة في هذا المجال وتعزيز مفاهيمه وشرح تفاصيله وإيصاله للعالمية".
من جهتها، بينت الفنانة فاطمة حسن عسيري أنها عملت وبناتها وأبنائها على هذا الفن الذي يتميز بجماليات ومفاهيم وقصص، لافتة إلى أن: "هذه النقوش كانت قديماً غاية في الجمال والإبداع، فهو فن فطري بعيداً عن رسم ذات الأرواح، وهو ما كانت تتميز به المرأة في عسير، وتتباهى به بين جاراتها، وأحياناً يكون مصدر رزق لها، حيث كانت تنتظر العيد لتبهر الزوار بنقشها في الغرف وخاصة غرف الضيوف".
بدوها، تقول إحدى كبيرات السن المحترفة في القط صفية أحمد: "لم يكن يتدخل الرجل في هذا النقش مطلقاً، ويعتبره فناً يخص المرأة كمساحيق المكياج تماماً، فلا يحق للرجل عمله أو التدخل فيه".
أما صالحة القحطاني التي درست تصميم الأزياء في بريطانيا، بالإضافة لحصولها على عدد من الدورات في ماليزيا وإجرائها أبحاثاً عن الأزياء التقليدية، فتشير إلى أنها اعتنت كثيراً بإضافة لمسات من هذا الفن على بعض الأزياء، وكان مشروعاً ناجحاً.
وأضافت: "أعمل على استخدام الثوب العسيري كتصميم مختلف للعباءة بمنديلها الأصفر الزاهي، كما كان لباس المرأة الجنوبية في السابق، وأسعدني جداً العمل مع سيدات يتقنّ هذا الفن، وتلك النقش العفوية التي تهتم بالجمال وتناسق الألوان أكثر من أن تكون بمقاسات هندسة صحيحة". وترى "صالحة" أن هذا الفن لا يرتبط بالفن الإسلامي أو الزخرفة الإسلامية، باعتبار أن الزخرفة في الفن الإسلامي كانت تهتم كثيراً بأن تكون دقيقة جداً في المقاسات، معتقدة أن الفنون الإسلامية ترتبط بعلوم وبنظريات المثلثات، عكس فن القط أو النقش الذي يتميز بعفويته وفطريته.
في المقابل، تشير الفنانة أميرة الألمعي إلى أن الجميل في هذا الفن احتواؤه على الفن النقطي الذي يضفي لمسة جميلة في نهاية العمل.
جدير بالذكر أن تفاصيل فكرة العمل تكمن في عرض الفنان الدكتور أحمد ماطر مصادفة لوحة لنقش عسيري من تنفيذ والدته الفنانة فاطمة حسن عسيري التي حازت إعجاب مُقيّمي قسم الفنون باليونسكو، مبادراً بفكرة زوجته الفنانة أروى النعمي؛ لعمل معرض يضم جداريتين من إبداع فنانات المنطقة تحمل اسم "بيوت أمهاتنا"، بتنظيم ودعم من مؤسستَي: "آرت جميل، وإيدج أوف آرابيا"، و"كاثي سيلي".
ويعزز ذلك عمل الهيئة العامة السياحة والتراث الوطني على ضم هذا الفن لقائمة اليونيسكو للتراث العالمي.