نظرت السيدة إيمان الحسيني إلى إصابتها بسرطان الثدي على أنها حافز لتغيير نمط حياتها وتفكيرها، والتقرب أكثر إلى الله، والثقة بأنه لا شفاء من هذا الداء إلا بإذن المولى - عز وجل -. وتؤكد الحسيني، التي أُصيب بالسرطان قبل خمس سنوات، إنها خرجت من تجربة المرض والشفاء بخبرات ودروس، لم تكن تخرج بها لولا إصرارها على التغيير وبناء الذات.
وقالت الحسيني عن تجربتها مع المرض ل"سبق": "في بداية المرض كنتُ أبحث عن أي علاج في أي مكان بالعالم، ولو بأي ثمن، فسمعت عن معالِج في اليمن يستخدم بول الإبل، وعن آخر في مصر، واتصلت بهما للاستفسار منهما عن طبيعة العلاج، وعلمت خلال حديثي معهما أنهما لا يضمنان أي نتائج. وفي الوقت نفسه كنت أغفل باب الله، ولم يخطر على بالي أن أطرقه، وهذا خطأ كبير، تنبهت له مبكراً".
وأضافت: "قبل 5 سنوات فوجئت بورم في الثدي؛ فتوجهت إلى أحد المستشفيات الخاصة، وأجريت أشعة (الماموجرام)، وأفادني الأطباء بوجود ورم حميد، وقرروا إجراء عملية جراحية لإزالته. وبعد ذلك علمت أن الأطباء اكتشفوا أن هذا الورم الحميد ما هو إلا مقدمة لمجموعة أورام أخرى خبيثة قادمة. وبالفعل، بعد شهرين فقط، شعرت بوجود ورم آخر في الثدي، وعلى الفور ذهبت إلى مستشفى التخصصي بالدمام، الذي طلب مني الذهاب إلى مستشفى خاص حتى يتولى علاجي بشكل كامل".
وتابعت السيدة إيمان: "في المستشفى الخاص اكتشف الأطباء أن الورم الجديد سرطاني؛ وتم استئصاله في عملية ثانية. وصراحة لم أجزع من مشيئة الله، ولم أشعر بالخوف؛ فكنت مؤمنة بأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه؛ فلم أعترض على قضائه. بعد ذلك تحول ملفي الصحي إلى مستشفى الدمام التخصصي، الذي قضيت فيه ثلاثة أشهر، أجريت خلالها فحصا شاملاً، واكتشف الأطباء هناك أن السرطان بدأ ينتشر من جديد بشكل بشع؛ وخضعت لعملية جراحية ثالثة، أزال خلالها الأطباء 22 ورماً سرطانياً صغيراً".
وواصلت: "تجربة الإصابة بالمرض مرتين جعلتني أثقف نفسي بشكل جيد عن كل ما يخص هذا الداء اللعين تأهباً لإصابتي به مجدداً، فقرأت عنه الكثير من التقارير الطبية والمقالات العلمية التي تعرفت منها على طبيعة المرض، وأساليب انتشاره، وكيفية الوقاية منه، وعرفت أيضاً أن رحلة العلاج منه صعبة ومؤلمة، يفقد فيها المريض شعر رأسه ورموشه وحاجبيه. واستفسرت من الأطباء عن أشياء كثيرة كنت أجهلها، وخرجت من هذا كله بثقافة عامة عن المرض وطرق مواجهته؛ وهو الأمر الذي أهَّلني نفسياً للإصابة بالمرض من جديد".
وقررت السيدة إيمان الاستعداد للإصابة بالسرطان من جديد قائلة: "لم أنتظر الإصابة به؛ إذ كنت أعلم أنه قادم، فذهبت إلى صالون التجميل، وحلقت شعر رأسي كاملاً، ومرت أسابيع قليلة، وداهمني الداء من جديد، وقرر الأطباء العلاج عن طريق الجرعات الكيماوية، التي أتعبتني كثيراً؛ فكنت أعيش وأموت أثناء الخضوع إليها. شعرت أن الموت أرحم منها، ولكن كنت أستعين بالصبر والثقة بالله بأن الشفاء - إن شاء الله - قادم".
وتواصل: " قررت بجانب العلاج الكيميائي أن أعالج نفسي ذاتياً، والتقرب أكثر وأكثر إلى الله الذي لا يرد من يلجأ إليه أو يطرق بابه، وساعدني على ذلك أنني كنت أعيش أيام شهر رمضان الفضيل، فحافظت على قراءة القرآن بصفة يومية، وأكثرت من الدعاء والإلحاح فيه، ثم أكملت الجرعات الكيماوية، وفي الأيام العشرة الأخيرة من الشهر ذاته توجهت إلى مكةالمكرمة، وشربت ماء زمزم، ومع كل رشفة ماء كنت أدعو الله أن يشفيني من هذا الداء، وأن يبقيني لأبنائي وأهلي. كنت أبكي بحرقة أثناء الدعاء، الذي ألح فيه وأتذلل لله به، فلم يخيِّب الله رجائي، وأنعم عليَّ بالشفاء الرباني، عندها شعرتُ كم أن الله رؤوف ورحيم بعباده، وأنه لا يرد من يلجأ له، وتأكدت أن طريق الله هو الطريق الصواب، وطريق الحق، ومن يبتعد عن هذا الطريق لن يفلح أبداً".
وتابعت تقول: "تأكدت من الشفاء بإجراء فحص كل ستة أشهر، ثم كل سنة؛ إذ أكد لي الطبيب أنني شفيت من المرض بشكل كامل. بعدها قررت أن أنضم إلى جمعية مكافحة السرطان في الخُبر، بوصفي عضوة متطوعة؛ كي أساهم في نقل تجربتي مع المرض إلى من يحتاج إليها من المريضات المصابات بالداء نفسه".
وقدمت السيدة الحسيني نصيحة لمرضى السرطان قائلة: "من واقع تجربتي مع المرض، أنصح جميع النساء المريضات بهذا المرض بضرورة الكشف المبكر، واكتشافه قبل أن يكتشفهن هو، وألا تخاف المرأة من الكشف، وعليها أن تؤمن بأن ما كتبه الله ستراه لا محالة، وتؤمن أيضاً أن الاكتشاف المبكر للمرض يساعدها في القضاء عليه، أما إذا اكتشفته متأخراً فقد يقضي هو عليها".
وأشارت الحسيني إلى أن "مناطق السعودية المختلفة تهتم بمحاربة هذا المرض، عن طريق الاحتفال بالشهر العالمي لمكافحة السرطان، وحملات التوعية التي تقام في شهر أكتوبر من كل عام، وعلينا نحن النساء أن نتفاعل مع هذه الحملات بإجراء الكشف المبكر على المرض؛ حتى نتجنب خبثه".
يُذكر أن فعاليات حملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي المقامة في مستشفى الملك فهد الجامعي بالخُبر، تحت شعار (لست وحدك)، قد اختُتمت مؤخراً. وقد اشتملت الحملة على أركان صحية توعوية وتثقيفية عدة، تهدف لنشر رسالة الكشف المبكر الذي ينقذ الحياة بإذن الله. وانتهت الحملة بفحص أكثر من 780 سيدة من المنطقة، أُجري لهن الفحص من خلال وحدة تصوير الثدي بالمستشفى بواسطة أجهزة الماموغرام، فيما تدربت أكثر من 185 طالبة من مدارس عدة على طريقة الفحص الذاتي لاكتشاف أمراض الثدي.
وأكد مدير المستشفى، د. خالد العتيبي، أن الحملة حققت تفاعلاً جماهيرياً واسعاً، وأن مثل هذه الحملات تؤدي لرفع مستوى الوعي للسيدات، وأن الحملة ساعدت على الكشف المبكر لسرطان الثدي، وتجهيزات الحملة كانت ممتازة جداً، خاصة هذه السنة التي يوجد فيها إضاءة ليلية لواجهة المستشفى بعلامة مكافحة سرطان الثدي، أعطت انطباعاً جيداً وممتازاً عن الحملة؛ فنشكر جميع القائمين عليها.
في حين أوضحت البروفيسور الملحم أنه "بعد ثماني سنوات من نجاح الحملة اليوم نقول إننا على الطريق السليم بفضل من الله؛ فالكشف المبكر هو الوسيلة المثلى لمحاربة مثل هذا المرض، ومن خلاله نستطيع أن نصل إلى الشفاء التام".
يُذكر أن من ضمن احتفالات أكتوبر الوردية، وفي مبادرة هي الأولى من نوعها، تمت إضاءة مستشفى الملك فهد الجامعي وسط حضور طبي واجتماعي إعلاناً ببدء انطلاقة حملة الكشف المبكر شرق السعودية، التي تستهدف سيدات المنطقة الشرقية، وتستمر لمدة 3 أيام.