أكد الرائي والفلكي "عبدالله بن محمد الخضيري" مدير المرصد الفلكي بجامعة المجمعة، أن تقويم أم القرى تقويم منضبط، تم فيه مراعاة شرطي الاقتران قبل غروب الشمس وغروب الهلال كما أنه متفق مع الحسابات الفلكية الرسمية، مبينا أن اعتماد المملكة على رؤية الهلال بالعين المجردة أو بالأجهزة البصرية أو بدونها هو اتباع لسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا ابتداع. "سبق" التقت الفلكي "عبدالله الخضيري"، وطرحت عليه عدداً من الاستفسارات حول أسباب عدم رؤية هلال شهر محرم، ومدى انضباط الحساب الفلكي في تقويم أم القرى، إضافة إلى مناقشة ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام العربية حول تخطئة المملكة في دخول شهر ذي الحجة بدعوى خسوف القمر ليلة 14 من شهر ذي الحجة.
المعتمد في دخول الشهر وخروجه شرعياً وقال الخضيري ل"سبق": "الشرع بين أن الحكم بدخول الشهر لا يكون إلا بأحد أمرين: رؤية الهلال أو إتمام الشهر 30 يوماً. قال الرسول صلى الله عليه وسلم" لا تصوموا حتى تروا الهلال.". الحديث علماً بأنه كان قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم "تقاويم" تعتمد على الحساب بالنسبة للقمر وكان اليوم يبدأ من الصباح ومع ذلك لم يعتمد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا على الرؤية الشرعية فقط وأنكر الاعتماد على الحساب ".
وأضاف: " لهذا أجمع العلماء على أن الحكم متعلق بالرؤية، ولا يعتمد على الحساب الفلكي فيها ومن قال إن الحساب معمول به دون الرؤية فقد خالف شرع الله وأحدث ما لم يأذن به الله وخالف إجماع أهل العلم".
من تكلم في دخول ذي الحجة لا يفرق بين "الفلكي" و"الشرعي" وقال الخضيري تعليقاً على من تكلم في دخول شهر ذي الحجة وشكك في يوم الوقوف بعرفة: "بعد الاطلاع على ما كتب في بعض المواقع الإلكترونية والصحف العربية بشأن تخطئة المملكة في دخول شهر ذي الحجة 1436ه وتشكيكه في يوم الوقوف بعرفة ويوم عيد الأضحى.. فإنني أقول من المعلوم أن هناك فرقاً بين الحسابات الفلكية والرؤية الشرعية في دخول شهر ذي الحجة خاصة هذا العام، إذ الحسابات الفلكية مفادها أن الاقتران المركزي حدث الساعة 9:41 صباحا، وأن غروب القمر في السعودية بعد غروب الشمس بمدد مختلفة في يوم الترائي 29-11-1436ه".
وتابع: "ومن المعلوم أن المملكة تعتمد على الرؤية الشرعية للهلال دون الاعتماد على الحساب في دخول الشهر اتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث أعلنت المحكمة العليا عدم ثبوت هلال شهر ذي الحجة يوم الترائي الموافق يوم الأحد 29-11-1436ه الموافق 13-9-2015م والذي استطلعت اللجان المشكلة في مختلف مناطق المملكة الهلال مساء ذلك اليوم ولم تثبت الرؤية لأجل أنه غم مساء ذلك اليوم بغيوم وقتر (غبار) شديد في جميع المناطق، ومهما كان مكث الهلال بعد غروب الشمس وقد غم على الناس فالمعتبر شرعا هو إكمال عدة الشهر ليكون 30 يوما استنادا إلى قوله صلى الله عليه وسلم " فإن غم عليكم فأتموا عدة شعبان..". الحديث.
خسوف القمر لا يحدد دخول الشهر وخروجه وأضاف الخضيري: "الأمر الذي يزيد في الاستغراب هو استشهاد بعض الأشخاص بالخسوف الذي حدث فجر الاثنين 14-12-1436ه الموافق 28-9-2015 م الساعة الرابعة وسبع دقائق إذ أن من شروط خسوف القمر أن يكون متوسط المسافة بين نقطة الصعود والقمر بين (166،1- 180) درجة أي أن الاستطالة تتراوح بين 180 درجة أو 166،1 درجة، وكانت زاوية الاستطالة في هذا اليوم 177 درجة تقريبا".
واستدرك: "لكن لا علاقة لدخول الشهر الشرعي بالخسوف؛ لأن القمر لا ينخسف إلا في ليال الإبدار (الاستقبال)، وهي ثلاثة أيام: 13، 14، 15 على أن ينتهي الخسوف في مراحله الأخيرة قبل الوقت الذي حدث فيه اقتران الشهر المركزي الذي وقع فيه الخسوف، ولو تتبعنا الخسوف لوجدنا بعضه يحدث ليلة 14 وهو الأكثر والأطول ويمتد إلى صبيحة الخامس عشر كالذي حدث في يوم الاثنين الرابع عشر شرعا والخامس عشر فلكيا".
الخسوف يحدث في ليالي الإبدار ولا يلزم في ليلة 14 فقط وذكر: "ظاهرة الخسوف في ليال غير ليلة 14 حدثت كثيرا وتمتلئ بها التقاويم، ومن الثابت علميا أنه لا يعتد بها في إثبات أو نفي دخول الشهر الهجري، وفيما يلي بعض النماذج لذلك وفق الجدول التالي لحدوث ظاهرة الخسوف في ليال الاستقبال (الإبدار)". وتابع: "مع ملاحظة أن خسوف يوم 9-11-2003 يوافق 15 رمضان 1424ه وفقا لبيان دخول شهر رمضان الصادر عن دار الإفتاء المصرية ذلك العام".
أطوار القمر تحسب من تخطيه "الاقتران المركزي" وقال: "لا يخفى أن أطوار القمر تحسب من تخطيه مرحلة الاقتران المركزي فكل دورة تزيد مساحة الإضاءة لسطح القمر (سمك الهلال) وعمره، والخسوف الحاصل يوم الاثنين انتهي قبل دخول القمر في مرحلة طور جديد لأنه انتهى قبل تخطيه وقت الاقتران السطحي، أي أن الخسوف حدث في آخر طور الرابع عشر؛ لذا لا يعتد به ولا يحتج".
اعتماد المملكة على الرؤية ليس ابتداعاً بل اتباعاً وأكد أن اعتماد المملكة على رؤية الهلال بالعين المجردة أو بالأجهزة البصرية أو بدونها ليس إخفاقا في رؤية الهلال، إنما هو اتباع لسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا ابتداع كما يظنه البعض.
وقال: "الأمر الآخر أن الهلال لم تتم رؤيته، وهو موجود، وهذا أمر طبيعي، عندما يحول دونه حائل كما حصل في دخول شهر ذي الحجة لهذا العام، لكن كنا نتمنى أن نجد من يرد على من يقرون بوجود الهلال بعد غروب الشمس يوم الترائي، وينكرون إمكانية رؤيته، ويكتبون في جميع المواقع استحالة الرؤية رغم مخالفتهم لبعض المراصد واللجان الرسمية بالوطن العربي.
هلال محرم لم يُر بسبب الغيوم رغم مكثه بعد الغروب وأضاف: "شارك المرصد الفلكي بجامعة المجمعة لجنة رصد الأهلة الرسمية التي خرجت مساء الثلاثاء 29-12-1436ه، حسب بيان المحكمة العليا والموافق 30-12-1436ه، لتحري هلال شهر محرم الذي لم تتم مشاهدته بسبب كثافة السحب المتلبدة في جهة الغرب، والتي حجبت الشمس قبل غروبها بنصف ساعة، علما بأن المعطيات العلمية لهلال شهر محرم تؤكد أنه يغرب بعد الشمس في جميع مناطق المملكة بمدد تسمح برؤيته في حال صفاء الجو".
تقويم أم القرى منضبط وحول تقويم أم القرى قال الخضيري: "تقويم أم القرى تقويم منضبط، تم فيه مراعاة شرطي الاقتران قبل غروب الشمس وغروب الهلال بعد الشمس".
وأضاف: "فتقويم أم القرى متفق مع الحسابات الفلكية الرسمية، وقد ثبتت رؤية الهلال في بعض الدول العربية، والتي دخل بها شهر محرم للعام الهجري الجديد 1437 ه وفقا لتقويم أم القرى، وليس لعدم رؤية الهلال الذي حال دون رؤيته السحب الكثيفة في دخول شهر محرم، والغيوم والقتر في دخول شهر ذي الحجة أثر على الحسابات المنضبطة في تقويم أم القرى".