طالبت دراسة أعدها الباحث الاجتماعي "سلمان بن محمد العُمري" بنظام لمكافحة التدخين واتخاذ كافة الإجراءات على مستوى الدولة للحد من الظاهرة، وضرورة إجراء دراسة ميدانية شاملة عن ظاهرة التدخين في المجتمع، وتنظيم معارض توعوية وإصدار كتيّبات ونشرات وإنشاء عيادات خاصة لعلاج المدخنين، وإغراء وتشجيع الزملاء والرفاق وتقليد الغير والتجريب من أسباب التدخين، وتفعيل دور المنزل في التوجيه والتوعية وفرض عقوبات صارمة على الأبناء المدخنين، إضافة إلى رفع أسعار السجائر ومشتقاتها وزيارة الرسوم الجمركية على التبغ، والحزم في تطبيق الأنظمة لمنع التدخين في الدوائر الحكومية، ومنع التدخين في الملاعب الرياضية ومحاسبة المدخنين الرياضيين!. وقال "العُمري" في دراسة له عن "آفة التدخين بين الطب والدين": "في المملكة تفاقمت المشكلة وتزايدت؛ حيث تحتل المرتبة الرابعة عالمياً من حيث عدد المدخنين الذي تجاوز 6 ملايين مواطن ومقيم، هذا بخلاف مدخني المعسل والشيشة؛ حيث يقدر معدل الإنفاق بالمملكة على التدخين "5,255" مليون ريال سنوياً. وهذه الأرقام المخيفة تؤكدها تصريحات المسؤولين في وزارة الصحة بأن عيادات مكافحة التدخين تستقبل عشرات الآلاف من المراجعين ممن يرغبون في الإقلاع عن التدخين، وأن ما بين "10- 15 %" من المدخنين بالمملكة من فئات عمرية صغيرة. كما تشير التقارير إلى أن عدد الوفيات الناتجة عن التدخين بازدياد!.
وأضاف: بعملية حسابية بسيطة تتضح لنا النتائج المفزعة عن حجم الهدر المالي الذي يحرقه المدخنون سنوياً في المملكة، وفق أحدث إحصائية يبلغ عدد المدخنين في المملكة "6,800,000"، يدخن أكثرهم كل يوم أكثر من علبة، وباستعراض أسعار الدخان تبيّن أن أقلها سعراً وأكثرها رواجاً تبلغ قيمته خمسة ريالات، فتكون النتيجة كما يلي: "12,410,000,000=365X5X6,800,000" اثني عشر ملياراً وأربعمائة وعشرة ملايين ريال خلال عام واحد، ومعنى ذلك أنه خلال عشر سنوات سيكون مقدار ما أحرق من الريالات على الدخان فقط في المملكة "124,100,000,000" مائة وأربعة وعشرين ملياراً ومائة مليون ريال، فكم سيكون خلال عشرين سنة؟ هذا في بلد واحد يشتهر بمحافظته، فكيف في بقية بلدان المسلمين الأخرى الأكثر سكاناً والأقل محافظة، إنه مبلغ خيالي لو استثمر لحل مشاكل الفقر والتخلف والنهوض بالحياة الحضارية في جميع بلدان المسلمين، فهل من معتبر؟ وهل من وقفة صادقة مع النفس حيال ذلك؟.
وأضاف: عرضت في الدراسة لرأي وحكمة الشريعة الإسلامية في تحريم التدخين، قبل أن يثبت الطب والدراسات الطبية الحديثة الأضرار الكارثية لآفة التدخين على صحة الفرد. وأوردت عدداً كبيراً من الفتاوى المعاصرة عن هيئة كبار العلماء في تحريم التدخين، وبيعه، والاتجار فيه، وقدمت آراء الأطباء في مختلف تخصصات الطب، حول أضرار التدخين، وكيفية حدوثها، وهي أضرار لا تخفى على عاقل، وتتراوح ما بين أضرار محدودة، وأضرار تصل إلى أخطر الأمراض، وعلى رأسها الأورام السرطانية وأمراض القلب، ويصل عدد الأمراض إلى أكثر من 25 مرضاً تشمل النساء والرجال والأطفال على حدٍّ سواء، بل وحتى الحمل في الأرحام للمدخنات. واتفق الأطباء المشاركون على خطورة أضرار التدخين على الإنسان.
وأضاف: خرجت بعدد من التوصيات والنتائج المهمة، ومن ذلك مطالبة ذوي العلاقة بالاهتمام والعناية بالتربية الإسلامية الصحيحة لأجيال الناشئة والشباب ذكوراً وإناثاً، بدءاً من أولياء أمورهم، مروراً بالمعلمين والمعلمات، انتهاء بكل من له علاقة بهم في حياتهم العلمية، بهدف تطبيق التربية الدينية السليمة والقويمة، وبيان حكم الشرع في التدخين وضرره وفتكه، وأهمية إيجاد القدوة الصالحة في البيت والمدرسة والمجتمع، وفي أجهزة الإعلام المختلفة، والتشديد على منع ممارسة التدخين في أوساط المربين والمدرسين أمام الطلاب وصغار السن، مع أهمية قيام الجهات ذات العلاقة بتنظيم الندوات الكبرى المتخصصة في هذا الشأن، بهدف إيضاح أضرار التدخين من جميع الجوانب، وتعد توصياتها، وتنفيذ حملات إعلامية مركزة يشترك فيها العلماء والأطباء والأجهزة المختصة، وغير ذلك من النتائج المهمة.
وأضاف: على الرغم من كثافة الحملات التي تطلقها جمعيات مكافحة التدخين بمختلف مناطق المملكة، إلا أن الإحصائيات والدراسات الأخيرة بينت ارتفاع نسبة المدخنين في المملكة؛ مما يتوجب من مواصلة القيام بالدراسات العلمية الجادة، والعمل للبحث عن المزيد من الأسباب وتقديم العديد من الرؤى والتوصيات المهمة للمعالجة. ومن هنا شرعت بعمل دراسة ميدانية متخصصة بعنوان: "ظاهرة التدخين في المجتمع السعودي" .. وهي دراسة ميدانية عن عوامل التدخين وآثاره وأبعاده الإنسانية؛ حيث حذرت الدراسة البالغ عدد صفحاتها (230) صفحة من انتشار ظاهرة التدخين في المجتمع السعودي بنسبة تزداد بشكل خاص؛ مما يستدعي دق نواقيس الخطر، وخاصة لدى شريحة الشباب التي يُعوَّل عليها في بناء مستقبل الأمة؛ حيث تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك ستة ملايين مدخن في المملكة ، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى عشرة ملايين مدخناً عام 2020م ، وأن المملكة تمثل المرتبة الرابعة عالمياً من حيث عدد المدخنين فيها من المواطنين والمقيمين يحرقون ما يزيد على (12) مليار ريال كل عام على الدخان .
وأوصت الدراسة بضرورة تنظيم برامج في المدرسة بوجه خاص لتوعية الآباء وأولياء الأمور بأضرار التدخين وأهمية متابعة أولادهم ومراقبتهم؛ كإجراء وقائي للحيلولة دون انجرافهم في هذه العادة.