شهد المسجد الحرام وساحاته والأماكن المحيطة به توافد أكثر من مليون ونصف مصل من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق من الساعات الأولى من عشية هذه الليلة لصلاة التراويح والتهجد في ليلة 27، حيث امتلأت أروقة المسجد وأدواره وساحاته وسطوحه، وامتدت صفوف المصلين إلى جميع الساحات والمناطق المجاورة للمسجد الحرام والطرق المؤدية إليه، وسط منظومة من الخدمات المتكاملة التي وفرتها أجهزة الدولة المختلفة المعنية. وحرص الزوار والمعتمرون والمواطنون والمقيمون على أداء الصلاة بالمسجد الحرام وقيام هذه الليلة المباركة؛ تحرياً لليلة القدر، سائلين الله أن يتقبل منهم صيامهم وقيامهم، وأن يكونوا من عتقاء هذا الشهر الكريم.
ونفذت الجهات الأمنية خططها المعدة مسبقاً، وسخرت جميع إمكاناتها وطاقاتها البشرية والآلية لتقديم هذه الخدمة بما يتوافق مع تطلعات ولاة الأمر، وامتلأت أروقة وأدوار المسجد الحرام وبدرومه وسطوحه وساحاته بالمصلين الذين توافدوا إليه من قبل صلاة المغرب، وامتدت صفوف المصلين إلى الطرق والساحات والأحياء المحيطة بالمسجد الحرام.
ومن جانب أمني، أحكمت القيادات الأمنية تأمين حماية متكاملة للمعتمرين والمصلين في مختلف مواقع وساحات المسجد الحرام متخذة إجراءات استثنائية ضمن خطة مشتركة لإدارة وتنظيم الحشود في ليلة 27 من شهر رمضان المبارك.
"سبق" قامت بجولة ميدانية، واطلعت على كامل الاستعدادات التي تنفذها جميع الجهات الأمنية، ورصدت حواجز بشرية لتنظيم الدخول والخروج، ومنعت الكتل البشرية من الوقوف في الممرات والمشيات، ونجحت في خلق مرونة بالحركة البشرية، ولم تخل من الجانب الإنساني لمرور كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأوضح اللواء خالد قرار الحربي أن "إدارة قوات الطوارئ استعدت من وقت مبكر من ليلة 27 الاستثنائية، ورفعنا أعداد القوة إلى خمسة آلاف من الضباط والأفراد في العشر الأواخر من رمضان، لتوقعنا بزيادة الكثافة العددية للمعتمرين والمصلين في هذه الليلة وتحسباً لذلك، حضرت الكثافة بشكل لافت بعد قبل صلاة المغرب لخصوصية ليلة 27، وتحري ليلة القدر، ونسأل الله القبول لجميع العباد".
وأضاف: "كما نتوقع الزيادة في الليالي الفردية، وخصوصاً ليلة 27 وليلة ختم القرآن وليلة العيد، ونأخذ على ذلك تنفيذ الخطة الاستثنائية التي تأخذ على عملية تفتيت الكتل البشرية وتحويلها عن بعد، ونتعامل كمنظومة أمنية واحدة، ورصد مواقع الكثافة البشرية، ونعمل على مراقبة ذلك في غرفة العمليات بأمن الحرم، ولدينا عضو يقوم بتمرير المعلومات والبيانات".
وتابع: "في ضوء ذلك نقوم بتحويل الكثافة والحشود من المناطق المزدحمة، وعن اكتفاء العدد من الساحات الجنوبية إلى الساحات الغربية إلى الساحات الشمالية، وتوسعة الملك عبدالله -رحمة الله عليه-، والقادمون من الساحات الشرقية يوجد عبارة تنقلهم إلى الساحة الغربية، ومن ثم إلى توسعة الملك عبدالله".
وأشار اللواء "الحربي" إلى أن "المحافظة على معابر المشاة من الأشياء المهمة لتنظيم عملية الدخول والخروج من وإلى الساحات؛ لذا لا نقبل بالوقوف على تلك الممرات ولو لثوانٍ؛ حتى لا يقع الزحام وتراكم الكتلة البشرية، وحفاظاً على سلامة ضيوف الرحمن نحن لا نلجأ إلى خطط طوارئ فقط، بل نسبق ذلك وننفذ الخطط الوقائية".
وبيّن أنه "متى ما شعرنا بزيادة الكثافة العددية في الساحات الجنوبية والحرم، ووصول العدد إلى نسبة 80%؛ نقوم بتنفيذ الخطط الوقائية عن بعد، وتحويل تلك الكتل إلى الساحات الأقل كثافة، وبالتالي نضمن بعد الله عدم وقوع أي زحام يعكر صفو المعتمرين والمصلين".
وذكر اللواء "الحربي" أن "ليلة 27 وليلة ختم القرآن هي ليالٍ استثنائية، ويزداد فيها تدفق المعتمرين والمصلين؛ لذا أخذنا في الحسبان أن يكون فيها الدعم من قوات الطوارئ مكثفاً أكثر، وهي قوات سبق أن شاركت في العشر الأواخر من الأعوام السابقة، وجميع القوات مدربة تدريباً كافياً على إدارة الحشود، بعدما اكتسبوا الخبرة من خلال مشاركاتهم المستمرة في مهام جسر الجمرات في مواسم الحج".
ولفت إلى أن "القوة جاهزة لتقديم الخدمات اللازمة لضيوف بيت الله الحرام من خلال ما لمسنا من تطبيق أفراد قوات الطوارئ الخاصة لتعليمات الخطة على أرض الواقع والتطبيق الميداني".
وطالب اللواء "الحربي" بضرورة تقيد زوار البيت والمعتمرين بالحظر المفروض على الافتراش في الممرات المخصصة للمشاة، وعدم الوقوف عند الأبواب، وتفهم الوضع الحالي للمسجد الحرام، وما يشهده حالياً من مشاريع تطويرية لصالح زوار البيت وقاصديه من معتمرين، وأن هذه المشاريع المباركة تنعكس على المصلحة العامة.
وأشار إلى أنه "بعد اكتمال تلك المشاريع التوسعية، سواءً في صحن المطاف أو توسعة الملك عبدالله من الجهة الشمالية من المسجد الحرام؛ فإنه ستحدث نقلة نوعية في مستوى منظومة الخدمات التي تقدمها الدولة للمسجد الحرام وقاصديه".
ودعا اللواء "الحربي" الجميع إلى التخفيف قدر الإمكان من زيارة المسجد الحرام، وعدم تكرار العمرة، خصوصاً في هذه الفترة، وإفساح المجال لإخوانهم الذين لم تتح لهم الفرصة لأداء المناسك حفاظاً على أرواحهم وسلامتهم.
عدسة "سبق" رصدت خلال جولتها الميدانية المصورة، الجهود المبذولة من رجال الأمن العام بمشاركة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وجهات خدَمية وتطوعية.
ويبذل القائمون على خدمة ضيوف الرحمن خدمات جليلة؛ فمنذ دخول الزائر إلى المسجد الحرام يُستقبل بكل حب وترحاب من قِبَل رجال الأمن، وكذلك مَن يعمل في خدمة ضيوف الرحمن من جهات خدَمية أو تطوعية، وفي مقدمتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وكذلك وزارة التعليم ممثلة في جمعية الكشافة، والتي تساند رجال الأمن في مهماتهم الإنسانية والتنظيمية.
كما رصدت عدسة "سبق" الجهود الأمنية التي تعكس الصورة المشرّفة للقائمين على خدمة ضيوف الرحمن؛ فالمريض محفوف بالرعاية، والتائه في أيد أمينة حتى يُعاد إلى ذويه، وكبير السن يحظى بالاهتمام والتقدير.
كما وفرت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف؛ كافة الخدمات، وهيأت العربات المجانية وعربات ذوي الاحتياجات الخاصة، ومداخل المسجد الحرام، إضافة إلى الخدمات التوجيهية والإرشادية عبر الشاشات الإلكترونية، التي تركز على توعية ضيوف الرحمن بأمور دينهم وإرشادهم، وحلقات الدروس والإفتاء، وتوزيع المصاحف والكتيّبات الإرشادية.