بعبورك قنطرة قرطبة الناطقة بحكايات التاريخ بعكس الطريق إلى مسجدها، ستجد أمامك مباشرة القلعة الحرة (كالاهورا) حيث تبدو أسوارها العتيقة في شموخ عجيب ستدرك أسبابه فور دخولك إليها. القلعة الحرة التي كانت يوماً حصناً حصيناً لم تفقد مكانتها، بل هي الآن تجذب الكثير من الزوار بعدما تم تحويلها لمتحف يجسد حكايات التاريخ، وأطلق عليه اسم (متحف الحياة الأندلسية أو متحف الثلاث ثقافات)، حيث تشرف عليه مؤسسة الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه جارودي بعد إعلانه أثرا في 1931م، وبدأ دوره كمتحف عام 1987 ميلادية، وأريد له أن يعكس روح السماحة التي نتجت عن فتح المسلمين حيث عاش المسلمون واليهود والمسيحيون جنبا إلى جنب.
وتقول السيدة "سلمى فاروقي" أرملة الفيلسوف الراحل لبعثة "سبق": "هذا المتحف له أهداف رئيسية أبرزها عكس روح التسامح عند المسلمين، وحظي بدعم سخي من المفتي الراحل للمملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن باز حيث دعمه بمائة ألف دولار".
داخل المتحف ستفاجأ بروعة تصوير الحياة اليومية للمسلمين، وكيف تحكي منجزاتهم مثل أنظمة الري والسقيا المبتكرة.
كما ستشاهد قصصا مجسمة لصور الحياة في قصور الخلفاء، ومدينة الزهراء، ومجالس الحريم، ومسامر الأمراء، ورحلات القوافل، ومعمار البساتين والمنازل. مظاهر الوضوء وأداء الصلاة.. الخ.
وقد يفاجأ الزائر في إحدى الغرف المعدة لاستراحة بسيطة بسماع تسجيل كامل للأذان. كما يمكنه صعود السطوح والاستمتاع بمناظر رائعة لقرطبة والتقاط الصور التذكارية للوادي الكبير وأيضا جل الواجهة التاريخية القديمة للمدينة، ومشاهدة آثار تبرز المكانة المهمة التي حظيت بها قرطبة في العصور الوسطى ومعالم تستمد من ماضيها التاريخي هويتها.
جولتك في القلعة قد لا تجعلك تتمكن من لم شتات ذاكرتك لالتقاط كل شيء، لكن من أجمل ما قد تختم به زيارتك للقلعة، وهو ما يجسد رمزية من رموز التسامح حيث تدلف إلى غرفة بها أبرز علماء في تاريخهم، ولربما شعرت بالفخر عندما تسلط الأضواء أولا على العالم العربي ابن رشد ثم ابن عربي ثم اليهودي ابن ميمون قبل أن تصل للملك الفونسو الملقب بالحكيم.
ومن خلال الترجمة والشروحات يدخل الأربعة في نقاش فلسفي حول "كنه الحياة". كدلالة على روح التسامح التي سادت ذلك العهد. ستخرج بانطباعات وحدك يمكنك وصفها.