أكد مجلس وزراء الإعلام العرب في ختام أعمال دورته العادية السادسة والأربعين، التي عقدت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة؛ أهمية دور وسائل الإعلام العربية في نشر ثقافة التسامح ومكافحة التطرّف، في إطار إستراتيجية إعلامية شاملة تتضمن توظيف وسائل الإعلام التقليدية والحديثة لبناء رأي عام مساند لقيم التسامح نظرياً وتطبيقياً على مستوى الأفراد والجماعات. واعتمد المجلس اليوم المحور الفكري "دور الإعلام في نشر قيم التسامح ومكافحة التطرّف"، الذي قدمته الإمارات العربية المتحدة، ورأس وفد المملكة العربية السعودية إلى الاجتماع وزير الثقافة والإعلام "الدكتور عادل بن زيد الطريفي".
وشدد المحور الفكري للدورة على أن التسامح من أبرز القيم التي تسهم في استدامة المجتمعات البشرية وازدهارها، وإعلاء قيم العيش المشترك ومواجهة المصير الواحد على مستوى الجغرافيا أو الثقافة، بحيث يعمل الجميع لتحقيق الأهداف الإنسانية المشتركة في ظل تعدديةٍ تبني ولا تهدم.
ولفت إلى أن نشر قيم التسامح ومكافحة التطرّف هي مهمة تقوم بها المؤسسات الاجتماعية والتربوية والثقافية بمختلف أنواعها، إلا أن المسؤولية الكبرى في تحقيق هذه المهمة تقع على عاتق وسائل الإعلام بكل فئاتها؛ نظراً لقدرة الإعلام على الوصول إلى ملايين الناس والتأثير فيهم.
وأكد المحور الفكري للدورة أنه لكي تحقق وسائل الإعلام هذا الدور المهم؛ لا بد من استنادها لإستراتيجية شاملة وبعيدة المدى، تحدد من خلالها مجموعة أهداف تعمل جميع الأطراف الإعلامية والمجتمعية على تحقيقها بشكل مشترك.
وطالب بضرورة العمل من أجل بناء إستراتيجية إعلامية لنشر ثقافة التسامح ومكافحة التطرّف؛ وذلك للعمل من خلال تلك الإستراتيجية على تحقيق مجموعة من الأهداف؛ يأتي في مقدمتها بناء رأي عام مساند لقيم التسامح نظرياً وتطبيقياً على مستوى الأفراد والجماعات، وتعزيز التواصل والحوار بين الشعوب العربية والإسلامية والشعوب الأخرى؛ من خلال التعريف بالجوانب السمحة للحضارة العربية الإسلامية التي تتنافى مع ممارسات التعصب والإرهاب والتطرف.
كما نوه المحور بضرورة عدم إفساح المجال إعلامياً للخطاب الديني المتشدد، وعدم المساهمة عن غير قصد في نشره، وفي المقابل إفساح المجال للخطاب الديني المعتدل والمتسامح والوسطي.
كما اقترح المحور الفكري للدورة عدة مبادرات إعلامية لتحقيق تلك الأهداف المذكورة؛ منها إطلاق قنوات ومؤسسات صحفية وإلكترونية متخصصة في بناء ثقافة التسامح ومكافحة الفكر الإرهابي والمتطرف، وإطلاق برامج تأهيل وتدريب إعلامي فكري للإعلاميين؛ لتمكينهم من التفاعل الناجح مع قضايا الفكر المتطرف، وكذلك إطلاق برامج استقطاب للصحفيين والمؤثرين العالميين للحضور إلى المنطقة العربية للاطلاع على واقع التسامح والتعايش المشترك.
ووافق مجلس وزراء الإعلام العرب في ختام أعمال دورته السادسة والأربعين، اليوم؛ على أن يكون "21 أبريل" من كل عام يوماً للإعلام العربي؛ تقديراً لدور الإعلاميين والإعلام العربي.
وقرر المجلس إعادة اللجنة الدائمة للإعلام العربي بوضعيتها السابقة كواحدة من اللجان الفنية الدائمة لجامعة الدول العربية، والتي ينظم مهامها وأعمالها النظام الداخلي للجان الفنية الدائمة لجامعة الدول العربية، والمعتمد بقرار مجلس الجامعة، كما قرر تشكيل فريق عمل يتكون من كبار الخبراء الإعلاميين من الدول العربية لعضوية اللجنة.
ودعا مجلس الجامعة على المستوى الوزاري؛ إلى تعيين رئيس للجنة الدائمة للإعلام العربي من بين مرشحي الدول الأعضاء من ذوي الخبرة والتخصص في مجال عملها لمدة سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة، وذلك بعد الموافقة على إعادتها، مطالباً بتعديل النظام الأساسي لمجلس وزراء الإعلام العرب، بإضافة اللجنة الدائمة للإعلام العربي.
وفيما يتعلق بالإستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب؛ وافق الوزراء على الخطة المرحلية لتنفيذها وتكليف الأمانة العامة للجامعة العربية، بالتعاون والتنسيق مع "جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية"، بمتابعة تنفيذها على مدار خمس سنوات تبدأ من عام 2016م.
ودعا المجلس وزارات الإعلام والجهات المعنية بالإعلام في الدول الأعضاء؛ لتعزيز البرامج والمشروعات الخاصة بدعم القدس، كما دعا وسائل الإعلام لتخصيص أسبوع لدعم القدس ومواطنيها، وتوضيح ما تتعرض له المدينة المقدسة من أخطار التهويد وتغيير طابعها التاريخي والسكاني، ودعوة الجامعات والمؤسسات العلمية المتخصصة لتنظيم فعاليات وإعداد مشاريع ضمن الإستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمواجهة ظاهرة الإرهاب.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد المجلس ضرورة إبقاء القضية الفلسطينية عموماً، وقضية القدس والمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية خصوصاً؛ حية في عقول وقلوب العرب والمسلمين؛ من خلال برامج التوعية الإعلامية وفق سياسة إعلامية عربية متواصلة.
وطالب المجلس بالعمل على حشد الرأي العام العالمي لمناهضة الإجراءات والسياسات الإسرائيلية في المدينة المقدسة، ونوايا إسرائيل تجاه المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وأوصى مجلس وزراء الإعلام العرب بتكليف بعثات الجامعة العربية في الخارج، وعلى وجه الخصوص اللجان الإعلامية؛ بمخاطبة وسائل الإعلام المختلفة في هذه الدول؛ لشرح ما يجري في الأراضي العربية المحتلة من انتهاك وتهويد لمدينة القدس.
وشدد المجلس على ضرورة دعم جُهود المملكة الأردنية الهاشمية في حماية القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وتثمين الدور الأردني برعاية وصيانة هذه المقدسات، في إطار الرعاية والوصاية الهاشمية التاريخية التي أكدها الاتفاق الموقّع بين "الملك عبد الله الثاني" ملك المملكة الأردنية، والرئيس الفلسطيني "محمود عباس".
وحول متابعة الخطة الجديدة للتحرك الإعلامي العربي في الخارج؛ اعتمد المجلس كافة المشاريع المقدمة من الأمانة العامة، واعتبرها من مشاريع خطة التحرك الإعلامي العربي في الخارج فنياً ومالياً، وتكليف الأمانة العامة بمتابعة تنفيذها، مع رفع تقريرٍ نصف سنوي بما تم إنجازه إلى المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في دور انعقاده العادي.
وكلف المجلس الوزاري اتحاد إذاعات الدول العربية بالتكثيف النوعي للتبادل الإخباري والبرامجي مع الدول غير العربية، كجزء من آلية التواصل بين الإعلام العربي والإعلام الدولي، مطالباً الدول التي لم تسدد حصصها المستحقة في ميزانية الخطة إلى المبادرة بتسديد هذه الحصص.
وفيما يتعلق بالإستراتيجية الإعلامية العربية، فقد اعتمد المجلس الوزاري في توصياته الختامية تقرير وتوصيات اجتماع فريق الخبراء الإعلاميين العرب؛ لوضع خطة عمل تنفيذية لتحقيق أهداف الإستراتيجية الإعلامية العربية وتكليف الأمانة العامة بمتابعة تنفيذ توصياته.
ووافق المجلس الوزاري على خطة العمل المقدمة من الأمانة العامة للجامعة العربية؛ لتحقيق الإستراتيجية وتكليف إدارة الأمانة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب بالعمل على متابعة تنفيذها.
وحول البند الخاص باللجنة العربية للإعلام الإلكتروني؛ اعتمد المجلسُ المقترحَ المقدَّمَ من المملكة العربية السعودية لتفعيل وتطوير عمل اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني، وعقد اجتماع استثنائي للجنة لبحث تنفيذ هذا المقترح.
وحث المجلس الدول العربية على أهمية وضرورة المشاركة في اجتماعات اللجنة وتنفيذ التوصيات الصادرة عنها، ووافق على اعتماد الدراسة الخاصة بإنشاء "راديو وتليفزيون جامعة الدول العربية" على شبكة الإنترنت.
وبشأن المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية "عرب سات"؛ قرر المجلس تشكيل فريق عمل من الدول الأعضاء، فضلاً على دعوة مؤسسة "عرب سات" للمشاركة في عمل الفريق؛ بهدف وضع الإجراءات والخطوات اللازمة من النواحي الفنية والتشريعية والقانونية؛ لوقف بث القنوات الفضائية التي تسيء لأي دولة من الأعضاء وتتدخل في الشؤون الداخلية لها وتثير الفرقة والطائفية وتحرض على الإرهاب، عبر منظومة "عرب سات".