أصدرت المحكمة العامة بالرياض حكماً بالإفراج عن مواطن متهم في قضية قتل قبل نحو 18 عاماً. وتم إطلاق سراح المدعو "مشعل. س.س" أمس الأول، بعد أن أمضى قرابة 18 عاماً بالسجن؛ إذ أودع السجن بتاريخ 10/ 8/ 1418. وأوضح المحامي عبدالعزيز جابر الجهني، وكيل المواطن، ل"سبق" أن موكله صدر حكم براءته من التهمة المنسوبة له في الحق الخاص بتاريخ 15 / 4 / 1429، وبقي في السجن لحين الحكم في الحق العام. واستغرب "وكيل المواطن" مدة السجن الطويلة التي قضاها السجين داخل السجن دون أن يصدر بحقه حكم شرعي، مؤكداً أن قصة الشاب فيها الكثير من المخالفات الشرعية والنظامية من الناحية الإجرائية، التي أدت إلى حبسه سنوات عدة دون وجه حق، تمثلت في مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية؛ إذ نص النظام الأساسي للحكم في مادته السابعة على أن يستمد الحكم في السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسُنة رسوله، وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة، كما نصت المادة السادسة والعشرون على أن تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية. وقد جاءت أحكام التوقيف على ذمة القضايا مفصلة في بعض كتب الفقه، وحدد لها الفقهاء قدراً معدوداً من الأيام، لا تتجاوزه، حفاظاً على الحريات التي أوجبها الله - عز وجل - على عباده؛ فلا يجوز حبس النفس إلا بحقها.
وزاد: كما أن هناك مخالفة للمعاهدات الدولية وميثاق حقوق الإنسان، الذي يُفترض أن يُلتزم بمواثيقه ومعاهداته الموقَّع عليها. ويشمل ذلك ميثاق حقوق الإنسان الذي نص في البند ال13 منه على أن لكل فرد الحق بحرية التنقل والإقامة ضمن حدود دولته، وغيرها من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق الإنسان وحريته، والتي حددت مدد الحبس الاحتياطي، ولا ينبغي تجاوزها، وحظرت حبس الأشخاص دون ضابط، وهو ما انتُهك بالنسبة لقصة موكلي "المواطن مشعل".
وبيّن وكيل المواطن وجود مخالفة لنظام الإجراءات الجزائية، وقال: حدد نظام الإجراءات الجزائية طريقاً محدداً في حال توقيف المتهم على ذمة قضية من لحظة القبض عليه إلى نهاية محاكمته حفاظاً على حريته. فقد نصت المادة الثالثة والثلاثون من النظام بأنه في جميع الأحوال لا يجوز إبقاء المقبوض عليه أكثر من 24 ساعة إلا بأمر كتابي من المحقق، فإذا لم يكن المتهم حاضراً يجب على رجل الضبط الجنائي إصدار أمر بضبطه وإحضاره، وأن يبين ذلك في المحضر. كما نصت المادة الرابعة والثلاثون على أنه يجب على رجل الضبط الجنائي أن يسمع فوراً أقوال المتهم المقبوض عليه، وإذا لم يأتِ بما يبرئه يرسله خلال 24 ساعة مع المحضر للمحقق، الذي يجب عليه أن يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال 24 ساعة، ثم يأمر بإيقافه أو إطلاق سراحه. وعلى ضوء ما تقدم فإنه ينبغي أن يتم توجيه الاتهام والشروع في التحقيق مع المتهم خلال ال48 ساعة الأولى من وقت القبض عليه. ويترتب على عدم مراعاة هذه المدة بطلان إجراء التوقيف.
وأردف وكيل المواطن: وعلى ذلك في حال وجود مبرر من مبررات التوقيف أن يصدر قرار عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بتوقيف المتهم مدة لا تزيد على 5 أيام، وفي حال وجود مبرر للتمديد تعرض الأوراق على رئيس التحقيق والادعاء العام، الذي يجوز له مد الحبس للمتهم لمدة ثلاثين يوماً، ويجوز له تجديد حبسه وتوقيفه لمدة مماثلة بحيث لا يزيد مجموعها على ستة أشهر، عملاً بنص المادة الرابعة عشرة بعد المائة من النظام ذاته. وزاد: إذا كان موكلي "مشعل" لم يُحَل إلى المحاكمة إلا بعد مضي 5 سنوات من تاريخ القبض عليه، ولم يصدر الحكم بالحق الخاص إلا بعد أكثر من 10 سنوات، فإن إجراءات توقيفه تكون باطلة ومخالفة للنظام، فضلاً عن مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأكد المحامي عبدالعزيز الجهني أنه تمكن من حل لغز هذه القضية الغامضة حتى صدر فيها الحكم بالحق العام، ومن ثم الحصول على براءة موكلة، مشيراً إلى أنه بصدد رفع دعوى للمطالبة بالتعويض عن المدة التي أمضاها موكله في السجن دون وجه حق، عملاً بما استقر عليه القضاء من أن أخطاء جهة الإدارة متى كانت سبباً في إلحاق ضرر بأحد الأشخاص فإن المتضرر يستحق تعويضاً جابراً للضرر اللاحق به من جراء هذا الخطأ.