قدم الدكتور خالد بن هدوب المهيدب رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة سلمان بن عبدالعزيز ورقة علمية في المؤتمر العالمي "القانون والعالم الإسلامي" المنعقد بجامعة إكسفورد بالمملكة المتحدة بعنوان "أسباب القبض وفقاً للقوانين الدولية مقارنة بالشريعة الإسلامية" حيث تناول بالعرض والتحليل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة واتفاقية فيينا المبرمة في 18 ابريل 1961م التي تحكم التعامل مع الدبلوماسيين. وأوضح أن مجموعة المبادئ في مجملها ترسخ الحقوق التي كفلها القانون الدولي للإنسان من حيث تأكيدها على حرية الإنسان وعدم جواز توقيفه أو اعتقاله بشكل تعسفي إلا بنص قانوني، وأوجبت إبلاغ المقبوض عليه بالتهمة المنسوبة إليه فور القبض عليه، وأتاحت له الحق في الدفاع عن نفسه والاستعانة بمحام يتولى تمثيله والدفاع عنه، وأكدت على سلطات الضبط أن تبين للمقبوض عليه حقوقه التي كفلها النظام وحقه في الاستعانة بمترجم إن كان أجنبياً، كما أتاح له النظام الدولي حق الاتصال بذويه وبالقنصلية التابعة لبلاده، وإن كان غير بالغ فيلزم سلطة الضبط إخطار ذويه. وبين أن ما تضمنته هذه القوانين من نصوص تكفل الحقوق والحريات نجد أن الشريعة الإسلامية سبقت هذه القوانين في إرساء مبادئ الكرامة الإنسانية وأكدت على حفظها وأقرت من التشريعات ما يكفل عدم المساس بها أو النيل منها، وحددت الضمانات التي تكفل حقوق المتهم بدءاً من الاتهام بالجريمة مروراً بمرحلة الاستدلال والتحقيق حتى الحكم على مرتكبها وتنفيذ العقوبة. ولكون المملكة العربية السعودية التزمت بالشريعة الإسلامية كدستور للحكم وفق ما نص عليه النظام الأساسي للحكم في مادته الأولى التي تضمنت أن "المملكة العربية السعودية دولة إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم". كما أكد النظام الأساسي للحكم على المحافظة على حرية المقيمين على أرضها من مواطنين ومقيمين، وعدم المساس بها وفقاً لما تضمنته المادة السادسة والثلاثون ونصها: "تُوفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد، أو توقيفه، أو حبسه، إلا بموجب أحكام النظام". وجاء نظام الإجراءات الجزائية بالمملكة العربية السعودية الذي يعد من الأنظمة العدلية المميزة التي تحفظ الحقوق وتصونها وتحول دون تجاوز جهات الضبط الجنائي لصلاحيات الضبط الممنوحة لهم، مؤكداً على هذه المبادئ التي كفلتها الشريعة الإسلامية والقوانين والأنظمة والمعاهدات الدولية، فقد نصت المادة الأولى من النظام على: "تُطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة"، ونصت المادة الثانية من النظام على أن "لا يجوز القبض على أيِّ إنسان أو تفتيشه أو توقيفه أو سِجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نِظاماً، ولا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكِن المُخصَّصة لكُلٍ مِنها، وللمُدة المُحدَّدة من السُلطة المُختصة ويحظُر إيذاء المقبوض عليه جسدياً أو معنويِّاً، كما يُحْظَر تعريضُه للتعذيب أو المُعاملة المُهينة للكرامة"، وتضمن النظام العديد من الضمانات لحماية حقوق الإنسان في الإجراءات الجزائية، وأكد على أن نظام الإجراءات الجزائية حال امتثال جهات الضبط الجنائي للعمل بمقتضاه فإن ذلك سيضبط أعمال تلكم الجهات ويضمن حفظ حقوق المتهم في كافة مراحل القبض، والإيقاف، والتحقيق، والتفتيش، والمحاكمة، وتنفيذ العقوبة.