باتت تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن الملف النووي أشبه بتطمينات سرابية يصدح بها بين حين وآخر، في ظل ممارسات الإدارة الإيرانية التي تحاول قبل ملفها النووي تصدير الثورات لدول الجوار وزعزعة أمنها عبر اموال التخريب التي تنتظر الإفراج عنها بعد التسوية مع الغرب. الرئيس الأمريكي يتعهد منذ فترة لزعماء دول الخليج بأن الإدارة الأمريكية ستقف ضد أي ممارسات لإيران التي تسعى من خلالها إلى زعزعة الاستقرار في الخليج والشرق الأوسط.
ملفات شائكة القمة الخليجية - الأمريكية على موعد اليوم مع ملفات شائكة تنتظر دول الخليج حسمها مع الإدارة الأمريكية، التي تنتظر من خلالها الاطلاع على آخر التطورات والمفاوضات نحو التسوية الشاملة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، والذي يعد الركيزة الأساسية، والمثلى لتعزيز أمن المنطقة، ومواجهة تصرفات إيران التي تسفر عن زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، بما في ذلك دعم إيران للجماعات الإرهابية.
يؤكد مراقبون ومحللون سياسيون أن دول الخليج وبعض الدول العربية نجحت في قيادة تحالف عربي لإعادة الشرعية في اليمن، وذلك بعد أن تصدّت للمشروع الإيراني والتي سعت إلي تصدير الثورات وإخلال القوى وزعزعة أمن المنطقة. تطمينات سرابية يرى مراقبون أن إدارة أوباما ينتابها الخوف من أن تُغرق في تطمينات سرابية مع دول الخليج العربي؛ حيث تسعى لإزالة مخاوفهم من الاتفاق النووي الأميركي – الإيراني، ولكن الإدارة الخليجية، وعلى رأسها السعودية، تريد حزماً للموقف وأن تكون الحقيقة الثابتة ماثلة أمامهم على الطاولة، وتلك الحقيقة هي أن الملف النووي الإيراني الذي تعده فرعاً من فروع تصدير الثورة الفارسية، وإقفاله لن يزيل الخطر على الأمن القومي العربي، بل ما يزيله هو التراجع عن إستراتيجية تصدير الثورة الإيرانية إلى الوطن العربي.
عاصفة التغيير يؤكّد مراقبون أنه منذ أن أعلن خادم الحرمين الشريفين في نهاية مارس المنصرم "عاصفة الحزم"، بتحالف عربي لإعادة الشرعية لليمن فقدت إيران صوابها، لأنها جاءت عاصفة عسكرية دقيقة، وبقيادة سعودية، وتحالف موسع.
وبعد قرار مجلس الأمن الأخير حيال اليمن، فإن العاصفة باتت أيضاً تحظى بشرعية أممية، ودعم دولي صلب.. وما تغيّر اليوم أيضاً، وأفقد إيران صوابها، هو أن "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية غير قابلة للمساومة.
ولعل ما فعلته "عاصفة الحزم"، وأفقد إيران صوابها أيضاً، هو أن السعودية أثبتت أن القوة والتغيير مكانهما الأرض، وليس النيّات الحسنة، وقنوات التفاوض الخلفية، والوساطات الواهية، حيث أثبتت "عاصفة الحزم" أن السعودية لم تعد تقبل بخيار لا غالب ولا مغلوب، والتكيف مع ما هو موجود، بل إن السعودية تقود طريقًا مختلفًا يفضي مساره إلى أن أمن المنطقة بأيدي دول معتدلة في التحالف العربي، وليس الوسطاء، وتجار الحروب. ولذا نجد اليوم دعماً كبيراً للسعودية، عربياً وإسلامياً، ودولياً، كل ذلك يحدث لأن السعودية تحركت، وغيّرت على الأرض، ففقدت إيران صوابها. مشروع تخريبي إن دول الخليج تعي تماماً ما تسعى إليه إيران من خلال الاتفاق النووي من خلال مسألة رفع العقوبات الاقتصادية، ورفع الحظر عن الأموال الإيرانية المجمّدة في أميركا، والغرب، والتي تقدر بمئات المليارات، وذلك من خلال عدم تمكين إيران من إكمال مشروعها التخريبي بالمنطقة، فدول الخليج تضع ثقلها السياسي والاقتصادي اليوم في قمة كامب ديفيد أمام إدارة أوباما بضرورة أن يتم إيداع الأموال التي ستسلم لإيران تحت رقابة دولية صارمة مثل الرقابة المطالب بها على المنشآت النووية، وان تتوقف الإدارة الإيرانية عن ممارساتها وعملياتها التخريبية بالمنطقة، سواء بسوريا أو العراق واليمن.
وعود ضبابية الإدارة الخليجية لا تريد أن تكون مفاوضات كامب ديفيد، مجرد وعود أمريكية ضبابية؛ بل من خلال أفعال على الأرض لوقف التهديدات الإيرانية، وخاصة أن الإدارة الإيرانية عاقدة العزم على أنها ستصرف تلك الأموال لاستهداف استقرار المنطقة وأمنها، حيث يتم دعم حزب الله، وبشار الأسد، والحوثيين، والميليشيات الشيعية في العراق، وبعض الجماعات المحسوبة على إيران.
أموال التخريب فتاريخ إيران يقول إنها ستصرف الأموال بلا تردد لإتمام مشروع نفوذها بالمنطقة، وزعزعة استقرار دول الخليج، والقصة ليست قصة تاريخ وحسب، فقد نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" خبراً عن شراء إيران تسع طائرات من خلال استغلال جهة عراقية للتحايل على الحظر المفروض عليها، والهدف من شراء تلك الطائرات، بحسبما نشر، هو نقل الأسلحة إلى سوريا واليمن! فكيف يمكن تصديق إيران، المحاصرة الآن اقتصادياً، وتفعل ما تفعله بالمنطقة، بعد أن ترفع عنها العقوبات ويتم تسليمها مليارات الدولارات؟