تناولت الجلسة الثانية لمنتدى "الشركات العائلية 2015م"، الذي يحظى بشراكة استراتيجية مع وزارة التجارة والصناعة والغرفة التجارية الصناعية بجدة، تحت شعار "لبناء شركات عائلية مستدامة"، بقاعة القصر بفندق هيلتون جدة، محور "تبني الأجيال القادمة"، أدارها المهندس أسامة زكريا جمجوم رجل الأعمال والشريك التنفيذي بشركة دار الوصال. وبين الشريك المدير بشركة كي بي إم جي الفوزان والسدحان بجدة، إبراهيم عبود باعشن، خلال ورقة العمل التي قدمها بعنوان "بناء المهارات والخبرات القيادية لدى الجيل الجديد من الأسرة"، أن 20 مليار ريال أموال محتجزة بسبب النزاعات العائلية في المحاكم السعودية، مشيراً إلى أن 75 % من الاقتصاد الخاص يملكه ويتحكم فيه نحو 5000 عائلة، كما تسيطر مثل هذه الشركات على أكثر من 90 % من النشاط التجاري في المنطقة. وأضاف "باعشن" بأن قيمة الشركات العائلية في الشرق الأوسط التي سوف تنتقل ملكيتها إلى الأجيال القادمة تبلغ أكثر من تريليون دولار أمريكي، مشيراً إلى أن العولمة فرضت على الشركات العائلية أن يكون لديها فروع عدة منتشرة في أنحاء السعودية؛ ما يتطلب مهارات قيادية لإدارتها. وأبان "باعشن" أن مقاومة التغيير تتم عبر أصحاب الفكر التقليدي غير الراغبين في العائلة في التغيير نتيجة خوفهم من المخاطرة، فضلاً عن تضارب المصالح بين الملكية الخاصة وملكية الشركة العائلية، مؤكداً أنه من الضرورة تسليم دفة القيادة إلى الجيل الثاني، واستكشاف مهاراتهم، ووضع خطة للمستقبل، تستثمر قدرات وتوجهات الأجيال الجديدة في مواجهة تحديات العصر وتحقيق التنمية. وأشار "باعشن" إلى أن القائد في الشركات العائلية يتسم بأنه فرد من أفراد العائلة، ويهتم بشؤون الشركاء وأفراد العائلة، ويهدف للتوازن بين الربح العواطف. مشيراً إلى أن القائد قد يحتاج إلى المهارات الإنسانية أكثر من غيره. واختتم "باعشن" مؤكداً أهمية وجود مكتب للعائلة، ينظم العلاقة بين العائلة وشركتها، وأهمية عملية التوريث والتعاقب لضمان استمرار العمل العائلي، إلى جانب وجود قيادة متوازنة توازن بين العواطف والماديات، فضلاً عن أخذ الدروس والعبر من الانهيارات السابقة للشركات العائلية، وتجنب الوقوع في الأخطاء نفسها، واكتشاف مهارات الجيل الجديد في وقت مبكر، وصقلها بالتدريب، إلى جانب وجود ضوابط محددة لضبط عملية انخراط الجيل الجديد في العمل العائلي، فضلاً عن أهمية حضور المنتديات العائلية أو إنشاء مجموعات لتبادل الخبرات والدروس المستفادة في العمل العائلي.
وتحدث نائب رئيس مجلس الإدارة المدير التنفيذي بشركة أواب القابضة، المهندس فواز بن معيض العتيبي، بعنوان "التوريث المبكر.. التخطيط الوظيفي للأجيال القادمة"، واستعرض التوريث المبكر من خلال توزيع بعض أو كامل ملكية المؤسس لورثته في حياته، مبيناً أن الهدف الاقتصادي من التوريث المبكر هو الحفاظ على الأملاك، وضمان استمرارية الشركة، فضلاً عن الحفاظ على لُحمة العائلة وإحقاق العدل. مبيناً أن التوريث المبكر يعتبر استراتيجية من استراتيجيات التخطيط الانتقالي. وأوضح العتيبي أن التوريث المبكر يعتبر مثل الهبة، مبيناً أن الأملاك تنتقل في حياة الواهب، ويجب على الواهب مراعاة عدم الضرر بالورثة (التوزيع غير العادل)؛ لأن هذا ينافي الهدفين الاقتصادي والاجتماعي للتوريث المبكر. كما ثبت في الصحيح قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا وصية لوارث"؛ وذلك حماية للُحمة الورثة، وعدم تفرقهم؛ ولذلك أرى أن التوزيع حسب الشرع هو الطريقة الأكمل.
واستعرض "العتيبي" إيجابيات التوريث المبكر، ومن أبرزها حل أي خلافات قد تظهر بين الورثة في ظل وجود المؤسس، وتحقيق العدل بين الورثة في ظل حياة المؤسس؛ ما يعطي المؤسس الراحة والطمأنينة واستقلالية الشركاء، ويساعد في تطوير الشركة (يقل تأثير الشركاء على بعضهم)، إلى جانب إحساس أعضاء العائلة بالمسؤولية تجاه الشركة، وباتجاه تنمية حصتهم. كما استعرض أبرز التحديات في التوريث المبكر، منها المخاطرة في أن يكون جميع الشركاء على قدر المسؤولية، وكيفية التعامل مع مصروفات المؤسس في ظل عدم ملكيته في الشركة، إلى جانب تقييم الملكيات الخاصة (غير المستخدمة للعمل)، وعدم القدرة على تقسيمها فعلياً. واختتم الحديث مؤكداً أنه لا توجد معادلة واضحة للتوريث المبكر، وقد تختلف من عائلة لأخرى، ومن وقت لآخر، وقرارها مسؤولية المؤسس وحده. مبيناً أنه في العادة الخطوة الأولى للتوريث المبكر هي التحول لشركة مساهمة مقفلة؛ وذلك لسهولة التعامل مع الأسهم عند التوزيع، فضلاً عن المحاولة لتنظيم سنة إلهية، وأن كل الأملاك آيلة للتوزيع لا محالة.
وألقى المدير التنفيذي لشركة حياة عبداللطيف جميل المحدودة إيهاب سيف الدين السمنودي كلمة بعنوان "أهمية تكوين مجلس العائلة في تبني الأجيال القادمة"، مبيناً أن كثيراً من العائلات قد لا تكون اللقاءات العائلية لها مناسبة لطرح الملاحظات وتفريغ ما في النفس، إما لأنها لقاءات عائلية الهدف منها التقارب لا التباعد، أو لوجود أفراد آخرين مثل الوالدة أو الزوجات أو الأقارب أو غيرهم؛ ما يُتحرج طرح هذه المواضيع أمامهم، أو لكثرة المقاطعات وعدم تهيئة المكان بشكل مناسب؛ لذلك لا بد من عقد مجلس عائلي بشكل دوري شهري مثلاً، يتواصل فيه أفراد العائلة، ويعبرون بكل أريحية عن وجهات نظرهم واقتراحاتهم وملاحظاتهم ومشاكلهم، ويكون هدف المجلس هو تبادل وجهات النظر وإزالة الشدّ والاختلافات فيما بينهم، قبل أن تتسرب وتصبح مشاكل شخصية، وقد يحتاج أفراد العائلة إلى مستشار اجتماعي أو قانوني إذا كانت الخلافات كبيرة واستعصى حلها.
وأخيراً تناول نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لمجموعة أندلسية للخدمات الطبية الدكتور حازم درويش زقزوق "حياة الشركات العائلية.. دراسة حالة أندلسية للخدمات الطبية"، وأبان أن 30 % من الشركات العائلية تستثمر للجيل الثاني، و20 % تستثمر للجيل الثالث، فيما لا يتجاوز الاستثمار 2 % للجيل الرابع في تلك الشركات على مستوى دول الخليج. وكشف عن أن أكثر من 90 % من الشركات في أمريكا شركات عائلية، مبيناً أن تصنيف فورشن لأكبر 500 شركة أظهر أن 35 % من تلك الشركات العائلية. واختتم زقزوق حديثه بالإشارة إلى أن دورة حياة الشركات العائلية تبدأ بمرحلة المؤسس، ثم مرحلة إشراك الإخوة، ثم مرحلة اتحاد الأقرباء، مبيناً أنه لا يقتضي ضرورة مرور كل الشركات العائلية بالمراحل الثلاث للتطوير؛ إذ قد تختفي بعض الشركات أثناء المراحل الأولى من دورة حياتها نظرًا للإفلاس أو لاستحواذ شركة أخرى عليها.