أثار طلب إدراج الرسوم الكرتونية المُسيئة للنبي الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم -، ضمن مناهج التعليم في الدنمارك جدلاً واسعاً في الوسطين السياسي والتعليمي. وأعلن اتحاد مُعلِّمي التربية الدينية رغبته في إدراج الرسوم في مناهج التعليم عاجلاً، كما أيّد بعض السياسيين الدنماركيين دعمهم هذا المقترح، ودعا حزب "الشعب" اليميني، إلى جعل تدريس الرسوم الكرتونية للنبي الكريم إلزامياً في الدروس الدينية.
وقال المتحدث باسم الحزب أليكس أريندتسن لصحيفة "برلنسكه" الدنماركية، إن مَن يريد أن يعيش في الدانمارك عليه أن يكون قادراً على قبول رؤية الرسوم المسيئة، فيما ذكر جون ريودال رئيس جمعية محلية، أن تدريس الرسوم سيساعد على التعرُّف على العلاقة بين القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية.
وأعلنت وزارة التربية الدنماركية، أنها تفضّل أن يتم إبعاد الأديان والسياسة عن المدارس، مشيرة إلى أنها تفضّل أن تتم تغطية هذه القضية عبر دروسٍ في التاريخ أو الدراسات الاجتماعية. من جانبهما، رفض حزبا الشعب المحافظ، والاشتراكي الديمقراطي، إلزام الطلاب بدراسة تلك الرسوم، مؤكدين أنهما لا يرغبان في أن يكون تدريس الرسوم إلزامياً، ولكن تترك الحرية للمدرسين في اختيار المناهج.
في حين أبدى عددٌ من التجار ورجال الأعمال الدنماركيين تخوفهم من أن يؤدي هذا القرار إلى اشتعال حملات مقاطعة المنتجات الدنماركية في الدول الإسلامية وتعرُّضها لخسائر فادحة لسنوات عدة.
ونُشرت الرسوم للمرة الأولى في الدنمارك في صحيفة "يولاندس بوستن" عام 2005، وأثارت احتجاجات واسعة في بعض الدول الإسلامية.
وقام حينها السعوديون بحملاتٍ شعبيةٍ مكثّفة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمقاطعة المنتجات الدنماركية في العالم الإسلامي تحت مسمّى "إلا محمد"؛ شارك فيها مسؤولون كبار وعلماء ورجال أعمال؛ ما أدّى إلى تعرُّض الدنمارك لخسائر كبيرة في العالم الإسلامي خلال أسبوع واحد، وهو ما أجبر مسؤولين دنماركيين والصحيفة التي قامت بنشر الرسوم المُسيئة على تقديم الاعتذار للمسلمين كافة، وخاصة للسعوديين، وقامت بنشر الاعتذار باللغة العربية.
وأعلن عددٌ كبيرٌ من المسلمين في الدنمارك، مساء أمس، إعادة تفعيل الحملة ومقاطعة المنتجات الدنماركية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، في حال قرّرت السلطات التعليمية إدراج الرسوم المُسيئة ضمن المناهج التعليمية، إضافة إلى طلبهم من المسؤولين في الدول الإسلامية بضرورة التدخُّل ومنع هذا الأمر قبل أن يتم إقراره.
وكانت دراسة أوروبية قد كشفت العام الماضي، عن استمرار نحو 46 في المائة من السعوديين في مقاطعة المنتجات الدنماركية رغم مرور 9 سنوات على حملات المقاطعة.
وجاءت الدراسة عبر استطلاع هاتفي عشوائي شمل نحو 3 آلاف شخصٍ من السعودية؛ 55 في المائة منهم رجال؛ متوسط أعمارهم بين 33 عاماً.
وخلصت الدراسة إلى أن العداء الديني مؤثر وقوي في سلوك المستهلك، ويدمّر سمعة المنتج، فضلًا عن المقاطعين، الذين بإمكانهم تقديم تبريرات متنوعة من شأنها أن تعزّز سلوك المقاطعة وسط أقرانهم.
وكشفت الدراسة عن أنه رغم مرور 9 سنوات من بدء حملة المقاطعة إلا أن 46 في المائة من السعوديين مازالوا مستمرين في مقاطعة المنتجات الدنماركية، مقابل 37 في المائة أكدوا أنهم قاطعوا لبعض الوقت، فيما أكّد 15 في المائة أنهم لم يشاركوا في المقاطعة.