لم يغب عن المتابعين للساحة الإعلامية في إندونيسيا في الأيام الأخيرة، حالة الغليان التي عاشها الشارع الإندونيسي والتي ساهمت في تأجيجها التغطية الإعلامية التي حظيت بها قضيتان منفصلتان لخادمتين تعملان في المملكة العربية السعودية. وعلى الرغم من أن الأولى تعرضت للقتل في ظروف غامضة لم توضح حتى اليوم، وعذبت الثانية من قبل كفيلتها الخمسينية، بشكل وصفته وسائل الإعلام الإندونيسية وعدد من الصحف العالمية بالوحشي، إلا أن وسائل الإعلام الغربية والإندونيسية تناولت القضية بشكل يسيء لجميع الأسر السعودية، وهو ما رفضه عدد من المثقفين والاجتماعيين السعوديين الذين أكدوا أن ما حدث لا يعدوا عن كونه حالات فردية لا يمكن تعميمها. تعامل غير مسؤول ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور سليمان بن عبد الله العقيل أن المجتمع السعودي لا يتفاعل مع القضايا إلا إذا كانت ضده، قائلاً: "كم مرة سمعنا عن تعذيب الخادمات للأطفال والتحرش بهم وجرائم السحر والسرقة، إلا أننا لم نجد تفاعلاً من وسائل الإعلام كما يحدث اليوم". وأضاف "لا يمكن تعميم حادثة فردية على المجتمع بأكمله، فالمجتمع السعودي متنوع ففيه المتعلم والأمي، والمثقف والبدوي والقروي، ولا يمكن أن يكون المجتمع بأكمله على نمطية واحدة". وقال "لذا إذا أخطأ أحدهم بخلفيته الثقافية فلا يمكن تعميم الحدث على المجتمع بأكمله". وأوضح أنه لا يعتبر المجتمع السعودي مجتمعاً ملائكياً، ولكن المجتمع السعودي مجتمع بشري فيه الكثير من الاختلافات والفئات"، مضيفاً في أمريكا تقع جريمة كل 45 ثانية لماذا لا تكون هناك صورة نمطية عن المجتمع الأمريكي بأنه مجتمع "سيئ". وانتقد الدكتور العقيل تعامل وسائل الإعلام غير الواعي مع القضية، قائلا "فوسائل الإعلام السعودية كافة تتبارى على تحليل القضية وكأنها ظاهرة مرتبطة بشكل كامل بالمجتمع السعودي"، مشيراً إلى أن مساهمة وسائل الإعلام الغربية في ذلك أيضاً قد تؤدي إلى تكوين صورة نمطية سيئة عن المجتمع السعودي لدى شعوب العالم. جرائم العمالة يشار إلى أن وسائل الإعلام الإندونيسية تناولت خلال الأيام القليلة الماضية قضية تعرض خادمة إندونيسية تعمل لدى أسرة سعودية بالمدينةالمنورة، تتهم الخادمة كفيلها وزوجته بتعذيبها وقامت وسائل الإعلام بنشر صور للخادمة قالت إنها آثار التعذيب الذي تعرضت له. في الوقت الذي تجمع فيه متظاهرون غاضبون أمام السفارة السعودية بجاكرتا مطالبين بمحاكمة أسرة سعودية قامت بتعذيب خادمة إندونيسية على أراضي المملكة. وحمل المتظاهرون شعارات غاضبة أمام السفارة ورددوا هتافات عنصرية تتهم الشعب السعودي بعدم الإنسانية. ولم يغب كتاب الصحف عن الحدث، حيث طالب الإعلامي داود الشريان في مقاله بصحيفة الحياة السعودية بأن تتحول قضية تعذيب الخادمة في المدينة إلى مناسبة للحديث عن الجرائم والتجاوزات التي يرتكبها العمال وخدم المنازل في السعودية. وأضاف "يجب أن نفتح ملف هروبهم، وجرائمهم، وتعنت سفارات دولهم وشروطها التي لا تتوقف. علينا أن نسأل، وسط هذا الضجيج المفتعل، عن ضياع حقوق المواطن السعودي". كما طالب الشريان في مقاله بالتحقيق في مطالب رئيس مجلس النواب الإندونيسي مرزوقي علي، وإعلان وقف استقدام العمال الإندونيسيين فوراً، وكل الجنسيات التي استعذبت الغطرسة والغرور والابتزاز الفج". الحق العام من جانبه أكد المحامي والمستشار القانوني سليمان العمري أن الحكم في قضايا العنف ضد الخادمات يعود لنظرة القاضي ومدى الضرر الذي وقع على الخادمة، موضحاً أن القاضي ينظر للعنف الذي مورس على الخادمة وهل كان سيؤدي إلى موتها، وفي حالة القتل بنظر هل هو قتل متعمد أم لا. وأضاف العمري "هناك عقوبات تعزيرية إذا ثبت للقاضي أن الشخص تعمد إيذاء الخادمة، وتتراوح العقوبات في هذه الحالات بين الجلد والسجن أو الاثنين معا"، منوهاً بأن الصلح بين الخادمة والمعتدي لا يسقط الحق العام. وأوضح أنه تجب دراسة كل قضية على حدة دون تعميم المشكلة على المجتمع بأكمله، مشيراً إلى أن على أي شخص يتعرض للضرر من قبل الخادمة أو العكس اللجوء إلى القضاء لا الاعتماد على الانتقام الشخصي، بل يرفع مشكلته للجهات المختصة. وشارك عدد من ربات البيوت في السعودية الاعتراض على ما وصفت فيه الأسر السعودية، وقالت أم عبد الله "مثل هذه الحالات نادرة والجميع يعرف أن أغلب الشعب السعودي يتعامل مع الخادمات بما يرضي الله وبالنهج الإسلامي". وأضافت "منذ أول يوم لخادمتي في البيت أخبرتها أن هذا بيتها الثاني وأن لها ما تريد والمعاملة الحسنة والعقاب في حال التقصير، ولا أذكر أنني يوماً رفعت صوتي عليها"، مشيرة إلى أنها تأمر أبناءها بعدم التأمر على الخادمة أو إزعاجها بأي كلام يهينها". وذكرت أن الكثير من العائلات السعودية تحترم خادمتها، وترفض إهانتها، وما يخرج لوسائل الإعلام من جرائم وعنف ضد الخادمات لا يكاد يذكر بما تقوم به الخادمات من جرائم".