افتتح مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل اليوم اللقاء العلمي الذي أقامه كرسي اليونسكو للحوار بين أتباع الديانات والثقافات بالتعاون مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني وهيئة الإذاعة والتليفزيون وهيئة الصحفيين السعوديين، بعنوان "دور الإعلام في نشر وتعزيز مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات"، بحضور الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن عبدالرحمن بن معمر ونائب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون لشؤون الإذاعة مجري القحطاني وعدد من المسؤولين من الجامعة وخارجها، وذلك في القاعة المستديرة بمركز المؤتمرات والتعليم المستمر في المدينة الجامعية بالرياض. وأكد عميد كلية الإعلام والاتصال أستاذ كرسي اليونسكو للحوار بين أتباع الديانات والثقافات الدكتور عبدالله بن محمد الرفاعي أن هذا الملتقى يُعد أحد أنشطة الكرسي التي هي من أنشطة الجامعة التي تفاعلت مع مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أطلقهاإلى العالم، وأن الجامعة تفاعلت بأشكال عدة ونشاطات داخلية وخارجية مع المبادرة. مضيفاً بأن هذا الملتقى تم الإعداد له منذ ما يقرب من العام، وتم استكتاب عدد من الباحثين السعوديين. وأضاف الرفاعي بأن المبادرة التي انطلقت منالسعودية نتمنى أن تتفاعل معها الجهات كافة، خاصة المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية، خاصة أن السعودية تتعرض للعديد من المحاولات التي تحاول أن تمس ثوابتها. من جانبه، أشار نائب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون لشؤون الإذاعة مجري بن مبارك القحطاني في كلمة له إلى أن أعمال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تعدت حدود الوطن، ووصلت لمستوى العالم، وأن مبادرته– حفظه الله - للحوار بين أتباع الأديان والثقافات هي أحد أهم الأعمال، خاصة أن إطلاقها من مكةالمكرمة دلالة على عظم الإسلام، ودليل على عالمية الدين الذي يدعو للسلم والسلام والتسامح والتعايش بين البشر. وبيّن القحطاني أن الإعلام ساهم في هذه المبادرة من خلال تعزيز قيمها ومفاهيمها، لكن التغيرات التي حدثت فيه مؤخراً جعلت الإعلام يشكل أهمية كبرى من خلال ضرورة أن يتواكب مع عدد من المتغيرات المتمثلة في صياغة رسالة تعتمد الحوار والإقناع. فيما أكد مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان أبا الخيل أن الملتقى يأتي في وقت مهم، ويحتاج إليه الجميع؛ ليؤطر ويؤصل ويعزز بالأبحاث العلمية هذه المبادرة التي من خلالها يعرف الأبناء والبنات واجبهم تجاه دينهم ووطنهم وولاة أمرهم، وما يجب أن يحملوه من الرسالة الحقيقية الصريحة عن هذا الدين العظيم الذي جاء بالوسطية والاعتدال والتعاون على البر والتقوى. من جهته، تحدث "سليّم مسفر الغامدي"، الباحث الأكاديمي، في إحدى جلسات الملتقى قائلاً: "مع التطور التقني الحديث والقفزة الهائلة في تنوع وسائلِ الاتصالِ المختلفة أصبح العالم قرية واحدة؛ مّا أدى إلى فتح قنواتٍ حديثةٍ ومختلفة للحوار والتخاطب بين الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، كما أنَّ تطور المجتمعات يُقاس بمدى قدرتها على الحوار، إلى جانب مستوى تطورها في المجالات الأخرى المختلفة، كالصناعية والعلمية والطبية والعسكرية وغيرها". مضيفاً بأنَّه يجب التركيز على خلقِ قنوات واضحة للحوار في المجتمع ليتم تحقيق الرقي والتقدم. ولفت الغامدي إلى أنَّ وسائل الإعلام الغربية هي الممول الأساسي للعمل الإعلامي العالمي بفضل تقدمها وإمكاناتها ونظرتها الدونيّة لوسائل الإعلام في الدول النامية، إلى جانب أنَّ الإعلام العربي لا يزال يرضخ لضغوطات الحكومات والعمل "البيروقراطي" الرتيب، كما أنَّه لا يوجد قانون دولي يجرّم التعرض للمعتقدات الدينية لأيّ جماعة أو تشويه لرموزها، مُبيِّناً أنَّ هناك عدم فهم من قبل كثير من الغربيين للصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين، وأنَّه دين السلام والوسطية؛ وبالتالي يطلقون الأحكام على الإسلام وأهله دون معرفة حقيقته بسبب تضليل الإعلام الغربي لهم. وأكدت الباحثة الأكاديمية "إسراء عبدالعزيز الزايد" أنَّ البرامج الحوارية أصبحت عصب الإعلام العربي في الآونة الأخيرة، في ظل تكاثر الأحداث السياسية اليومية والمتغيرات المتعاقبة يوماً بعد يوم. مُضيفةً بأنَّ للإعلام -بشكل عام - والبرامج الحوارية -بشكل خاص- دوراً بالغ الخطورة أمام الرأي العام المخاطب؛ فتارة يكون بكشف الحقائق ومواجهة المسؤولين وصُنّاع القرار، وتارة أخرى يكون بالتضليل والتوجيه وصناعة الرأي العام وفقاً للمؤسسات والجهات المانحة والممولة لهذه البرامج. وأوضحت الزايد أنَّ الحوارات التلفزيونية تكتسب أهمية خاصة بكل قوالبها التي تعرض من خلالها؛ إذ تلعب دوراً مهماً في الجانب التثقيفي عندما يتناول شخصية عامة علمية أو سياسية، مُشيرةًإلى أنَّ على هذه البرامج الحوارية مسؤولية مجتمعية ضخمة، إلى جانب مسؤوليتها عن تثقيف المجتمع وزيادة الوعي، وكذلك تبيين الأمور على حقيقتها بلا تزييف. موصيةً بتصميم برامج تقويمية خاصة بمتابعة المحتوى الإعلامي للبرامج الحوارية وإشراك الجماهير في عملية اختيار الشخصيات المستضافة والقضايا التي تُطرح. وأشارت "هديل بنت علي اليحيى"، الباحثة الأكاديمية، إلى أنَّه أصبح من الأهمية بمكان تعزيز وتنمية ثقافة الحوار ومهاراته لدى الشعوب العربية والمسلمة، بعد أن اتسعت مجالاته حتى شمل الصعيد الثقافي والسياسي والاقتصادي وغيرها. مُضيفةً بأنَّ ذلك يتطلب من أفراد المجتمع فتح قنوات اتصال وتواصل فكري وثقافي واجتماعي دائم، مؤكدةً أنَّ فتح قنوات التواصل الشخصية والجمعية والجماهيرية وتوجيهها لتعزيز ثقافة الحوار يُعدّ مطلباً أساسياً من أجل الوصول بالحوار إلى غايته المنشودة، وتجنب مخاطر الشقاق والتفرق. وأضافت اليحيى بأنَّه يمكن لوسائل الاتصال الجماهيرية أن توفر الحافز والسياق لمناقشة الموضوعات الحساسة بشكل يُدعم التغيير في ديناميكيات الأسرة، موضحةً أنَّ الإعلام يُعدّ من أهم العوامل التي تؤدي إلى رفع مستوى ثقافة الحوار في المجتمع السعودي بعد التعليم، لافتةًإلى أنَّه تبيَّن أنَّ هناك زيادة في الأداء الحواري الفاعل بين الطلاب كنتيجة لتفعيل الحلقات النقاشية والمجموعات الحوارية، مُشدِّدةً على ضرورة تدريب الطلاب والمعلمين على ثقافة الحوار باستخدام المجموعات الصغيرة، ولعب الأدوار، ومجموعات العمل، وغيرها. وبيّنت "إيمان عبدالله الحصين"، الباحثة الأكاديمية، أنَّه ليس أمام البشرية سبيل أفضل من تبادل المعرفة والمنافع والخبرات وتلافي الخصومات، مُضيفةً بأنَّ هناك بعض المُعوقات التي من شأنها أن تعرقل عملية اتصالنا مع الآخرين والتعرف على ثقافتهم وتصدير ثقافتنا إليهم عبر الطرق الممكنة والمشروعة، إلى جانب أنَّ البعض يحصر مفهوم الاتصال الثقافي داخل أروقة المؤتمرات والملتقيات، التي غالباً ما تكون وفق منظور أكاديمي بحت، لا يخلو من التنظير، وكذلك افتقارنا لجانب الممارسة في هذا الميدان. وشدَّدت الحصين على ضرورة تفعيل دور الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني في تعزيز مثل هذه المفاهيم، مشيرةً إلى أنَّ البعض يجهل كثيراً من الوسائل التي لها دورها الفاعل والمؤثر في مد جسور التعرف على تلك الوسائل وآلية استثمارها بالشكل الأمثل، ومن ذلك وسائل الإعلام بأنواعها، وموسما العمرة والحج، وشبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب الفنون المسرحية و"الدراما"، وكذلك المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني، كالأندية الأدبية والرياضية، إضافةً إلى السّياح ورجال الأعمال والمطوفات والكشافة. من جانبها، أكَّدت "تهاني بنت عبدالرزاق"، الباحثة الأكاديمية، أنَّ البرامج الحوارية أصبحت أحد أهم أشكال البرامج التلفزيونية، وينظر إليها كأحد أهم منصات مناقشة القضايا العامة كجزء من منظومة متكاملة من البرامج والمنتديات النقاشية، التي تجسد مفهوم الحوار والجدل والتعاطف في الشؤون العامة والقضايا المجتمعية، مُضيفةً بأنَّ البرامج الحوارية تحظى عادةً بنسبة مشاهدة عالية، مبينةً أنَّ توظيف البرامج الحوارية لتوسيع الفضاء العام من الجوانب الإيجابية للتوعية بأهمية القضايا المجتمعية وطرحها للنقاش للعامة. وأضافت عبدالرزاق بأنَّ مما يُعزِّز هذا التوجه ما تقدمه نظرتا الغرس الثقافي والتعلم، مُشدِّدة على ضرورة الاهتمام بالبرامج الحوارية في القنوات التلفزيونية السعودية، باعتبارها من أهم السبل لإيجاد فضاء عام متصالح مع الواقع، داعيةًإلى تنمية مهارات مُقدمي البرامج الحوارية بما يساعد على إثراء القضايا محل النقاش بطريقة موضوعية؛ وهو ما يفضي إلى إكساب المتلقي تلك القيم بطريقة تعليمية غير مباشرة. وأوضحت "ندى بنت حمود الصالح"، الباحثة الأكاديمية، أنَّ وسائل الإعلام الرقمية تقدم العديد من المزايا والخدمات للمستخدم، الذي أقبل عليها بدوره هرباً من حراس البوابة ومقص الرقيب، الذي يقف غالباً بين الوسائل التقليدية والجمهور المتلقي، مؤكدةً أنَّ مفردات مستخدمي "تويتر" في السعودية بلغت (302) مفردة، تهدف لوصف طبيعة وحدود التأثير الذي أحدثته وسائل الإعلام الرقمية، خاصةً في مدى كفاءة "تويتر" في تعزيز ثقافة الحوار وتطويره لقدرات الجمهور في التفكير والتحليل للمشكلات والمعلومات. ولفتت الصالح إلى أنَّه لا بُدَّ من إجراء المزيد من البحوث العلمية، التي تساهم بتطوير نظرية الغرس الثقافي بما يتوافق مع بيئة الاتصال الجديدة، إلى جانب تشكيل لجنة دائمة من المتخصصين بالإعلام الجديد لرصد ومتابعة وتقييم استخدامات فئات المجتمع السعودي للوسائل الإعلامية الجديدة، ومن ثمَّ اقتراح الحلول والتعامل معها بجدية بما يحقق الصالح العام للمجتمع، وكذلك إعداد برامج تدريبية وتثقيفية لكيفية استخدام فئات المجتمع السعودي للوسائل الإعلامية الجديدة، وذلك بالتعاون بين وزارتي "الإعلام" و"التربية والتعليم".