جهود دعوية وإنسانية لتوعية الجاليات وتخفيف معاناة الشتاء    أمير الرياض ونائبه يعزيان في وفاة الحماد    أمير الرياض يستقبل سفير فرنسا    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائنًا مهددًا بالانقراض    انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.. والثقة في الأمن 99.77 %    رغم ارتفاع الاحتياطي.. الجنيه المصري يتراجع لمستويات غير مسبوقة    إيداع مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر ديسمبر    العمل الحر.. يعزِّز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    نائب أمير تبوك يطلق حملة نثر البذور في مراعي المنطقة    NHC تنفذ عقود بيع ب 82 % في وجهة خيالا بجدة    العمل الحرّ.. يعزز الاقتصاد الوطني ويحفّز نمو سوق العمل    الاحتلال يكثّف هجماته على مستشفيات شمال غزة    تهديد بالقنابل لتأجيل الامتحانات في الهند    إطلاق ChatGPT في تطبيق واتساب    هل هز «سناب شات» عرش شعبية «X» ؟    المملكة تدعم أمن واستقرار سورية    "أطباء بلا حدود": الوضع في السودان صعب للغاية    حرب غزة:77 مدرسة دمرت بشكل كامل واستشهاد 619 معلماً    السعودية واليمن.. «الفوز ولا غيره»    إعلان استضافة السعودية «خليجي 27».. غداً    رينارد: سنتجاوز الأيام الصعبة    اتركوا النقد وادعموا المنتخب    أخضر رفع الأثقال يواصل تألقه في البطولة الآسيوية    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    غارسيا: العصبية سبب خسارتنا    القيادة تهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    رئيس بلدية خميس مشيط: نقوم بصيانة ومعالجة أي ملاحظات على «جسر النعمان» بشكل فوري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير تعليم الطائف ويدشن المتطوع الصغير    وافق على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة.. مجلس الوزراء: تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    مجلس الوزراء يقر الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة    الراجحي يدشّن «تمكين» الشرقية    تقنية الواقع الافتراضي تجذب زوار جناح الإمارة في معرض وزارة الداخلية    لغتنا الجميلة وتحديات المستقبل    أترك مسافة كافية بينك وبين البشر    مع الشاعر الأديب د. عبدالله باشراحيل في أعماله الكاملة    عبد العزيز بن سعود يكرّم الفائزين بجوائز مهرجان الملك عبد العزيز للصقور    تزامناً مع دخول فصل الشتاء.. «عكاظ» ترصد صناعة الخيام    وزير الداخلية يكرم الفائزين بجوائز مهرجان الصقور 2024م    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    زوجان من البوسنة يُبشَّران بزيارة الحرمين    القهوة والشاي يقللان خطر الإصابة بسرطان الرأس والعنق    القراءة للجنين    5 علامات تشير إلى «ارتباط قلق» لدى طفلك    طريقة عمل سنو مان كوكيز    الموافقة على نشر البيانات في الصحة    جامعة ريادة الأعمال.. وسوق العمل!    نقاط على طرق السماء    الدوري قاهرهم    «عزوة» الحي !    أخطاء ألمانيا في مواجهة الإرهاب اليميني    المدينة المنورة: القبض على مقيم لترويجه مادة الميثامفيتامين المخدر (الشبو)    استعراض خطط رفع الجاهزية والخطط التشغيلية لحج 1446    عبد المطلب    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    سيكلوجية السماح    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    «الحياة الفطرية» تطلق 66 كائناً فطرياً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البراك للشيخ يوسف الأحمد: ليتك أوكلت الأمر لأهله ولم تتصدر في شأن ليس من اختصاصك
رداً على دراسة طالب فيها بتغيير نظام النشر والمطبوعات التابع لوزارة الإعلام
نشر في سبق يوم 03 - 03 - 2011

تصدى الباحث الشرعي والخبير النظامي الدكتور أحمد البراك لدارسة الدكتور يوسف الأحمد، التي طالب فيها بتغيير نظام المطبوعات والنشر التابع لوزارة الثقافة والإعلام، ونظام الإجراءات الجزائية الصادر عن وزارة الداخلية.
وأكد الدكتور البراك في رده الذي حصلت صحيفة "سبق" على نسخة منه، أن مداخلة الشيخ يوسف الأحمد نتجت عن لبس في التكييف الشرعي والنظامي، قائلاً: ليت الشيخ أوكل الأمر إلى أهله، لا أن يتصدر في شأن ليس من اختصاصه.
وأضاف: لقد غلب على ظني فور اطلاعي على عنوان الرد أن فضيلته لن يعدم الاستعانة بخبراء وذوي اختصاص: "شرعيين ونظاميين"؛ لأن الأمر مهم ويتطلب أدواتٍ لا يحسنها، فتبين بعد قراءته أنه لم يستعن فيه بأحد البتة، ولم يزد على حَشْدِهِ جمعاً عاماً، وتحليلاً من غير مختص، وهو ما عادَ بالنقض على كلامه، وتبين بهذا أن جميع المادة هي من إعداد فضيلته من فاتحتها إلى خاتمتها.
وأردف البراك: إن تكييف وزير العدل جاء دقيقاً في تأصيله وتأسيسه على قواعد الشرع والنظام، ولم ينف اختصاص القضاء بأي شيء مما أثاره الدكتور الأحمد، لكنه قوَّل الوزير ما لم يقل، ولم يستوعب تكييف الوزير للموضوع، وقد يعذر فضيلة الشيخ يوسف بعدم اختصاصه بهذا الشأن، لكنه لا يعذر بتسرعه، ودخوله فيما لا يحسنه.
وتابع بأن ما تضمنته إيرادات الدكتور يوسف الأحمد -وفقه الله تعالى- تنصب على ما يلي:
أولاً قال فضيلته: من سب الله تعالى أو رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو استهزأ بشيء من الدين، أو قذف آخر بالزنا، أو اعتدى على أحد من الناس بالسب أو الشتم، أو اتهمه بالتكفير أو التشدد، أو قام بالتحريض على الإرهاب المحرم من خلال صحيفة ورقية أو إلكترونية أو شريط صوتي بثه في الإنترنت.. فالدعاوى هنا لإقامة حد الردة، أو حد القذف، أو طلب التعزير، ولجنة النظر في المخالفات الصحفية ليس لها حق النظر في إثبات ردة المتهم، أو استتابته، أو إقامة حد الردة عليه، وليس لها حق النظر في ثبوت القذف، ولا في إقامة حد القذف عليه، وكذا الأمر في سائر القضايا الجنائية والإرهاب، والمدعي العام لا يتقدم بدعواه فيما ذكر إلى اللجنة الإعلامية، وليس هذا كله أيضاً من اختصاص المحاكم الإدارية، فلم يبق إلا أن تكون من اختصاص المحكمة العامة أو الجزائية، وإلا آل الأمر إلى وجود الفراغ القضائي، وتعطيل الحدود والتعازير، وضعف العدالة وشيوع الفوضى إذا كانت مادة الجناية في وسيلة إعلامية أو إلكترونية أو ثقافية.
والجواب على هذا: أن معالي الوزير بين أن اللجنة الإعلامية هي جهة تظلم وجوبي (وأحد أعضائها قاض من وزارة العدل)، وقد ترى أن ما نسب إلى المدعى عليه من التهم التي ذكرها فضيلته ليست كما جاء في دليل الاتهام، فتقرر ما تراه.
فإن كان ما انتهت إليه في قرارها غيرَ صواب فللمدعي الطعن على قرارها أمام القضاء الشرعي، ممثلاً في ديوان المظالم الذي ينظر في قراراتها ويعرضها على أحكام الشرع والنظام، فإن كانت سليمة رفض الديوان دعوى الطاعن، وإلا حكم بإلغاء قرار اللجنة وردها إلى جادة الصواب محمولاً منطوقه على أسباب حكمه، ولا يسع اللجنة الإعلامية (بمن فيهم القاضي المشارك في عضويتها) إلا أن تذعن لحكم القضاء، وتعدِّل من قرارها لتقرر مجدداً بأن التهمة تتضمن حداً شرعياً ومرده النظر القضائي وتحيل أوراقه إلى جهة الاختصاص، وهو ما صار بالفعل في بضعة قضايا، لكن الشيخ الأحمد لا علم له بهذا كله، وصدق من قال: "تعست العجلة".
أما المدعي العام فحاله حال المدعي الطبيعي، يتظلم أمام اللجنة طالباً إيقاع الجزاء المتاح للجنة على المتهم، وإحالة أوراق الدعوى إلى المحكمة المختصة بقرار منها فيما سوى ذلك من جزاء، وذلك أن ثمة جزاء على مخالفة نظام المطبوعات والنشر لا بد من استيفائه، فضلاً عن استيفاء الجزاءات الأخرى، واللجنة كما ذكرنا تجري اللازم الشرعي والنظامي، إن كانت لائحة الادعاء في محلها أجابته لطلبه، وإلا قررت ما تراه، والمدعي العام أمام خيارين: إما القبول بالقرار متى توجهت صحته عنده، فقد يقنع بالأسباب المبينة في قرار اللجنة، أو لا يقنع ويطعن عليه أمام ديوان المظالم.
وليت فضيلة الشيخ يوسف الأحمد يعلم كم حدَّ هذا الإجراء من أعداد القضايا على المحاكم، حيث انتهت من اللجنة، إما بقرار لم يُطعن عليه، أو بصلح بين الأطراف، أما الحدود الشرعية فلا تستطيع اللجنة ولا غيرها الوقوف أمامها، لاسيما وأن القضاء الشرعي ممثل في اللجنة من خلال عضويتها، فضلاً عن وجود مستشارين شرعيين فيها، ويجب أن يعلم فضيلته أن مِنْ ضمن مَنْ يَبِتُّ في هذا الأمر (في اللجنة) أعضاء شرعيون من بينهم قاض يصدر في محكمته أحكاماً في الدماء والأموال والأعراض.
وليت الشيخ يوسف الأحمد يعلم حجم القضايا التي نظرها ديوان المظالم بعد نظر اللجنة وحجم ما ألغاه منها، وليت فضيلته يستقرئ ويتتبع قبل أن يعجل في حكمه، وليته يتضلع بالمادة الشرعية والنظامية في هذا الشأن قبل أن يدخل في أمر ليس من صنعته.
ثانياً قال فضيلته: جاء في كلام الوزير عن اللجنة الإعلامية: "وما تصدره يعتبر قراراً إدارياً يجوز الطعن عليه أمام المحاكم الإدارية" ا.ه.لو أن المدعي في قضية توجب إقامة حد القذف على المدعى عليه، وقبل المدعي بقرار وزارة الثقافة والإعلام بتغريم الصحفي فقط، ألا يعتبر ذلك حكماً بغير الشريعة الإسلامية؛ التي هي مرجع الأحكام الشرعية في المملكة، وهو المنصوص عليه صراحة في النظام الأساسي للحكم؟ وعليه فيكون هذا القرار قراراً غير شرعي وغير نظامي في الوقت نفسه.
والجواب على هذا: بأن إيراد فضيلته يسري على مساعي الصلح قبل وصولها إلى القضاء، ويسري على ما جاء في الحديث: "تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب"، ومع أن الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلا أن العمل عليه، ومعنى تعافوا أي تجاوزوا عنها ولا ترفعوها إليّ، فمتى رضي المدعي بما انتهت إليه اللجنة فهو من هذا القبيل، ثم من يقرر بأن ما انتهت إليه هو حد يجب رفعه للقضاء فقد يكون في تكييفك بينما تخالفك اللجنة (وفيها قاض شرعي)، بل ويخالفك المدعي الذي رضي بقرارها.
ثالثاً يقول فضيلته: جاء في تصريح معالي الوزير: "ولا مراءَ في أن أيّ مادة إلكترونية تأخذ الوصف الإعلامي أو الثقافي بما في ذلك ما ينشر في منتديات الشبكة الإلكترونية" ا.ه.
فقوله: "أي مادة إلكترونية" تعم الجوال والكمبيوتر؛ فلو أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد كتابة في رسالة جوال أو عبر المسنجر، ثم حصلت الخصومة بينهما هل هو طلاق رجعي أم بائن؟ فالدعوى قطعاً تقدم إلى المحكمة العامة وليس إلى "لجنة النظر في المخالفات الصحفية". لكن مقتضى تصريح الوزير أن صاحب الاختصاص هو اللجنة الإعلامية.
وقد رجعت إلى جميع الأوامر الملكية الصادرة بهذا الشأن ومنها ما أشار إليه الوزير، ولم يرد في شيء منها ذكر المواد الإلكترونية، وهذا يؤكد خطأ معالي وزير العدل في فهمه للأمر الملكي.
والجواب: بأن خصومة الطلاق ليست من المواد الثقافية والإعلامية التي نص عليها الأمر الملكي، وتضمنها حديث الوزير نصاً كما نقله فضيلة الشيخ يوسف، فما الذي زج بقضايا الطلاق في قضايا إعلامية وثقافية، وهذا أنموذج واضح على تسرع فضيلته -هداه الله- واختلاط الأمور عليه.
ثم إن الوزير لم يُدْخل من القضايا الإلكترونية إلا ما كان داخلاً في نص الأمر الملكي وهي ذات الطابع الإعلامي والثقافي أياً كان مصدر نشرها، كما هو مطلق نص ولي الأمر، حفظه الله.
رابعاً قال فضيلته: جاء في المادة السابعة من النظام الأساسي للحكم: "يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة". وجاء في المادة السادسة والأربعين منه: "القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية" ا.ه.
وحجب الدعاوى الجنائية إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية عن المحكمة العامة أو الجزائية ونقلها إلى لجنة النظر في المخالفات الصحفية، يتعارض مع استقلال السلطة القضائية.
والجواب: بأن هذا ليس حجباً كما يتصوره فضيلته، فما كان من اختصاص المحاكم فمرده إليها، لكن لابد أن يمر على جهة التظلم الوجوبية التي لا يسعها إلا تقرير الاختصاص عند الاقتضاء، وإلا كان القضاء الشرعي الرقابي على قراراتها لها بالمرصاد (وهو ديوان المظالم)، وسبق أن قلنا بأن هذه اللجنة قد نفع الله بها كثيراً في إصلاح ما بين الناس وتصافي النفوس، والتعافي فيما بين المسلمين قبل تصعيد الأمر للقضاء، وخففت عن القضاء آلاف القضايا، بتراضي الجميع، وهو مطلب شرعي دلت عليه النصوص الشرعية، حتى رد النبي صلى الله عليه وسلم من أقر بالزنا ولقّنه الرجوع عن إقراره، لكن فضيلة الشيخ يوسف الأحمد يخالف هذا كله، وهل يقول فضيلته تبعاً لهذا: إن هذا حد يجب رفعه للقضاء وتجب إقامته، وإن تشوفت الشريعة إلى خلافه، ولو دُفع بدرء أو تعافٍ، ولو رضي الجميع بذلك.
ثم إن فضيلته تكلم في هذا السياق عن استقلال السلطة القضائية، وليته قرأ عن هذا الموضوع قبل أن يتكلم فيه، وذلك أن استقلال السلطة القضائية نصت عليه المادة الأولى من نظام القضاء حيث قضت بأن القضاة مستقلون في قضائهم ولا سلطان عليهم لغير سلطان الشريعة والأنظمة المرعية، فالاستقلال منصب على القضاء، فليس لأحد التدخل فيما يرفع للقضاء، أما ما لم يرفع له فلا وجه للحديث فيه عن استقلال السلطة القضائية، ومن لم يرض بما انتهت إليه اللجنة فليرفع للقضاء، ومتى رفع الأمر إليه كانت نظريات ومسلمات ومواد الاستقلال التي يذكرها فضيلته، وفي هذا نستذكر قول الحافظ ابن حجر، رحمه الله: "من تحدث في غير فنه أتى بالعجائب".
خامساً قال فضيلته: جاء في المادة السابعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم: "حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة، ويُبين النظام الإجراءات اللازمة لذلك" ا.ه.
ومنع التقاضي إلى المحكمة العامة أو الجزائية ضد الجناة الإعلاميين إذا كانت جنايتهم في وسيلة إعلامية قادح صريح في حق التقاضي بالتساوي الذي نصت عليه هذه المادة.
والجواب: بأن كلام فضيلته هذا يجيب عليه ما سبق ذكره من تكييف للجنة الإعلامية بأنها جهة تظلم وجوبي، ويجب أن يعلم فضيلته بأنه لو أراد أن يقاضي جهته الإدارية في شأن وظيفي لما قبل القضاء دعواه حتى يرفعها إلى وزارة الخدمة المدنية تظلماً وجوبياً وتقرر الوزارة فيها ما تراه، فإن رضي به فذاك، وإلا كان من حقه رفع الأمر إلى ديوان المظالم، هذه أمور تنظيمية استقرت بها شؤون القضاء والإدارة ونفع الله بها كثيراً، وإني على يقين بأن ديوان المظالم جنى من هذا التظلم الوجوبي عوائد عظيمة خففت عليه آلاف القضايا خاصة ما يتعلق بشؤون الخدمة المدنية، ومثله سواء بسواء اللجنة الإعلامية مع القضاء العام، ولك أن تقدر حجم ما يحال على سبيل المثال إلى المحاكم الجزئية قبل تفعيل مواد نظام المطبوعات والنشر، وقبل تفعيل الأمر الملكي ذي الصلة، وما انتهى إليه الأمر في كثير منها من تصاف وتراض وتعافٍ، أو قناعة بما انتهى إليه قرار اللجنة من جزاء، والشريعة لا تتشوف إلى تصعيد الأمور حتى في حدودها الشرعية.
وبهذا نعلم أن حق التقاضي مكفول للجميع وأن نصوص النظام الأساسي للحكم في محلها، ونافذة بحذافيرها، لكن فضيلته لم يطبقها ولم يطبق ما تنص عليه باقي نصوص الدولة من إتيان الأمور من أبوابها وعدم التصرف بما يجافي هدي الإسلام في الحكمة والروية وعدم تجرئة الغوغاء على أوامر ولي الأمر، والإساءة إليها، وجعلها على مشرحة نقده أمام العامة والدهماء، وهو يعلم أن أبواب ولاة الأمر مفتوحة بنص النظام الأساسي للحكم الذي يستدل به، وكان عليه أن يلزم أدب الإسلام وألا يقفو في هذا ولا غيره ما ليس له به علم، وما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، وفضيلته حبيب إلى قلوبنا لاسيما وأنه من أفضل من دخل معترك المساجلات العلمية أدباً في لفظه، وسمتاً في مناقشته، لكن الحق أحب إلينا منه، وفوات مداخلته لا بد من بيانه، وبخاصة خروجها عن جادة الحكمة والروية والتثبت.
سادساً قال فضيلته: جاء في المادة الثامنة والأربعين من النظام الأساسي للحكم: "تطبق المحاكم على القضايا المعروضة أمامها أحكام الشريعة الإسلامية، وفقاً لما دل عليه الكتاب والسنة، وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض مع الكتاب والسنة" ا.ه.
فلو سلمنا جدلاً بصدور أمر ملكي يمنع الحكم بالشريعة في مسائل الحدود كحد الردة والقذف إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية، والانتقال بها إلى حكم وضعي بالتغريم المادي من خلال اللجنة الإعلامية.
فالواجب على جهة الاختصاص أن تبين ذلك لولي الأمر بأن أمره يتعارض مع الكتاب والسنة، لأن نفاذ أمر ولي الأمر مشروط في الشرع وبنص هذا النظام ألا يعارض الكتاب والسنة.
والجواب على هذا سبق بيانه بأنه لا منع لأحكام الشريعة في هذا الموضوع، ولا غيره، بل لم تقم الدولة إلا على هديها الكريم ونهجها القويم، وأن الأمر لا يعدو كونه تظلماً وجوبياً فإن رضي المدعي بما انتهت إليه اللجنة وإلا فمرده الشرع، لكن الشيخ يوسف هداه الله لا يريد أي أداة قد تنهي الأمر بصلح وتسعى لتدافع الحدود وتعافيها قبل وصولها إلى الحاكم، وهو مقصد عظيم من مقاصد الشريعة، بل إن الشريعة بحكمتها البالغة جعلت للقضاء في هذا رحابة وسعة فأوجبت درء الحدود بالشبهات متى لم تدفع قبل وصولها إليه، لكن فضيلته لا يريد هذا ويريد تطبيق الحد دون دفع ولا تعافٍ ولا درء، ونقول لفضيلته، قل بعض قولك فإن: "من شاد الدين غلبه".
سابعاً قال فضيلته: جاء في المادة التاسعة والأربعين من النظام الأساسي للحكم: "مع مراعاة ما ورد في المادة الثالثة والخمسين من هذا النظام، تختص المحاكم في الفصل في جميع المنازعات والجرائم".
وهذا نص المادة الثالثة والخمسين : "يبين النظام ترتيب ديوان المظالم واختصاصاته" ا.ه.
ومنع المحاكم من الفصل في الجرائم إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية أو إلكترونية أو ثقافية طعن صريح في هذه المادة.
وجواب هذا سبق في أكثر من موضع من هذا الرد، حيث بينا أن القضاء في هذه القضايا على ولايته، ولم يصرف عنها، وأن اللجنة الإعلامية جهة تظلم وجوبي وليس جهة قضاء، وما تصدره هو قرار إداري لا حكم قضائي، والقضاء على ولايته، لكن فضيلته إما أنه لا يعلم عن هذا التكييف الشرعي والنظامي، أو يتجاهله.
ثامناً قال فضيلته : جاء في المادة الخامسة والعشرين من الفصل الخامس (ولاية المحاكم) من نظام القضاء الصادر عام 1428ه ما نصه: "دون إخلال بما يقضي به نظام ديوان المظالم، تختص المحاكم بالفصل في جميع القضايا، وفق قواعد اختصاص المحاكم المبينة في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية"ا.ه.
نص المادة هنا صريح بأن المحاكم تختص بالفصل في جميع القضايا، ولم تستثن القضايا إذا كانت مادتها في وسيلة إعلامية أو إلكترونية أو ثقافية.
والجواب: بأن هذا في سياق ما ذكرنا فلا نطيل، وهو من تكرار الفقرات عند فضيلته؛ طلباً فيما يظهر لطول الرد والنفخ فيه بتكرار الكلام.
تاسعاً يقول فضيلته : جاء في القسم الأول من آلية العمل التنفيذية لنظامي القضاء وديوان المظالم ما نصه :" تاسعاً : اللجان شبه القضائية وما في حكمها.. مع عدم الإخلال باختصاصات اللجان المستثناة المنصوص عليها في الفقرة (2) من القسم الثالث (أحكام عامة) من هذه الآلية تنقل إلى القضاء العام - بعد تعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية وصدور نظام المرافعات أمام ديوان المظالم والعمل بموجبه- اختصاصات اللجان شبه القضائية التي تنظر في قضايا جزائية أو منازعات تجارية أو مدنية، وتتولى اللجنة المشكلة في هيئة الخبراء- خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ نفاذ نظام القضاء - مراجعة الأنظمة التي تأثرت بذلك، واقتراح تعديلها وفقاً للإجراءات النظامية اللازمة لذلك، كما تتولى دراسة وضع اللجان شبه القضائية التي تنظر في منازعات إدارية وتكون قراراتها قابلة للتظلم أمام ديوان المظالم واقتراح ما تراه في شأنها"ا.ه.
فالنظام هنا صريح جداً بنقل اختصاصات اللجان شبه القضائية وما في حكمها إلى القضاء العام، والمستثنى ثلاث لجان فقط ليس منها لجنة النظر في المخالفات الصحفية.
ولا بد قبل الجواب أن نذكر نص الآلية دون بتر آخرها،
وهذا هو:
تاسعاً: اللجان شبه القضائية وما في حكمها
1 مع عدم الإخلال باختصاصات اللجان المستثناة المنصوص عليها في الفقرة (2) من القسم الثالث (أحكام عامة) من هذه الآلية تنقل إلى القضاء العام -بعد تعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية وصدور نظام المرافعات أمام ديوان المظالم والعمل بموجبه- اختصاصات اللجان شبه القضائية التي تنظر في قضايا جزائية أو منازعات تجارية أو مدنية، وتتولى اللجنة المشكلة في هيئة الخبراء -خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ نفاذ نظام القضاء- مراجعة الأنظمة التي تأثرت بذلك، واقتراح تعديلها وفقا للإجراءات النظامية اللازمة لذلك، كما تتولى دراسة وضع اللجان شبه القضائية التي تنظر في منازعات إدارية وتكون قراراتها قابلة للتظلم أمام ديوان المظالم واقتراح ما تراه في شأنها.
2 تسلخ الوظائف المتمثلة باللجان شبه القضائية التي تنقل اختصاصها إلى القضاء العام (من وظائف الأعضاء ووظائف مساعدة) ويعين العاملون في هذه اللجان ممن تنطبق عليهم شروط القضاء على وظائف قضائية أو استشارية بحسب الحاجة على أن تقوم اللجنة الفنية -بالاشتراك مع المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وممثل من الجهة التي لها علاقة- بتحديد ما سينقل من كل لجنة ينقل اختصاصها إلى المحاكم من وظائف وموظفين ومخصصات مالية وغيرها.
3 يحدد المجلس الأعلى للقضاء فترة انتقالية -بعد تعديل نظام المرافعات الشرعية- لتباشر بعدها المحاكم المختصة اختصاصاتها المنقولة إليها من اللجان شبه القضائية وتنقل بعد ذلك القضايا المقبلة وما يتعلق بها من سجلات وأوراق وملفات من تلك اللجان إلى القضاء العام للفصل فيها وذلك بالتنسيق بين المجلس الأعلى للقضاء والجهة التي لها علاقة ويراعى في ذلك الاختصاص المكاني، وتحاط وزارة العدل بما تم من ترتيبات في هذا الشأن.
وبعد هذا نرد على فضيلته بالآتي:
الأول: أن اللجنة الإعلامية ليست لجنة شبه قضائية ولا في حكمها، لكونها لا تصدر قرارات نهائية، وليت فضيلته لم يدخل في هذا المأزق الذي أوضح رصيده في الفهم النظامي، ولم يقل أحد ألبتة بأن اللجنة الإعلامية لجنة شبه قضائية ولا في حكمها، لأنها قراراتها يطعن عليها أمام القضاء الذي يفرض عليها رقابة تامة ويلغيها عند الاقتضاء وليس هذا من طبيعة اللجان شبه القضائية وما في حكمها، ولو قيل بخلاف ذلك لكانت جميع قرارات الجهات الإدارية ولجانها لجاناً شبه قضائية أو في حكمها.
الثاني: على التسليم الجدلي بما انتهى إليه فضيلته فإن الموضوع بكامل سياقه الذي سقناه لم يبت فيه حتى تاريخه، ولم يصدر تعديل نظامي المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية، وهذا يعود بالنقض على فضيلته، فلنا أن نقول بأنه لو سُلم بصحة كلامك فإن الأمر باق على ما كان حتى يتم الفصل في هذه اللجان التي لا تزال قيد العمل لعدم البت فيها وفق الآلية التنفيذية، وبالتالي فما تقرره صحيح حتى يبت في موضوعها، وهذا ما لا يريده فضيلته، وهو لازم له بنص كلامه.
عاشراً يقول فضيلته: جاء في نظام الإجراءات الجزائية الصادر في 28/7/1422ه في الفصل الأول من الباب الخامس. المادة الثامنة والعشرون بعد المائة ونصها: "تختص المحكمة الجزائية بالفصل في قضايا التعزيرات، إلا بما يستثنى بنظام، وفي الحدود التي لا إتلاف فيها، وأروش الجنايات التي لا تزيد على ثلث الدية" اه.
ولم يرد أي نظام يستثني الإعلاميين من مثولهم أمام القضاء في المحكمة الجزائية، ولم يستثن أيضاً أي قضية ذات طابع إعلامي أو ثقافي أو إلكتروني ما دام أنها دعوى جنائية توجب حداً أو تعزيراً، بل إن نظام القضاء الجديد تضمن إلغاء اللجان شبه القضائية وما في حكمها ولم يستثن إلا ثلاث لجان تعمل بصفة مؤقتة ليس منها اللجنة الإعلامية كما سبق ذكره.
وقد أصدر وزير العدل السابق تعميماً يؤكد هذا الفهم برقم (13/ت/2207 في 17/3/1424ه) ونصه: "إلحاقاً لتعميمنا رقم 13/ت/2071 وتاريخ 5/9/1423ه بشأن نظر المحاكم للشكاوى التي تتعلق بما ينشر في الصحف والمجلات، ونظراً لورود بعض الاستفسارات عن مدلول هذا التعميم من بعض محاكم المملكة. نرغب إليكم الاطلاع والعمل على أن ذلك مقيد بما لا يتعارض مع مواد نظامي المرافعات والإجراءات الجزائية المقررة للاختصاص الولائي في نظر الدعاوى.
والله يحفظكم.. وزير العدل عبد الله بن محمد آل الشيخ"اه.
والجواب على هذا بأن كل ما ذكر صحيح، والقضاء غير محجوب عن النظر في القضايا الإعلامية، وقد بينا وضع اللجنة الإعلامية في التكييف النظامي، لكن فضيلته كما قلنا يكرر القول، وسببه دورانه في حلقته المفرغة عدم استيعابه لهذه المسألة، بل أخذ شطراً منها وبنى عليها كلامه الأمر الذي حدا به إلى هذا التناقض، وليته وكل الأمر إلى أهله.
حادي عشر قال فضيلته: جاء في نظام المطبوعات الصادر بالمرسوم الملكي في 3/9/1421ه :"المادة الثالثة والثلاثون: 1- رئيس تحرير الصحيفة أو من يقوم مقامه في حالة غيابه، مسؤول عمّا ينشر فيها. 2- مع عدم الإخلال بمسؤولية رئيس التحرير أو من يقوم مقامه يكون كاتب النص مسؤولاً عما يرد فيه.
المادة الخامسة والثلاثون: على كل صحيفة نسبت إلى الغير تصريحاً غير صحيح، أو نشرت خبراً خاطئاً أن تصحح ذلك بنشره مجاناً، بناءً على طلب صاحب الشأن في أول عدد يصدر بعد طلب التصحيح، ويكون ذلك في المكان الذي سبق أن نُشِر الخبر أو التصريح فيه أو في مكان بارز منها، ولمن أصابه ضرر حق المطالبة بالتعويض.
المادة السابعة والثلاثون: تنظر في المخالفات لأحكام هذا النظام لجنة تُشكل بقرار من الوزير برئاسة وكيل الوزارة المختص لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة يكون أحدهم مستشاراً قانونياً، وتصدر قراراتها بالأغلبية بعد دعوة المخالف أو من يمثله، وسماع أقواله، ويجوز لها دعوة من ترى الاستماع إلى أقواله، كما يجوز لها الاستعانة بمن تراه، ولا تصبح قرارات اللجنة معتمدة إلا بعد موافقة الوزير عليها.
المادة الثامنة والثلاثون: مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها نظام آخر، يعاقب كل من يُخالف حكماً من أحكام هذا النظام بغرامة مالية لا تتجاوز خمسين ألف ريال أو بإغلاق محله أو مؤسسته مدة لا تتجاوز شهرين أو بإغلاق محله أو مؤسسته نهائياً، ويصدر بالعُقوبة قرار من الوزير بناءً على اقتراح اللجنة المنصوص عليها في المادة السابعة والثلاثين من هذا النظام.
المادة الأربعون: يحق لمن يصدر بشأنه عقوبة بمقتضى أحكام هذا النظام، التظلم أمام ديوان المظالم، وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار الصادر بذلك"اه.
نص النظام هنا في المادة (37) على أن اللجنة تنظر في مخالفات النظام فقط، وهذا لا يعني أنها تنظر في الدعاوى الجنائية مطلقاً، ويؤكد هذا أربعة مؤكدات:
المؤكد الأول: أن النظام نص على أن عقوبات اللجنة محددة بثلاث عقوبات فقط: الغرامة المالية وبإغلاق المحل أو المؤسسة، وليس منها إقامة الحد أو السجن أو غير ذلك.
المؤكد الثاني: الغرامة المالية المحددة هي فقط في مقابل المخالفة لنظام المطبوعات وليس لحق المدعي الخاص، ولذلك فإن الغرامة المالية هنا تذهب للمال العام فقط وليس للمدعي.
المؤكد الثالث: جاء في نهاية المادة (36) ما نصه: " ولمن أصابه ضرر حق المطالبة بالتعويض" وهذه إشارة واضحة إلى أن المطالبة بالحق الخاص ليس إليها، لأن التعويض ليس من العقوبات الثلاث المنصوص عليها في المادة نفسها.
المؤكد الرابع: ما جاء في المادة الأربعين من أن صاحب الحق في التظلم من قرار العقوبة أمام ديوان المظالم إنما هو من صدر بشأنه العقوبة فقط ولم يرد هذا الحق للمدعي، لأن اللجنة تنظر في مخالفة نظام المطبوعات وليس من شأنها النظر في الدعاوى والخصومات.
والجواب على هذا: بأن نظام المطبوعات والنشر ليس هو الأداة النظامية الوحيدة في هذا الشأن، بل الأمر الملكي المنوه عنه أداة أخرى جاءت بزيادة في النص وبأداة أسمى وهي الأمر الملكي، وقد شمل كافة القضايا الإعلامية والثقافية.
وقد تضمن كلام معالي الوزير بأن اللجنة متى كان قرارها خارجاً عن مكنتها العقابية فترفع ذلك لجهة الاختصاص وهي المحكمة، وإن لم تفعلْ تظلم الطاعن من قرارها، وتعين على ديوان المظالم إلغاؤه؛ لتعنت القرار في أمر واضح، والإلغاء كما هو معلوم محمول على أسبابه، وعلى اللجنة أن تنصاع لحكم القضاء وتعدل عن قرارها وفق ما انتهى إليه الحكم الشرعي، ومن ذلك تقرير أن البت في التظلم أمامها أو في شق منه إلى القضاء المختص، وهل يتصور فضيلة الشيخ يوسف الأحمد أن في وسع اللجنة أن تبت في قضية قذف صريح؟، أو في ردة عن الدين؟.
وقلنا مراراً: إن ما يصدر من اللجنة من قرارات هي محل رقابة القضاء الشرعي، فإن كان فيها خروج عن الشرع والنظام رد ديوان المظالم قرار اللجنة إلى جادة الحق، وقد حصل هذا كثيراً.
ثاني عشر: يقول فضيلته: صدر قرار من مجلس القضاء الأعلى، وتعميم من وزير العدل السابق (رقم13/ت/2523 في 2/9/1425ه) يردان بالنص الصريح على ما ذكره وزير العدل، وهذا نص التعميم: "تعميم قضائي على كافة الجهات التابعة للوزارة.. فإلحاقاً لتعميمنا رقم 13/ت/2207 وتاريخ 17/3/1424ه، بشأن نظر المحاكم للشكاوى التي تتعلق بما ينشر في الصحف والمجلات، وأن ذلك مقيِّد بما لا يتعارض مع مواد نظامي المرافعات والإجراءات الجزائية المقررة للاختصاص الولائي في نظر الدعاوى... إلخ.
عليه فقد تلقينا كتاب معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى برقم 1713/1 وتاريخ 2/7/1425ه، المتعلق بتقديم بعض الأشخاص إلى المحاكم بشكاوى تتعلق بما ينشر في الصحف والمجلات المحلية واستقبال مثل هذه الشكاوى من قبل القضاة... وأنه جرى عرض الموضوع على مجلس القضاء الأعلى بهيئته العامة في دورته التاسعة والخمسين، وصدر بذلك القرار رقم 290/59 بتاريخ 18/6/1425ه، وقد رأى المجلس ما يلي:
أولاً: ما كان من تعدٍّ على العقيدة أو الأخلاق الإسلامية أو تنقُّص للقرآن والسنة أو شريعة الإسلام أو اعتداء على أحد بقذف ونحوه مما يستدعي عقاباً شرعياً من جلد أو سجن حسب نوع التعدي، فهذا من أعمال المحاكم العامة أو الجزئية، وصرف ذلك عن القضاء الشرعي أمر لا يسوغ شرعاً وله عواقب خطيرة على تلاحم المجتمع المسلم، إذ إن عقوبات مهمة قد تؤول إلى القتل أو الجلد أو السجن الطويل يتعين أن يكون النظر فيها إلى القضاء الذي فيه إصدار الأحكام الشرعية على من تعدى حدود الله وانتهك محارمه.
ثانياً: ما كان من مخالفات صحفية من حقوق نشر أو اعتداء على فكرة لأحد وسلبها أو ادعاها من آخر لغيره وأمثال ذلك من المخالفات الإدارية أو الفنية، فذلك له وضعه الخاص في نظام المطبوعات، إذ إن ذلك لا يقتضي إصدار حكم شرعي بعقاب.
ثالثاً: لا يسوغ للمحاكم العامة أو الجزئية إذا قدم لها قضايا ذات أثر في القيم والأخلاق والعقيدة بسبب جريمة تستدعي عقاباً شرعياً أن تحيلها المحاكم إلى جهة أخرى نظامية لتتولى النظر فيها "والله يحفظكم،،، وزير العدل عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ. اه.
فالقرار هنا والتعميم في غاية القوة والصراحة وقد صدر من السلطة القضائية نفسها.
والجواب على فضيلته بأن جميع هذا صحيح وفي محله ولا قائل بخلافه إلا جاهل أو مكابر، لكن بينا لك بأن اللجنة الإعلامية ليست جهة قضاء، بل جهة تظلم وجوبي، ومرد ما تقرره إلى ما ذكر أعلاه من القضاء الشرعي، وأن هذه اللجنة نفع الله بها نفعاً عظيماً فحدت من قضايا عديدة كان من الممكن أن يثقل بها كاهل المحاكم في هرج ومرج وجلبة، لكنها انتهت بصلح، وتوافق، وتعاف فيما بين الأطراف، "والصلح خير"، ودرئت بها أمور عظيمة تتشوف لدرئها الشريعة قبل رفعها للقضاء، وحتى بعد رفعها، ومن لم يرتض ما تنتهي إليه هذه اللجنة فمرده القضاء كما قلنا.
وفي هذا السياق يحسن التأكيد على أن دعاوى الحسبة التي ترفعها هيئة التحقيق والادعاء العام أمام اللجنة (ومن بين أعضائها قاض كما ذكرنا) قد تقرر بأن دعوى الحسبة لها حظ من النظر فتوقع ما في مقدورها من الجزاء فإن كان مساوياً للجرم انتهى الأمر إلى ذلك، وإلا تعين عليها أن تقرر جسامة الجرم وتحيل القضية إلى المحكمة الشرعية، فإن لم تفعل طعن المدعي العام على قرارها أمام القضاء الشرعي ديوان المظالم والديوان يجري في هذا اللازم الشرعي والنظامي وقضاته مثل زملائهم في القضاء العام شرطاً في التعيين وشغلاً لدرجات سلك القضاء.
وقد تقرر اللجنة الإعلامية بأن دعوى الحسبة ليس لها حظ من النظر، ويجري على قرارها ما سبق.
كلُّ هذا جلي ولا يحتاج لهذه الإطالة لكن فضيلة الشيخ يوسف الأحمد هداه الله استعجل في أمر لا يحسنه، ولا أخفي القارئ الكريم أني كنت أتوقع قبل قراءة كلامه فور اطلاعي على العنوان بأن بعض أهل الاختصاص سيسعف الشيخ يوسف بمادة شرعية ونظامية في هذا الأمر لأن مَحَكَّهُ عويص ولا يحسنه إلا أهل الاختصاص، لكن بعد قراءته تبين أن فضيلته هو من كتبه من فاتحته إلى خاتمته، وقد كان في عافية من أمره قبل أن يقتحم ما ليس من شأنه، وبالله التوفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.