أقامت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مؤخرًا حفلاً خاصاً لزيارة معرض الحج المقام في معهد العالم العربي في العاصمة الفرنسية باريس، وذلك لإتاحة الفرصة للمسلمين وغير المسلمين من أبناء المجتمع الفرنسي للتعرف على ما يمثله الحج لأبناء الأمة الإسلامية وتاريخ هذه الرحلة الإيمانية العظيمة. جاء ذلك بحضور رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس, وسفراء الدول العربية والإسلامية في باريس ومدراء المراكز الاسلامية والثقافية وعدد من القيادات الدينية من أتباع الأديان والثقافات الفرنسية. وأقيمت الفعالية في إطار جهود المكتبة لمد جسور التواصل المعرفي بين الثقافة العربية الإسلامية والثقافات الأخرى لما يحتويه هذا المعرض من كنوز دينية وتاريخية وثقافية، بالإضافة إلى التعريف بالجهود الضخمة التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية في خدمة ضيوف الرحمن.
وقد عبر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس عن سعادته لحضور المعرض ووجه شكره وتقديره إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والمملكة العربية السعودية، وقال إن فرنسا تقف جنباً الى جنب بقوة مع تعاليم الدين الإسلامي في رسالته وقيمة المعروفة والهادفة إلى الوسطية والاعتدال والداعمة إلى السلام والمساواة والتراحم والتعايش.
وأضاف: الإسلام هو دين فرنسا الثاني ولنا ولكم أن تفخروا بذلك، وأنا شخصياً أحرص على أن احتفي بوجبة إفطار في رمضان مع المسلمين لأوجه رسالة للعالم مقتضاها أن الدين الإسلامي له مكانة كبيرة في فرنسا ونعلم جميعاً أن فرنسا تقف مع كل الشعوب العربية والإسلامية ونعتبر أنفسنا شركاء لهم. وقدم رئيس الوزراء شكر فرنسا للمملكة ممثلة في مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ولجميع الهيئات المشاركة في المعرض لهذه الفكرة الإنسانية العميقة ورأى في هذا المعرض والذي يترجم عمق رسالة الحج الإنسانية والدينية التي يعكسها المعرض بكل مقتنياته ومعروضاته.
وذكر أن فرنسا ترتبط بعلاقات قوية ضاربة جذورها في التاريخ مع المملكة العربية السعودية في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والدينية، وقال: نحن في فرنسا نفتخر بوجود معرض الحج في باريس، وأشكر الأستاذ فيصل بن معمر وفريق المكتبة والمعهد على هذا الانجاز الحضاري القيم.
ومن جهته رفع المشرف العام على المكتبة فيصل بن عبدالرحمن بن معمر خالص شكره وتقديره لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ما يحظى به الحج والحجيج من دعم ورعاية.
وقدم ابن معمر شكره إلى الحكومة الفرنسية ممثلة في رئيس الوزراء مانول فالس على حضور المعرض، مؤكداً أن معرض الحج يهدف إلى توضيح ما يرتبط بهذه الرحلة الإيمانية من قيم المساواة والتسامح والتعايش الإنساني المشترك، حيث يمثل الحج إلى مكة منذ آلاف السنين ولا يزال عنوان تعايش حضاري وتمازج ثقافي وتكافل اجتماعي لنشر السلام والأمن والمحبة والمساواة بين البشر على اختلاف بلدانهم وأعراقهم .
وفي ختام كلمته قدم المشرف العام على المكتبة فيصل بن عبدالرحمن بن معمر شكره لرئيس الوزراء الفرنسي على حضوره وثمن موافقة الحكومة الفرنسية ومعهد العالم العربي على إقامة معرض الحج في باريس، وشكر جميع المتاحف في أوروبا والمملكة والتي ساهمت مع المكتبة في عرض هذا التراث الإنساني والمعرفي والفني والتعريف بالجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لخدمة الحجاج والعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة.
كما شكر رئيس معهد العالم العربي جاك لانج وسفير خادم الحرمين الشريفين في باريس الدكتور محمد آل الشيخ والملحقية الثقافية السعودية في باريس وجميع الجهات التي أشرفت على تنظيم وترتيب المعرض خاصة الهيئة العامة للسياحة والآثار في المملكة والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وجامعة الملك سعود والمتحف الوطني.
وقد شهد معرض الحج إقبالاً كبيراً من الزوار حيث حظي بزيارة كبيره من الجاليات الإسلامية والفرنسيين والأوروبيين منذ افتتاحه من قبل رئيس الجمهورية الفرنسية بحضور نائب وزير الخارجية ورئيس مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز في 22 إبريل 2014م، ويستمر هذا المعرض حتى 21 شوال 1435ه الموافق 17 أغسطس 2014م, ويضم أكثر من 230 قطعة متحفية تروى تاريخ رحلة الحج على مر العصور وما يرتبط بهذه الرحلة الإيمانية من قيم إنسانية وإسلامية منها (53) قطعة من المملكة العربية السعودية بعضها تعرض لأول مرة.
وتزدان جوانب المعرض بلوحات توضيحية ومعلومات تاريخية وأفلام وصور عن الحج دينياً وتاريخياً وثقافياً، كما تزدان صور المعرض بباقة من الأعمال الفنية والصور الفوتوغرافية لفنانين من مختلف دول الع، استلهمت مشهد الحج والمعاني المرتبطة به، فضلاً عن كتابات الأدباء والمستشرقين التي تناولت هذا التجمع الإيماني الذي يجمع ملايين المسلمين في جميع أرجاء المعمورة، فضلاً عن نماذج من المجسمات للمشاريع الكبرى التي أنجزتها حكومة المملكة العربية السعودية من أجل راحة وأمن وسلامة الحجيج وتيسير أدائهم لمناسك الحج، والتي كان لها أطيب الأثر في تحول رحلة الحج إلى رحلة ميسرة لا تقارن بما كان يتكبده الحجاج من عناء ومشقة في الماضي.
وتتوزع القطع المتحفية والمعروضات في معرض الحج بباريس في ثلاثة مسارات أساسية، يهدف الأول منها إلى التعريف بالحج كركن من أركان الإسلام وما يرتبط به من تراثي إنساني عالمي منذ عهد نبي الله إبراهيم عليه السلام وبناء الكعبة المشرفة، وكذلك التعريف بطرق الحج عبر التاريخ، في حين يركز المسار الثاني على الحج باعتباره تجربة إيمانية وإنسانية عميقة الجذور وشرح مفهوم الحج إلى مكةالمكرمة وشعائر ومناسك الحج وتباين أهميتها للمسلمين في حين يركز المسار الثالث في معرض الحج على مدينة مكةالمكرمة بوصفها مدينة عالمية إلى جانب أهميتها الدينية والتاريخية، مع التركيز على التطور الكبير الذي شهدته مكةالمكرمة خلال المائة عام الماضية من تطور كبير ونقلة هائلة من خلال كم هائل من المشروعات التي قامت المملكة العربية السعودية بتنفيذها لخدمة الحجيج والارتقاء بمستوى الخدمات التي يحتاجونها خلال أداء فريضة الحج كل عام.
وتضم لائحة القطع المتحفية عداً كبيراً من القطع المقدمة من متحف الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ومن المتحف الوطني في الرياض والهيئة العامة للسياحة والآثار ومتحف جامعة الملك سعود وعدد من المخطوطات والكتب والخرائط النادرة التي يتم عرضها بمعرض الحج ضمن المسارات الثلاثة جزء من كسوة الكعبة المشرفة مصنوع من خيوط الحرير الطبيعي المطرز بخيوط الذهب والفضة ولوحة فنية مرسومة تصور الكعبة المشرفة كمركز للعالم، بالإضافة إلى مجموعة من الخرائط لطرق الحج القديمة والتي كان يسلكها الحجاج في طريقهم إلى مكةالمكرمة.
ومن القطع المتحفية الفريدة مؤشر القبلة والمصنوع في القاهرة عام 1582ه من العاج والنحاس والذهب وهو من مقتنيات المتحف البريطاني، بالإضافة إلى مجسم للكرة السماوية بالحفر المقعر يعود تاريخ صناعته في مكةالمكرمة إلى عام 1573م وهو من مقتنيات قسم الخرائط بالمكتبة الوطنية الفرنسية، بالإضافة إلى عدد كبير من الصور الفوتوغرافية والتي تاريخ بعضها إلى بدايات التصوير الضوئي.
ويتصدر مجسم مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمسجد الحرام والجاري تنفيذها حالياً ركن المعروضات التي تبرز جهود القيادة السعودية في هذا العهد الزاهر لخدمة حجاج بيت الله الحرام وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضة الحج، معلومات دقيقة وموثقة عن هذه التوسعة التي تعد أكبر توسعة للمسجد الحرام على مر التاريخ، وتزيد الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام إلى أكثر من مليوني حاج ومصلٍ في آن واحد، حيث تصل مساحة التوسعة إلى ما يزيد عن مليون متر مربع. وتضم قائمة المشروعات الحديثة بمكةالمكرمة، والتي يتم عرض نماذج لها في معرض الحج بباريس مشروع قطار المشاعر المقدسة ومنشأة الجمرات ومصنع كسوة الكعبة ومشروع خيام منى المطورة وساعة مكةالمكرمة والتي تعد أكبر ساعة في العالم.
وقد حرصت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة على إصدار ألبوم صور لهذه المشروعات بغلاف فني بديع على شكل الكعبة المشرفة، لإهدائه لزوار معرض الحج في باريس.
ويضم المعرض إلى جانب المخطوطات والأعمال الأدبية العربية والأجنبية عن الحج، ركناً خاصاً بمقتنيات الحجاج أنفسهم والتي تعود ملكيتها إلى بعض صالات العرض الخاصة والأفراد مثل شهادات أداء الحج والتي كانت تمنح للحجاج في بعض الدول والهدايا التذكارية التي كان الحجاج يحرصون على شرائها خلال مواسم الحج تخليداً لهذه المناسبة، ومنها هدايا صنعت في دول الحجاج أنفسهم، وتعكس مشاعرهم وانطباعاتهم في التعبير عن فرحة الحجاج بأداء فريضة الحج.